إن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى كما قال سبحانه (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، ومن النعم التي امتنّ الله بها علينا في بلادنا المباركة نعمة الاجتماع والترابط، والألفة والتراحم، بعيداً عن الشقاق والتنازع والفرقة والاختلاف. ومن صور هذا الاجتماع وعدم الفرقة البيعة الشرعية لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله تعالى -، فنحن نبايعه ونجدد له البيعة على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره بيعة شرعية ندين الله تعالى بها ونتقرب بها إليه. إن السمع والطاعة لولي الأمر قاعدة من قواعد الدين وأساس عظيم من أسس شريعة الإسلام، فقد قرنها الله تعالى بالسمع والطاعة له ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وأمر تعالى بالاجتماع على ولي الأمر والتحذير من الفرقة والاختلاف عليه قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا).، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه (حبل الله: الجماعة) ، وجعل رسول الله عليه الصلاة والسلام طاعة ولي الأمر من طاعته، ففي الحديث الصحيح ( ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني) وبيّن عليه الصلاة والسلام أن إجلال ولي الأمر واحترامه وتقديره من إجلال الله تعالى وتعظيمه، ففي الحديث الصحيح (إن من إجلال الله تعالى.... وإجلال السلطان المقسط الموفق). والبيعة الشرعية من السمع والطاعة لولي الأمر مطلب شرعي بها تجتمع الأمة وتتآلف القلوب وتتحد الكلمة باجتماعها لولي أمرها، ففي الحديث (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) وقد أخذها عليه الصلاة والسلام على أصحابه فبايعوه وأطاعوه. ونحن من هذا المنطلق الشرعي والأساس العقدي نجدد البيعة لولي أمرنا على السمع والطاعة ونعتقد أنها بيعة شرعية لا يحل نكثها ولا يجوز نقضها، دونها رقابنا وأموالنا وأهلونا، إن للبيعة حقوقاً لابد من الوفاء والعمل بها، ومن ذلك الطاعة لولي الأمر بالمعروف عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني). وكذلك التوقير والتقدير والاحترام. إن توقير الولاة واحترامهم من السنة ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من إجلال الله - تعالى - إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط). وتوقير السلطان وتقديره من أسباب نشر الأمن في الناس والطمأنينة، وإذا تجرأ الناس على السلطان بعدم التقدير والتوقير تجرؤوا عليه بالفعل والقول، مما ينشر الأحقاد المتبادلة ويورث الضغائن، التي تؤول إلى نشر الفتن. وكذلك النصيحة والنصرة ومعاونته على البر، إن النصح للمسلم أمر واجب، والولاة من أولى الناس بذلك، ففي الحديث عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة" - قالها ثلاثاً - قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم) ." ومن حقوق البيعة الدعاء له بالصلاح والتوفيق، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: (لو أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للإمام؛ لأن به صلاح الرعية، فإذا صلحت أمنت العباد والبلاد)، ويروى مثل هذا عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى. أسأل الله تعالى أن يوفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأن يعينهم ويحفظهم وينصرهم وينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته. * أستاذ الدراسات العليا جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمدرس بالمسجد النبوي