ما أكثر أسماء الموتى التي تنشرها الجزيرة ولكن بأي عبارة أبتدئ لأسوغ أسطري في رحيل والدي.. ودموعي تسابق حروفي في رثائه.. من أين أبدأ وبأي كلمة سأنتهي! ماذا عساي أن أقول؟ والحزن نال مني ما نال.. عندما أبكي فقد بدا لي الحزن والفراق صديقين لا يفترقان.. أطوي بهما صفحة البكاء ليبدأ من جديد صرف الرثاء! رثاء أبي.. ومعلمي وصديقي.. ولكن ليس رثاء حبي لأن حبي لك لم يمت.. فهو حولك يراقبك.. ويبقى بقرب قبرك عندما أبكي أبي فلا مكان للكرامة؟ ولا للشدة مكانة. آه.. لقد تاهت الكلمات.. وخنقت قلمي العبرات رحل الأب.. المعلم.. والصديق الحبيب.. رحل الإنسان وانطفأ برحيله النور الذي يضيء لي دروب العتمة والظلام. آه.. كم هي مريرة لحظات الفراق.. فراق ليس كأية فراق..فراق الأحبة.. فراق الأب لأبنائه.. فراق المعلم لطلابه.. فراق المحب لأحبابه. أبي.. لست وحدي الحزين لفراقك.. فقد حزن لفراقك البعيد قبل القريب.. وحزن لفراقك طلابك فبرحيلك افتقدنا بحر العطاء الذي دائماً ما يجود.. أبي افتقدتك أنا.. افتقدت عطفك وحنانك.. افتقدت نصحك وإرشادك.. افتقدت حسك ودعاءك.. افتقدت صوتك الشجي الذي دائماً ما يوقظني من نومي لأداء صلاة الفجر مع الجماعة. أبي افتقدت تلك الابتسامة التي أعياها المرض والتي كنت أرى فيها أملي في الحياة. أبي.. أعذرني فقد بكى لرثائك قلمي وخانتني عباراتي ولم أستطع أن أوفيك حقك أبي.. لكن عزائي الوحيد على فراقك هو ذلك الحشد المهيب وتلك الجموع الغفيرة التي أتت للصلاة عليك وتشييع جثمانك الطاهر وألسنتها تلهج بالدعاء لك.. سائلاً المولى العلي القدير أن يتقبل منهم وأن يجزيهم خير الجزاء.. كما أسأله جلت قدرته أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة وأن ينزلك منزلة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالله العون