في كل عام وقبل يومنا الوطني؛ هذا اليوم الغالي على قلوبنا جميعًا، تأتينا رسائل من بعض الإخوة بهدف النصيحة، ويأتون بفتاوى لبعض المشايخ الذين يرون بأن إقامة اليوم الوطني محرّمة لأنه عيد وبدعة وتشبُّه بالكفار، ولي رأي حول هذه الرسائل والفتاوى: أولا: أننا لو افترضنا أنّ إقامة اليوم الوطني بدعة ومنكر؛ فإن من شروط إنكار المنكر أن لا يؤدي إلى منكر أعظم منه، وأي منكر أعظم من إرسال مثل هذه الرسائل التي تساهم في تأليب الناس على ولاة الأمور، وتغذية الأفكار إلى التطرف والتّشدد، ورسم صورة للدولة في أذهان النّاس وكأنها خالفت الشرع بسبب فتاوى اجتهد فيها بعض العلماء لأفعال قد رأوها في بعض الأقطار التي كانت تقيم اليوم الوطني؛ ورأيي في هذه الفتاوى مع حبي وتقديري لمن أفتى بها ليست وحيًا من الله منزلاً بل هي فتوى في مسألة عصريّة اجتهاديّة؛ وكل يؤخذ منه ويرد، يقول ابن عبدالبر -رحمه الله تعالى- (ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم). ثانياً: البدعة في الدين هو إحداث عبادة يتقرب بها العبد إلى الله كأن يخصص صلاة مخصوصة أو صيام مخصوص أو ذكر مخصوص لم يرد فيه نص لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ هذه هي البدعة أمّا اليوم الوطني فهو عادة من العادات الحسنة نتذكر فيه نعم الله علينا، ومنجزات الوطن، وأن نوصي أنفسنا ومن حولنا للمحافظة على أمنه واستقراره ومكتسباته. ثالثاً: القول بأن إقامة اليوم الوطني هو تشبه بالكفار ومن تشبه بقوم فهو منهم، هذا القول جانب الصواب لأن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (من تشبَّهَ بقومٍ فَهوَ مِنهم) لا يؤخذ على إطلاقه وإلا لحرمنا السيارة والطائرة والصناعات لأنها من عند الكفار، فمعنى حديث (من تشبه بقوم فهو منهم) كما شرحه العلماء هو أن يتشبه المسلمون بما هو من خصائص الكفار كأعيادهم الدينيّة، أو أن يتشبهوا بهم تعظيمًا لهم وحبًّا فيهم أمّا أن يقيموا يومًا وطنيًّا أصبح من المشتركات بين الأمم والدول، كل دولة تضع بصمتها عليه وتقيمه المملكة العربيّة السعوديّة وفقًا لقيمها وتقاليدها؛ فهذا مباح، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم تخالف الشرع.