الموت في هذه الدنيا حق ووعد على كل نفس، قال تعالى في سورة آل عمران آية (185): (كُلُ نفسٍ ذائقةُ الموت وإنما تُوَفون أُجوركم يوم القيامة فمن زُحزِحَ عَنِ النارِ وأُدخِلَ الجنةَ فقد فاز وما الحياةُ الدنيا إلا متاعُ الغرورِ). ولأننا بشر نتكون من مجموعة من المشاعر والأحاسيس، فإن خبر فقد قريب أو صديق أو عزيز ينتابنا بسببه حالة شديدة من الحسرة والحزن، فالموت عادةً ينهي حياة شخص الميت فقط ولكنه لا يقطع حبل الذكريات بل إنه يزيدها ألقاً وتوهجاً وحضوراً ويجعل فارسنا المترجل حاضراً في حياتنا اليومية فبذلك يتضاعف الشعور والاحساس بالفقد والفراغ. فمعالي الاستاذ الدكتور عبد الإله باناجه رحمه الله قد شاع اسمه في مواقع شتى تقلدها في حياته العملية فيها أجزل العطاء وأفاض إبداعاً وملأ محيطه فيها عذوبة معشر ونقاء إنسان. فقد شاع اسمه بداية أكاديمياً وعالماً في تخصص علم الأحياء ورئيساً للقسم وعميداً لكلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ثم وكيلاً لها مروراً بعضوية مجلس الشورى السعودي مع بداية تكوينه لأكثر من فترة وأخيراً بإدارة جامعةٍ عريقةٍ هي جامعة الطائف لثلاث فترات متتالية حقق فيها معاليه للجامعة سمعة وإنجازات وقفزات كبيرة في كافة الميادين الأكاديمية والعلمية والبحثية، إضافة لإسهاماته الكثيرة في بناء منظومة التعليم العالي في المملكة. على المستوى الشخصي عرفته عندما كنت طالباً في كلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز وزميلاً محباً وعزيزاً ومستشاراً مخلصاً في كثير من الأمور التي واجهتني وقت أن كنت مديراً لجامعة أم القرى في مكةالمكرمة وللتاريخ والأمانة ومن واجبي، أن أقول: لقد كان معالي الدكتور عبد الاله باناجة نعم الرجل، كان على قدر كبير من الإخلاص والإيثار والورع والكرم وعفة النفس والخلق الرفيع والوطنية. رحمك الله أبا عبد العزيز رحمة واسعة وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان ولا نقول إلا ما يرضي الله «إنا لله وإنا إليه راجعون» وإنا على فراقك يا أبا عبد العزيز لمحزونون. قال أحد الشعراء قديماً: ليس من مات فاستراح بميتٍ .... إنما الميتُ ميتُ الأحياءِ