إن المتأمل في سيرة السلف الصالح وكيف كان اعتقادهم في ولي الأمر وضرورة المبايعة والسمع والطاعة له ليعجب من حالهم مقارنة بحال تلك الفرق التي ضلت ضلالا بعيدا، فإن الله في محكم التنزيل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمر مِنكُمْ}. فلقد أجمع أهل السنة والجماعة على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف سواء كان ذلك في الواجبات أو السنة أو المندوبات أو المباحات أو الأمور الاجتهادية والعادات والأعراف وغير ذلك مما لا يخالف الشرع، ثم إن طاعتهم في غير معصية الله - عز وجل - وإن طاعتهم بالمعروف ديانة لله - عز وجل - يبتغي بها الأجر والثواب من الله ويكون طاعته في المنشط والمكره والعسر واليسر وفي الأثرة علينا. وإن من واجبات السمع والطاعة الاجتماع على ولاة الأمر ووحدة صف الرعية معهم وإعانتهم على الخير. وجمع الكلمة وعدم التنازع والاختلاف عليهم، ويشرع الدعاء لهم بالصلاح والتوفيق ونصرهم للدين ونصرهم بالدين ونحوه. ولا يجوز الدعاء عليهم أو سبهم أو غشهم أو بغضهم ونحو ذلك. قال الحافظ أبو إسحاق السبيعي: (ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره). وقال الإمام أحمد: (لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان)، وقال أيضا: (إني لأرى طاعة أمير المؤمنين في السر والعلانية وفي عسري ويسري ومنشطي ومكرهي وأثرة علي وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار والتأييد وأرى ذلك واجبا). ويجب الصبر عليهم وعدم جواز الخروج عليهم وإن بلغوا في الظلم مبلغا عظيما وما لم يظهر منهم كفر بواح عندنا من الله فيه برهان يقيني، ولا يجوز إثارة الفتن حولهم أو الكذب عليهم أو التدنيس أو الاختلاف عليهم. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني) متفق عليه. اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن واحفظ علينا ديننا وأمننا يا حي يا قيوم. (*)مدير إدارة التوعية والتوجيه بهيئة عرجاء