كم هو شرف عظيم عندما تتذكر أنك من هذه البلاد الطاهرة وهذه الأرض الطيبة أرض الحرمين الشريفين منبع الرسالة المحمدية، وكم هو الفخر لأبناء هذه الدولة التي يحكمها رجال يولون الدين الإسلامي جلّ اهتمامهم وخاصة الأماكن المقدسة حفظها الله ورعاها، ومنحوا جميع المدن والمحافظات والقرى ومن يقوم عليها الصلاحيات في بناء المساجد وعدم التوقف لكي يسهل على مواطني المملكة في كل مكان الوصول للمساجد وأداء العبادة فيها بكل يسر وسهولة، وقد شجعوا كل من أراد الخير في بناء مسجد ومنحوه الأرض والتسهيلات اللازمة، هذا بطبيعة الحال نعمة عظيمة نسأل الله أن يديمها وأن يجزي قادتنا كل خير، فالمتطلع لحال البلدان الأخرى ومعاناة وجود أماكن للصلاة، يحمد الله تعالى أنه وُلد على هذه الأرض الطاهرة إن شاء الله، ومن جهة أخرى نرى أيضاً الاهتمام الكبير بجمعيات تحفيظ القرآن الكريم ودور الرعاية الاجتماعية ودور الأيتام وغيرها وغيرها الكثير مما تؤكد إنسانية قاطني هذه الأرض والتراحم فيما بينهم، وكذلك الاهتمام بدينهم وإيجاد كل السبل التي تخدم شعب ووافدي هذه الأرض من المسلمين .. ومن هذا المنطلق قادتني مخيلتي لتصرفات البعض وأؤكد البعض من قارئي الرقية الشرعية من المشايخ الكرام الذين يمارسون هذه القراءة إما في منازلهم أو في المساجد، وأردت أن أوجه لهم رسالة من القلب أخوية من أخ يصغرهم يعيش معهم على أرض الأخوة والمحبة والسلام، راجياً أن يكون فيها الفائدة إن شاء الله تعالى. إنّ كل بيت في المملكة العربية السعودية لا بدّ أنّه قد مر عليه احتياجه لزيارة أحد المشايخ لحاجته للرقية الشرعية، والأمراض في هذا العصر تنوّعت إمّا نفسية أو مس من الجن أو خلافه، مما أوجد الكثير من هؤلاء القراء في مناطق المملكة، وتختلف شهرتهم حسب إمكانيات كل واحد منهم في هذا المجال فتجد أن البعض منهم أصبحت تلك مهنة رسمية له نظراً للدخل الذي يجنيه نظير تلك الجلسات التي يقضيها مع مرضاه نسأل الله أن يشفيهم جميعاً، والبعض الآخر هي دخل إضافي له والقلّة من هؤلاء لا يقبض نظير قراءته أجراً، حيث ينشد الأجر من المولى عز وجل .. ومن هنا أود أن أسجل ملاحظات حول من تزدحم بيوتهم والمساجد التي يصلون بها في تعاملهم مع من يقفون في تلك الطوابير ينشدون العلاج، حيث لوحظ كثرة تعصبهم وردهم لمن يحتاج إليهم بالرغم من علمه بأن هذا المريض - وقد يكون مسناً أو امرأة قطعت مسافات طويلة - محتاج إليه وبمقابل مادي أيضاً، فتذمّر البعض من هؤلاء المشايخ هداهم الله من مرضاهم أمر مستغرب، حيث إنّ المعروف لدينا بأنّ هذا العمل في بدايته وحسب علمنا بأنّه جاء تطوُّعاً فأصبح بعد مرور وقت طويل مهنة تدر على صاحبها الكثير أنسته مهنته الأصلية، ولا ننكر بأنّ الكثيرين قد شفاهم الله على يد بعض هؤلاء الشيوخ، فلماذا التذمر وجعل المرضى في بعض المناطق يلاحقونكم لعله يحظى ببعض الوقت معكم. ومن جهة أخرى انتقل للجيران لهذا الشيخ، كم من الإزعاج سيواجهون حيث تصطف السيارات أمام بيوتهم وجميعهم ينتظرون دورهم عند هذا الشيخ، وكم من الإزعاج لمرتادي المسجد الذي تقف أمامه السيارات التي تمتلىء بالنساء والأطفال بانتظار العلاج. كذلك لوحظ عدم حفاظ هؤلاء الشيوخ على سرية ما يحصل عليه من معلومات عن مرضاه، حيث تجد أنّه يذهب هنا وهناك ليحكي حكاياته مع هذا المريض وذاك وبالاسم والشكل واللون، وهذا هو الخطأ بعينه حيث إنّ هذا المحتاج لم يأت إليك إلاّ والثقة تملأ مخيلته عنك بالحفاظ على سرية معلوماته ومرضه فالتباهي بإنجازاتك أيها الشيخ الكريم مع مرضاك اجعلها لك نوراً يوم الحساب ولا تتباهي بها أمام البشر الذين لن ينفعوك. لعلني هنا أتساءل ما المانع أن يكون لدينا (مجمع) كبير تتكفل ببنائه الدولة أو رجال الأعمال الخيرين يتم تصميمه بالشكل الذي يتناسب مع عمل هؤلاء الشيوخ على أن يحتوي على مكاتب مجهزة لمن اعتمدتهم الدولة في الرقية الشرعية يتجه إليه الناس المحتاجون لذلك ويكون دوامهم رسمياً ومنظماً وتحت رقابة الدولة حفاظاً على المجتمع ممن يستغل هذه المهنة في الشعوذة والتلاعب بالناس لسلب أموالهم، حيث إنّ المحتاج للقراءة يتجه لهذا المجمع وهو مطمئن من شرعية ونظامية الشيخ الذي سيتجه إليه. هي رسالة أردت بها خيراً وأسأل الله أن يديم على بلادنا نعمة الإسلام وأن يشفي كل من به سقم.