هناك اتفاق عام على أن قليلاً من الغيرة بين الزوجين يضفي نكهة على زواجهما، وتجعله أكثر رومانسية, حيث إن الغيرة مكون رئيسي من مكونات الرومانسية بين الزوجين، والغيرة غريزة في بني الإنسان رجالاً ونساءً، فبدونها يصبح الإنسان عديم الإحساس غير مبالٍ، وبالتالي غير رومانسي لكن حين تزداد الكيلة وتنقل الغيرة من مستواها الطبيعي المطلوب، وتصبح حالة مرضة، فإنها تكون مدعاة لظهور المشاكل بين الزوجين على وجه الخصوص. إحدى الزوجات ممن قدمت لهن بعض التوجيهات والإرشادات حول مشكلتها في غيرتها على زوجها، تقول: أقضي كل يومي أفكر في هذه القضية، وكرست لها كل الوسائل والسبل في التأكد من أن زوجي لا يخونني أو يعاكس، فوضعت جهاز تسجيل المكالمات للهاتف الثابت، وكل شهرين تكلف أخوها الأصغر باستخراج فاتورة لجوال زوجها عن طريق أحد أصدقائه في الاتصالات. وكل يوم تقوم بتقليب جوال زوجها باستعراض الأرقام الصادرة والواردة والتي لم يرد عليها اضافة إلى الرسائل وعند خروج العائلة الى السوق أو أحد المتنزهات غالباً ما تتبع حركاته وسكناته وحركة عينيه، حتى إنها لا تشعر بأي متعة لانشغالها بمتابعته، وحين يخرج من المنزل بمفرده فإنها تعيش حالة نفسية لا توصف لتفكيرها الدائم بما قد يعمله دون علمها. والشاهد من هذه القصة هي النهاية التي آلت إليها حيث انها كانت تتحدث معي بعد استلامها لورقة طلاقها في الوقت التي شعرت فيه بالندم، لكونها كانت سبباً في حصول الطلاق. ان الغيرة المرضية.. وهي مرتبطة بعقدة الشك - هي نتاج عوامل عدة، لعل من أهمها التربية الخاطئة في مرحلة الطفولة والمراهقة اضافة إلى الاستماع والتصديق بما تسمعه الزوجة.. قبل زواجها.. من صديقاتها وقريباتها، حول فكرة خاطئة تتمثل في الحفاظ على الزوج. في الجانب الآخر يحدثني سائق لموزين سعودي - حين علم أني اخصائي نفسي - عن شكه الدائم في زوجته، وذلك لمدة سنتين، حيث كان يقضي خمس ساعات بالقرب من المنزل، حين يخرج للعمل فهو يترك عمله - في بعض الأيام - ويترصد امام منزله لانتظار زائر خفي يدخل لزوجته بعد خروجه. يقول هذا الشاب انه لمدة سنتين لم يلاحظ أي سلوك مشين على زوجته، لكنه ما زال يشك انها تخونه. والغريب في القصتين ان تبرير اصحابها هو أن الدافع من ذلك هو الحب، لذا فحن نكون صادقين حين نقول إن (ما زاد على حده انقلب إلى ضده). اما عن علاج هذه المشكلة أو لنقل هذه الحالة المرضية فهو يتمثل في التفكير الايجابي في الطرف الآخر، اعطاء الثقة للطرف الآخر، حتى يظهر ما يدل على الخيانة أو المعاكسة بطريقة واضحة وصريحة، ثم التفكير في عواقب الأمور والتي من أهمها الطلاق واخفها المشكلات اليومية بين الزوجين. اضافة إلى ذلك لا بد ان يفهم الزوجين ان عقد الزواج الذي بينهم لا يعطي لاي منهما الحق في التدخل في خصوصيات الآخر، ثم إن هذا العقد ليس عقد بيع وشراء بل هو عقد مودة ورحمة وتفاهم، لذا يخطئ من يعتقد - وخصوصاً الزوجات - انه بمجرد توقيع عقد الزواج قد امتلك الطرف الآخر، وأصبح أحد ممتلكاته، كنت أسأل إحدى الأخوات التي تشتكي من غيرتها على زوجها، واقول لها، لو قام زوجك بطلاقك اليوم وبعد أسبوع رأيته مع امرأة أخرى وتأكد لك أنها ليست زوجته بل هي حبيبته، فماذا ستعملين؟ وكان جوابها لن أعمل شيئا فلا دخل لي به بعد ان طلقني. فقلت سبحان الله هل هذه الورقة (عقد الزواج) هي المعيار في جعل الحياة مليئة بالمشاكل بسبب الغيرة المرضية وبين النظر إليه مع صديقة أو حبيبة دون ان تتحرك فيك أي مشاعر! لهذا فنحن نقول دائماً إن الغيرة المرضية وسيلة فاعلة للطلاق السريع. [email protected]