بات في حكم المؤكد أن مصر على أبواب تعديلات دستورية جديدة سوف يعلن عنها خلال سبتمبر المقبل أثناء انعقاد المؤتمر السنوي للحزب الوطني الحاكم وهذا ما أعلنه أمينه العام صفوت الشريف مؤخراً وقال الشريف إن الرئيس حسني مبارك رئيس الجمهورية ورئيس الحزب يعكف حالياً على دراسة التعديلات الدستورية المقترحة التي رفعها إليه مجلسا الشعب والشورى في نهاية الدورة البرلمانية الماضية، وأضاف الشريف أن الرئيس مبارك يدرس هذه المقترحات بكل إبعادها وأن العام القادم سيكون عام التعديلات الدستورية وما أن أعلن الشريف ذلك حتى تعالت أصوات المعارضة السياسية بمختلف ميولها محذرة من انفراد الحزب الحاكم بتعديل الدستور وبدأت أحزاب وقوى المعارضة في تحركات مكثفة لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة الحزب الحاكم ومنعه من الانفراد بالتعديلات الدستورية المقترحة وأعلنت قوى المعارضة أنها سوف تحشد الرأي العام للحيلولة دون انفراد الحزب الوطني بالتعديلات المقترحة. وقال محمود أباظة رئيس حزب الوفد الليبرالي المعارض إن المشكلة التي تواجهنا في كل مرة يحدث فيها تعديل للدستور هي انفراد الحزب الحاكم عبر أغلبيته في البرلمان بالصياغة النهائية للتعديل كما حدث في تعديل المادة 76 العام الماضي وأشار أباظة إلى أن حزبه بدأ التحرك شعبياً لطرح رؤيته على قواعده وجماهيره ثم يناقش ما توصل إليه من خلال اجتماع للهيئة العليا للوفد لمناقشة الأطروحات الوفدية في شكلها النهائي وذلك في الثاني من سبتمبر المقبل وتخوف عبد الغفار شكر عضو المكتب السياسي لحزب التجمع اليساري المعارض من تجاهل الحزب الحاكم لمطالب بقية القوى السياسية مطالباً الأحزاب والقوى المعارضة بالاتفاق على أجندة موحدة وطرحها في مؤتمر جماهيري حاشد لخلق رأي عام ضاغط على الحزب الوطني. وانتقد الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام للإخوان المسلمين انفراد الحزب الوطني بتعديل الدستور وقال إن مصر ليست ملكاً للحزب الحاكم ومن هذا المنطلق يجب عليه أن يأخذ آراء كافة التيارات السياسية في ذلك مشيرا إلى أن الإخوان قدموا مبادرة للإصلاح السياسي والدستوري من قبل وهم على وشك تقديم مبادرة ثانية لتوضيح موقفهم من التعديل الدستوري. وأضح الدكتور ثروت بدوي - أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة - أن الدستور الحالي لم يعد يتماشى مع البلاد ولذلك فنحن في حاجة إلى دستور جديد، فجميع مواد دستور 71 تحتاج إلى تعديل جذري وشامل وأكد بدوي انه من الضروري تعديل كل ما يتعلق بنظام الأحزاب في مصر لأن قانون الأحزاب الذي صدر مؤخرا مليء بالثغرات ويخالف أبسط المبادئ الدستورية، وكذلك تعديل جميع النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات العامة. وأشار الدكتور عاطف البنا - أستاذ القانون الدستوري إلى ضرورة وضع دستور جديد للبلاد أفضل من تعديل بعض المواد لأن هناك عدداً كبيراً من المواد تحتاج إلى تعديل شامل ولذلك فمن الأفضل سن دستور جديد يصدر عن توجه اقتصادي وسياسي واجتماعي واحد، وإذا كان الوقت لا يسمح بذلك، ويسمح فقط بالاقتصار على تعديلات معينة فإن التعديلات المطلوبة هي ما طالبت به القوى السياسية والأحزاب المعارضة قبل تعديل المادة 76 من الدستور وبعدها. وأوضح حافظ أبوسعدة - الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن هناك منهجين للإصلاح أولهما منهج الحد الأقصى ومنهج الحد الأدنى مشيرا إلى أن أصحاب منهج الحد الأقصى يطالبون بسن دستور جديد يهدف إلى تحقيق مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات الثلاث، ويعزز دور السلطة التشريعية في الرقابة ومحاسبة السلطة التنفيذية ويقلّص من صلاحيات الرئيس ويحقق اللامركزية في الحكم، أما أصحاب المنهج الآخر فيطالب أصحابه بإدخال تعديلات جذرية على مواد الدستور وإلغاء البعض الآخر والإبقاء على مواد أخرى. ويرى حافظ أبوسعدة أنه من الضروري أن يصاحب عملية الإصلاح الدستوري سن قوانين جديدة تتماشى مع المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.