الأخبار المتواترة من لجنة التحقيق في قضية عقد محمد نور تشير إلى أن مسار القضية بدأ يتحول تدريجياً من التحقيق في واقعة التزوير في العقد إلى إشكالية تقديم الشكوى..!! حيث ركز المحققون على كيفية تقديم الشكوى ودوافعها، وهل الذي قدمها محمد نور أم أخوه، أم أن هناك أطرافاً أخرى حرضت على تقديم الشكوى؟ وهذا الانحراف في مسار القضية يتوافق تماماً مع المطالبات والتوجهات الاتحادية الهادفة إلى التخلي عن لب القضية وجوهرها والتعلق بهوامش وجزئيات لا تقدم ولا تؤخر؛ فالاتحاديون - بعد أن ضمنوا تغير موقف محمد نور المفاجئ الذي حدث بعد رفع القضية بيوم أو يومين - بدأوا في شن الهجوم على (قدوري) عبدالقادر نور بحجة أنه هو من قدم الشكوى، بل إن مدير المركز الإعلامي الاتحادي قال إن الشكوى هي نتاج أطماع أسرية (يقصد أسرة نور). ومع تصرم أيام التحقيق حاول الاتحاديون إقحام أطراف أخرى مثل الدكتور عبد الله البرقان متهمين إياه بتشجيع (آل نور) على الشكوى، إضافة إلى محاولات تشعيب القضية وصرف النظر عن جوهرها الأصلي من خلال استنكار ظهور القضية في الإعلام، والتساؤل عمن يقف خلف نشرها في الصحافة. وشيئاً فشيئاً بدأنا نلمس من الأخبار المتسربة من اللجنة أن التحقيق بدأ يسير في ركاب الهوى والرغبة الاتحادية، وأن مضمون القضية وجوهرها (التزوير في العقد) بدأ يتراجع، حتى أن هناك أخباراً من مصادر وثيقة أكدت أن توصيات لجنة التحقيق بالعقوبات اقتصرت على محمد نور وشقيقه مع مساس بسيط بموظف مكتب رعاية الشباب بجدة يوسف فروان، في إغفال تام ومريب لواقعة التزوير ومرتكبيها، وكأن اللجنة بهذه التوصيات تعاقب المشتكي في حين أغفلت تماماً المشتكى عليه رغم أن هناك واقعة تزوير حادثة بالفعل وموثقة واطلع عليها الرأي العام الرياضي عبر وسائل الإعلام...!! إن القضية واضحة وثابتة (تزوير) في أوراق رسمية، ولا يمكن أبداً أن تسمى بغير ذلك مثل قول بعضهم إنها مجرد تعديل، أو تغيير، أو تلاعب في المعلومات؛ فهذه (فذلكات) كلامية مشابهة تماماً لمن يطلق على الرشوة اسم الإكرامية أو الأتعاب، أو غيرها من التسميات اللطيفة بهدف الهروب من الاسم المباشر والصريح. وإذا كانت اللجنة ترى أن ما حدث في عقد محمد ليس تزويراً فيجب عليها أن تضمّن قراراتها المعنى القانوني للتزوير؛ حتى يكون الرأي العام على بينة، كما أن التوصيات المتسربة من اللجنة مثلما تعامت وغضت الطرف عن الإدارة الاتحادية المتهم الأول في القضية تجاهلت أيضاً لجنة الاحتراف باتحاد الكرة التي وافقت على العقد غير النظامي وقبلته واعتمدته في تصرف لا مسؤول وخطير يجعلها تحت طائلة جملة من الاتهامات، خصوصاً أن للاتحاد سوابق عديدة في تجاوز أنظمة الاحتراف، سبق تناولها وطرحها في الإعلام الرياضي. وعموماً لن نستعجل الحكم على قرارات اللجنة حتى نرى القرارات على أرض الواقع، وعندها يكون لكل حادث حديث. ولكن يبقى مسار التحقيق في القضية غير مطمئن حتى الآن؛ نظراً إلى تجاهله الجوهر وتعلقه بأمور هامشية وجانبية. ولعل انحراف مسار التحقيق عن جوهر القضية، وما أفرزه حتى الآن من مشروع توصيات يعتبر طبيعياً ومنطقياً إذا ما تم ربطه بما صرح به رئيس اللجنة فيصل عبد الهادي قبل أن تبدأ اللجنة أعمالها وقبل أن تطلع على الوثائق وشهادات الشهود بأن القضية عادية وبسيطة ولا تستحق التضخيم أو هذا الزخم من الاهتمام (رغم أنها تزوير)..!!