وزير الدفاع عامير بيرتس، لا ينوي لعب دور الضحية، هو لن يسمح بتحميله كل إخفاقات حرب لبنان الثانية. بيرتس ابتلع الانتقادات خلال فترة طويلة، ورفض الرد عليها، هنا وفي أول حديث له منذ الحرب، سيضع الأمور على الطاولة بصورة لا تقبل التأويل: مسئولية الحرب مُلقاة على عاتق كل رؤساء الوزراء ووزراء الدفاع وأعضاء المجالس الوزارية الأمنية المصغرة وكل من أدار الدولة خلال السنوات الست الأخيرة. بيرتس لا يشعر أنه ضحية، ولكنه يعتقد أن هناك تسامحا غير مفهوم تجاه من كان عليه أن يُعد ويُدرب ويُجهز الجيش مقابل التشدد المفرط تجاهه. بيرتس مازال يعتقد أن وزير دفاع مدني هو مسألة صحيحة، ذلك لأن كل إنسان عاقل يدرك أن الوضع في الشمال لم يبدأ من اليوم. قرار تقليص التدريبات العسكرية اتُخذ من قبل أشخاص ذوي خبرة أمنية كبيرة، ومثلها سياسة غض الطرف وتقليص التناسب بين أذرع الجيش المختلفة. يرفض بيرتس إعطاء أمثلة عن الخطط العسكرية الخاطئة خلال الحرب، وقلة التجهيزات اللوجستية الأمر الذي كان يضطره إلى إلغاء بعض العمليات المعروضة عليه للمصادقة. - من المذنب إذا في إخفاقات هذه الحرب؟ نحن شعب اعتاد على الانتصارات المطلقة، في مثل هذه الحالة يكون الذنب مسؤولية طويلة، كانت هناك نظرية مسبقة امتدت لسنوات، وهي مُلقاة على كاهل من بلوروا هذه السياسات عبر السنين، وليس على من قاموا بتفعيلها. أنا أؤيد أي إجراء يؤدي إلى معرفة الحقيقة وأي لجنة، على أن تعود ست سنوات إلى الوراء على أقل تقدير من الانسحاب من لبنان، ذلك لأنهم لو ردوا بصورة حازمة على عملية الاختطاف الأولى في عام 2000 لما وصلنا إلى عملية الاختطاف الأخيرة. هل يتوجب أن يستقيل رئيس الأركان؟ لا. وماذا عن أولمرت؟ رئيس الوزراء حسب رأي بيرتس، أدى دوره خلال الحرب بشفافية مطلقة، وتعاون مع كل الأطراف ذات العلاقة، والعمل المشترك بينهما كان جيدا، وعموما لا يوجد سبب يدعو رئيس الوزراء للخوف من لجنة تحقيق رسمية، حسب رأي بيرتس. بيرتس لا يعتقد أن الأصوات الداعية لتحميله المسئولية قد تعالت من محيط أولمرت، ولا من ديوان رئيس الأركان. - وأنت، ألم تخطئ خلال هذه الحرب؟ أنا لا أستطيع ذلك، ولكني أقول: إنني أنا الذي حددت المهمة الأولى المتمثلة في ضرب منظومة الصواريخ بعيدة المدى. تأثيري على مجريات المعركة كان إيجابيا، وأنا راضٍ عن الخدمة التي قدمتها لإسرائيل في منصبي هذا. بيرتس ينفي أن يكون تحديده لهدف الوصول إلى الليطاني غاية بعينها، ويقول إن ما أراده هو السيطرة على مواقع إطلاق الصواريخ وليس على الأرض. هو على قناعة أن الستين ساعة الأخيرة هي التي تسببت في إخراج قرار مجلس الأمن 1701 إلى حيز التنفيذ. إرسال القوات البرية في عملية واسعة هو الذي غير كل الصورة، حسب اعتقاده. - ولماذا لم يتم إيقاف العملية بعد صدور قرار مجلس الأمن؟ مطالب الجيش والوضع على الأرض هي التي فرضت ذلك، كما كانت هناك حاجة للتأكد من قبول الحكومة اللبنانية وحزب الله للقرار. - هل تتفق مع ما يدعيه جنود الاحتياط بأن المستوى السياسي منع الجيش من الانتصار؟ الأمر الوحيد الذي أوقفه المستوى السياسي كان قصف البنى التحتية في لبنان. - كيف تنظر إلى نتيجة هذه الحرب، هل هي انتصار؟ أنا أعتقد أن هذه الكلمات ليست واردة في الحرب ضد العصابات. التنظيمات الإرهابية تواصل رفع الراية حتى لو بقيت لديها خلية واحدة، لقد حققنا انجازات مهمة جدا ستؤدي إلى تغيير الوضع في المنطقة على المدى الإستراتيجي، ولكن إذا كانت الحالة المزاجية في الدولة غير مرتفعة، فذلك نابع من عدم إعادة الجنود المخطوفين، هذه المسألة تلقي بظلالها على كل إنجازات العملية. يقول بيرتس: إن الدولة التي لا تملك جدول أعمال سياسي هي دولة بلا أمل: (أنا أعتقد أنه من الواجب الشروع في إجراء اتصالات سريعة مع الجهات الفلسطينية بحيث يكون إطلاق سراح جلعاد شاليط دافعا لاستئناف العملية السياسية. يتوجب أيضا أن نتحقق من إستراتيجيتنا تجاه سوريا. موقفي هو أنه عندما يقول زعيم عربي أنه لا يخشى الحرب، فعلينا أن نفهم من ذلك العكس تماما، أي أنه ربما يدعو إلى الشروع في عملية سياسية. (ليس هناك أي سبب للخوف من مقولات كهذه تجاه السوريين، هي لا تُقال من منطلق الخوف أو الضعف. نحن أقوياء بدرجة كافية، ولدينا كل الردود على أية محاولة هجومية من قبلهم. يجب اعتبار المفاوضات المستقبلية معهم إمكانية يتوجب إعدادها، هذا يجب أن يحدث بتنسيق كامل مع الأمريكيين، وبالطبع في ظل تغيير الأجواء في الدولة فقط، وفي كل الأحوال، يتوجب أولا دفع المفاوضات مع الفلسطينيين والبدء في تغيير الأجواء في الشرق الأوسط. حقيقة أن خطة الانطواء قد شُطبت تُعيد عملية المفاوضات إلى أفضليتها على الخطوات أحادية الجانب). - هل الأنباء التي تتحدث عن وجود اتصالات بينك وبين باراك من أجل بناء محور مشترك صحيحة؟ + لم تجرِ بيني وبين باراك أي اتصالات. - أما زلت ترى نفسك مرشحا لرئاسة الوزراء على خلفية علاقاتك الصعبة داخل الحزب وتحطم مكانتك الجماهيرية؟ بالتأكيد، اليوم أكثر من السابق، بعد العاصفة الكبرى التي مررت بها في الفترة الأخيرة وواجهت معضلات معقدة بالنسبة لدولة إسرائيل، أصبحت رؤيتي للأمور أكثر وضوحا، أنا قادر أكثر من الآخرين على توقع المخاطر التي قد تصيب دولة إسرائيل. اليوم تعزز رأيي أيضا بأن إسرائيل لا تستطيع أن تتملص من الجمع بين الراية الأمنية والراية الاجتماعية. عوامل المناعة الوطنية تشمل في داخلها قيمة الإنسان، الثروة البشرية، والقدرة الردعية والأمل بالسلام، أنا أرى نفسي كمن سيقود حزب العمل لإخراجه من الأزمة وإعداده للمنافسة كبديل للحكم. - ما تقوله في الواقع هو أن هذه الحرب الصعبة تحديدا، والتي قال 3% من الجمهور في الاستطلاعات التي نشرت هنا قبل أسبوعين فقط أنهم يعتبرونك ملائما لمنصب وزير الدفاع، و1% يرونك مرشحا لرئاسة الوزراء هذه الحرب بالتحديد حولتك إلى شخص أكثر جدارة لرئاسة الوزراء؟ نتائج الحرب لم تترسخ في الوعي القومي بعد، ولكن بسبب النواقص تحديدا أعرف اليوم أين يتوجب علي أن أُركز، والوعي عندي قد نضج بعد الحرب. وأنا أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من الوقت حتى يتمكن الناس من استيعاب ما حدث. - هيا بنا نقوم بتدريب ولنسأل كيف كنت ستسوق نفسك للجمهور لو كنت اليوم مرشحا لرئاسة الحكومة؟ كنت سأسوق الحقيقة كما هي، أصف المصاعب والمعطيات التي سأواجهها والصعوبات التي مررت بها كوزير للدفاع، وأقول الحقيقة فقط وأؤكد أنني ما زلت متمسكا بقناعاتي الاجتماعية، وأنني قبلت المنصب من خلال الشعور بالمسئولية الوطنية، وإنني أنوي الآن البرهنة على أن الجمع بين الأمن والرؤية الاجتماعية والمدنية هو الأمر الصحيح. يديعوت أحرونوت 8-9-2006