عندما يولع رجل بالصحراء حتى تكون جزءاً من عشقه وحياته، فلا غرابة أن يكون حديثه عنها متعة لمجالسيه، والصحراء بطبيعتها تورث الحكمة والروية وصفاء الذهن لبعدها عن صخب المدن وضجيجها، وتتسع المتعة أكثر مع من يتعامل مع الصحراء بعين الباحث في أسرارها التي لا تنتهي ومناهلها التي لا تنضب وخفاياها التي تتجدد، والأستاذ محمد بن سليمان اليوسفي رجل جمع بين فضول الصحفي وصبر الباحث وإصراره على الوصول إلى ما يمنح قارئه المتعة والفائدة. وقد انطلق اليوسفي بعدسته الجميلة قبل عامين في رحلة برية ممتعة من خلال كتابه الأول (رحلات برية) الذي حشد به كثيراً من الأخبار واللقاءات والصور والأخبار، ويبدو أن ردود الفعل الإيجابية كانت بمثابة المحرض على مواصلة المشوار حول موضوع لا يقل جمالاً ولا يبتعد عن سابقه، حيث بذل جهداً طيباً في الحديث عن الطيور تحت عنوان (الطيور المهاجرة والبرية)، إذ كان الحديث ليس من باب السرد العادي إنما العناية بالكتاب كمرجع جيد لمن أراد الاطلاع على أحوال الطيور وحالاتها أثناء ممارستها لرحلاتها السنوية والخصائص والسلوك والعادات لكثير منها ومواطنها وأماكن مرورها والموجود منها في أرض المملكة العربية السعودية. وقد رأى اليوسفي إصدار سلسلة من عشقه الجميل (الصحراء) تحت عنوان رواد الصحراء، وقد أصدر المؤلف مؤخراً كتاباً لا يقل جمالاً وعناية وجهداً عن سابقيه بعنوان: (حبائل الصحراء)، حيث بذل ما يدل قارئه على حرص المؤلف أولاً على أمانة النقل التي انعدمت عند بعض من لا يهمهم إلا أن ينسب إليهم ما لم يتميزوا به حيث السطو الواضح الذي ينبئ أنهم أقل علماً وفضلاً من أن يستطيعوا البحث والتقصي، أما اليوسفي فقد سرد ما لا يقل عن مئة وثلاثين مرجعاً بالإضافة إلى الهيئات الرسمية والعامة والشخصيات والأفراد الذين كان لهم دور في المعلومة وهذا ما يسبب للكتاب والمؤلف.ويعد الكتاب مرجعاً موثقاً حول كثير مما تنطوي عليه الصحراء من مخاطر كالنباتات السامة وأنواعها وبعض طرق الوقاية منها مع صور واضحة لكل نوع وحيوانات الصحراء وآفاتها وأمراضها وأخطارها والحديث عن المسالم منها والمفترس، والزواحف والحشرات وأسمائها، ولم يفت المؤلف الحديث حول الأخطاء والممارسات والسلوكيات لمرتادي الصحراء كعدم الاهتمام بالإسعافات الأولية، أو نقص المياه الذي يؤدي عادة إلى كثير من المآسي، ولم يغفل مؤلف الكتاب عن ذكر كثير من الإحداثيات لكثير من المواقع البرية التي تستحق الذهاب إليها، وقد اتضح ما بذله الأستاذ اليوسفي في كتابه من جهد غير عادي، إذ يعد الكتاب مرجعاً جميلاً لكل من يهمه أن يطلع على ما لم يطلع عليه من أخبار وأسرار الصحراء، فشرا له على كتاب مؤلفه ونحن أصحابه. [email protected]