في المعاناة والتجارب الحيَّة.. وفي مفارقات الواقع يكمن جوهر الشعر وسحره الحقيقي وتحديه ولذته. هذا ما يؤكّده الشاعر عدنان الصايغ الذي أشار إلى أن قوة الشعر وبهاءه لا يتأتى من القراءة فقط رغم أهميتها الكبيرة، بل بالانغماس في الحياة وتجربتها الباهرة. وقال الصايغ: أتوقف قليلاً عند بعض محطات سيرتي فأراني طالباً تحمله جموع الطلبة إلى باب متوسطة الكوفة احتفالاً بفوزه بالجائزة الأولى في مسابقة الشعر لكنهم بعد أن يخرجوا من الباب سيتركونه وحده وينسلون إلى بيوتهم. جندياً ينتقل بين المعسكرات البعيدة.. ويعيش لعامين في اسطبل مهجور للحيوانات. محرراً صحفياً في جريدة القادسية ومجلة حراس الوطن شاعراً تلاحقه جريدة بابل.. وجريدة الزوراء وتضعه على قائمة المرتدين. شاعراً تلاحقه بعض النصال والإشاعات. شاعراً يتسكع في أصقاع السويد متأبطاً منفاه.. ونشيده الملتاع.. وسخرية المرة. كنت أقول لنفسي: كيف يمكن أن تغيّر ذاكرتك التي تحمل أربعين عاماً من شواء الشمس والرمل والحروب والمكابدات والقهر لتتكيف مع هذا الصقيع الذي يلفك من جهاتك الأربع في هذه المدينة الثلجية النائية النائمة على كتف القطب الشمالي. في أحد أيام الربيع أدخل غابة الكتاب في أحشاء الغاية السويدية الحالمة.. أتتبع دورة الحياة: وكتبت: أتمشى وحيداً في غابة الكتاب لم يكن في جيوبي قلم ولا ورق ولا بطاقة انتساب كأني حرف والعصافير سطور والشجر المهسهس في الريح أوراق