قال تعالى وهو أصدق القائلين: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} (آل عمران: 185). وقال الشاعر: الموت باب وكل الناس داخله يا ليت شعري بعد الموت ما الدار إذن هذه حقيقة يفترض أن يعلمها كل إنسان في هذه الدنيا ولا ينساها أو يتناساها في أي لحظة من حياته، الأمر الذي يجعله ملتزماً بأداء واجبات الدين والدنيا بشكل سليم ومتَّزن، غير مقتر ولا مفرط، مؤدياً الحقوق لأهلها ومُعرضاً عن كل ما يجرح إيمانه. إن أي إنسان لا بدَّ أن يمر بتجربة قاسية جداً في حياته يفقد فيها عزيزاً أو صديقاً أو حتى من لا تربطه به أية رابطة فتغمره مشاعر الحزن، وتتفاوت قوة هذه المشاعر حسب الصفات الشخصية للفقيد على الرغم من وجود شعور مشترك واحد هو ألم الفراق. لقد حزنت كثيراً (كغيري من محبي الفقيد) حين سمعت بنبأ وفاة الدكتور محمد بن حسن الجبر، ذلك الإنسان العَلَم في علمه وأخلاقه وإدارته وإخلاصه لوطنه. لقد عرفته - رحمه الله - خلال الفترة القصيرة التي أمضاها في مصلحة الجمارك، وهي أربع سنوات فقط من خدمتي بالجمارك البالغة 35 عاماً. لقد كان شهماً ذا أخلاق راقية جداً وأميناً ومخلصاً لعمله وذا علم غزير، عادلاً بين الجميع، يضفي على جميع من يعمل تحت إدارته المحبة، ولهذا وللصفات السابقة يلتزم الجميع بالأداء المميز عن طيب خاطر وقناعة، هذا ما عرفته عن كثب عنه رحمة الله رحمة واسعة، وما سمعته عنه من الكثيرين قبل ذلك وبعده. أسأل الله العلي القدير له المغفرة والرحمة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}