يشكل الإحساس بالآخرين ذروة الصدق في المشاعر النبيلة الداعمة لكل عمل خير، ويعد حافزاً خلاقاً لبذل العطاء على نحو يجسد علو الهمة بنيل رضا المولى - تبارك وتعالى - واكتساب الحسنات لتثقل الميزان، يوم تسود وجوه وتبيض وجوه.. ويعتبر الإحساس الإنساني النبيل المفعم بالرحمة مثار اعتزاز وفخر كلما جادت النفس وترجمه السلوك إلى واقع تفاعلي متميز يسهم في التخفيف من معاناة الآخرين، إذ إن ارتفاع المنسوب الحسي الذي يفيض تألقاً ونبلاً، سينثر جداوله الوارفة رقراقة على شواطئ الأمان والاطمئنان، كلما واكب هذا العمل المبارك إخلاصاً يشي بارتقاء فكري وخلق رفيع لا يشوبه رياء ولا تلحقه منة تجهض مضمونه، ودروب الخير تتسع لمبتغيها، ودعم الرصيد الباقي الصالح سهل وميسور إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، {وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ} المولى تبارك وتعالى العزيز المقتدر، وعد ووعده الحق بأن يجزي من يحسن العمل {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا }ومساعدة المحتاجين على اختلاف حاجاتهم لا تضيع سدى بل انها حسنات تلو الحسنات، ودرجات رفيعة عالية عند مليك مقتدر، بل إن الخير وعمله لا يلبث أن ينعكس على عامل الخير في الدنيا من رزق طيب، إلى صحة دائمة، فالدعوة الصادقة حينما تخرج من مكروب فك الله ضيقته على يديك، فإن سرعة الاستجابة كفلها علام الغيوب {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذا دَعَاهُ }. وهناك فئة غالية على قلوبنا، ممن كبلتهم ظروف قاسية وباتوا أسرى للعون والمساعدة، سواء كان قصوراً ذهنياً أو جراء حوادث مرورية مؤلمة، وهم ليسوا بحاجة إلى إعانتهم مادياً، فدولتنا الفتية - أعزها الله - سخرت إمكاناتها لخدمة أبنائها ودعمهم مادياً ومعنوياً، بل وتأهيلاً علمياً وعملياً لكي ينخرطوا في المجتمع أعضاء فاعلين منتجين، ويبقى الدور الرئيس في هذه المرحلة منوط بالمجتمع، فحتمية النهوض بالمستوى الحسي لخدمة هؤلاء لا تتطلب جهداً عسيراً، بقدر ما تؤطر الابتسامة الجميلة عمق الإخاء، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن مساعدة هؤلاء الشرفاء لا تتجاوز دقائق معدودة، وحسبك بهذه الدقائق رقياً في نفسك الأبية وشهامة تخضب خصائلك بكل المآثر النبيلة، فضلاً عن انعكاس هذا الأثر عليهم إيجاباً، ذلك أن المشاركة الوجدانية تعبر عن مكنونات المجتمع المترابط. ولما كان التكافل سمة أهل هذا البلد المبارك، فحريٌ بنا تفعيل التوجهات الطيبة للأخلاق الفاضلة النبيلة وترجمتها على الأرض، والبعد كل البعد عن نظرة العطف أو الشفقة، لأن الإنسان الصحيح قد يمسي في لحظة رهيناً لهذا الابتلاء، كذلك ما تحمله هذه النظرة من سهام تنفذ إلى القلب، وتنخر في الروح المعنوية، في تجريح بغيض يوحي بالجهل وانعدام الأدب والثقافة.. وأخيراً فإننا مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى في الرعاية والعناية بأبناء وطننا ومن يقيم على أرضه المباركة، بحس وطني رفيع يعكس مستوى أخلاق هذا البلد الطيب المبارك، بل ومشاركة القطاعات كافة بتأمين وظائف، كالوظائف التي لا تتطلب جهداً بدنياً، وأعني بذلك على سبيل المثال، السنترالات والخطوط الخلفية للمؤسسات والشركات والبنوك كإدخال البيانات في الحاسب الآلي، وعمليات المراجعة والتدقيق، ومراقبة الحركة، ذلك أن البركة ستحل - بإذن الله - في إعانتهم والاستفادة من قدراتهم بما يكفل لهم العيش الكريم من جهة، وإحساسهم بأنهم أعضاء فاعلون منتجون من جهة أخرى، ولا سيما وأن الأعمال باتت تتكئ على الجانب التقني، وهناك الكثير منهم ممن يتمتعون بقدرات عالية متى ما منحوا الفرصة، امنحوهم الفرصة يبارك الله فيكم وفي أعمالكم، وستجدونهم عند حسن ظنكم وهم كذلك. [email protected]