بات في حكم المؤكد أن مصر على أبواب تغيرات دستورية موسعة سوف تؤدي الى مزيد من الإصلاحات السياسية والدستورية لتهدئة الشارع السياسي المحتقن منذ فترة ليست بالقصيرة، وفي حين ترى الحكومة أن التعديل الدستوري لابد ان يراعي ظروف البلاد تطالب المعارضة بتعديل شامل ويلاحظ المراقب للشأن السياسي المصري ان ثمة غياب للثقة بين النظام الحاكم والمعارضة في مصر خاصة فيما يتعلق بالدستور، ففي حين تقول الحكومة ان تعديلات سوف تجري على الدستور كخطوة على طريق الإصلاح المنشود ووفق البرنامج الانتخابي للرئيس حسنى مبارك الذي فاز به بولاية خامسة عبر أول انتخابات رئاسية بالاقتراع السري المباشر إلا أن المعارضة تدعى ان التعديلات الدستورية التي يقرها النظام عبر استحواذه على الأغلبية البرلمانية شكلية وهدفها الوحيد تمهيد الطريق لتوريث الحكم والمجيء بجمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب الوطني الحاكم ونجل الرئيس إلى سدة حكم مصر وقال الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية إن المقترحات البرلمانية في هذا الشأن مدعمة من أساتذة قانون وخبراء تشريع، وتتضمن تعديلات دستورية واسعة تقلص صلاحيات رئيس الجمهورية وتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتعطي حصة للمرأة في المجالس النيابية. ونسبت صحيفة المصري اليوم اليومية المستقلة الى مصادر دبلوماسية وصفتها بأنها قريبة من مؤسسة الرئاسة إن المواد الدستورية ستتم مناقشة تعديلها وستكون بداية لإجراءات إصلاحية أخرى وأضافت أن تعديلات نهاية العام ستتعلق بالتعليم والبحث العلمي والتأمين الصحي وربما تنضم إليها التعديلات الخاصة بالمادة الدستورية الممهدة لإصدار قانون مكافحة الإرهاب، وربما تشمل تعديلات قانون السلطة القضائية ووصفت المصادر هذه الحزمة من التعديلات بأنها مهمة، لكنها أقل طموحات قوى الإصلاح ولكن يمكن اعتبارها بداية لتنفيذ برنامج الرئيس في مجال الإصلاح الدستوري والقانوني. لكن المعارضة المصرية التي تطالب بتعديل دستوري كامل بواسطة لجنة مستقلة قللت من أهمية التعديلات الدستورية التي قال الرئيس حسني مبارك إنه سيجريها قبل نهاية العام الحالي حيث ترى ان التعديلات المعتزم إدخالها على الدستور لن تخرج عن الغاء المواد الاشتراكية واستحداث نصوصًا تمهد للتحول إلى الليبرالية الاقتصادية. وتتوقع المعارضة إدخال تعديلات على المادة الثانية في الدستور التي تنص على أن مصر دولة إسلامية وان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وتعديل نظام الانتخاب ليكون بالقائمة النسبية ولقصر الترشيح لانتخاب مجلس الشعب على الأحزاب فقط بهدف تفويت الفرصة على جماعة الإخوان من خوض الانتخابات القادمة. وتوقع السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق للشؤون القانونية أن تقتصر التعديلات على الديباجة فقط ولن يتجاوز ذلك على تغييرات جوهرية في الدستور فالاقتراب من المادة 76 شبه مستحيل كون هذه المادة هي البوابة الذهبية للتوريث ولا يمكن المساس بها كما أن تعديلات ستتم على هذه المادة ستخدم الخيار الاستراتيجي للنظام. واكد الدكتور محمد السيد سعيد الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام الطرح السابق على أن التعديلات لن تمس جوهر النظام وسلطاته المطلقة وستقتصر على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية ودور القطاع العام والتخطيط المركزي ولن يكون لها أي تأثير على الاحتقان السياسي التي تعاني منها البلاد. وأوضح السعيد أن هذه التعديلات ستخدم مساعي توريث السلطة لنجل الرئيس ولن تشهد مزيدًا من التشدد تجاه (الإخوان المسلمين) وتخفيف القيود على الأحزاب السياسية الضعيفة التي لا تستطيع تقديم بديل للنظام. ولم يستبعد أن يحاول النظام تجميل صورته بمنح مجلس الوزراء بعض سلطات الرئيس مثل إعلان حالة الطوارئ دون أن يتنازل الرئيس عن سلطاته المطلقة. من جهته، يري الدكتور عبد الحليم قنديل المحلل السياسي والمتحدث الرسمي لحركة (كفاية) أنه لا إصلاح أوتعديل دستوري حقيقي في ظل وجود الحزب الوطني الحاكم مشيرًا إلى أن الحزب الحاكم اعتاد على مخالفة للدستور فكيف يعدل بنوده. وقنديل يرى أنه إذا كان الحزب الوطني قد قام بتفصيل المادة 76 من الدستور علىمقاس ترشيح الرئيس مبارك فإن إعادة تعديلها أوتعديل أي مواد أخرى في المرحلة المقبلة سيكون بالتأكيد على مقاس نجله جمال وخدمة ملف توريث السلطة على حد قوله مشددًا على أن فكرة تعديل الدستور في عصر هذا النظام هي فكرة غير مجدية بالمرة. ويقلل الدكتور ضياء رشوان الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية من أهمية هذه التصريحات والتعديلات المقترحة حيث إنها لن تكون تعديلات جوهرية في الدستور بحيث تسمح بانفراجه سياسية أوتخفيف حالة الاحتقان السياسي مشيرًا إلى أن غالبية هذه التعديلات ستشمل مواد إجرائية فقط في الدستور.