4- الستر: يشكل الستر على الآخرين قيمة معنوية وأخلاقية، تستوحي النبل بفضائله الجمة، وتستثير التوبة بمفهوم التسامح الخلاّق، ويبرز دور الستر في الإسلام كعنوان بارز صادق في إتاحة الفرصة لمن أخطأ بإصلاح خطئه والتوبة والندم على ما فات. وهنا تكمن مآثر هذا الدين الجليلة في التعامل مع العصاة والمخطئين بغية الرجوع المعزز لصيغة الخضوع لله، ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً، ولكنها الحكمة البالغة. وحينما تجنح النفس بإيحاءاتها المتكررة وسيطرة النزوات على المشاعر، والزج بها في أتون الخطيئة، عبر التزيين الموهم للأحاسيس بمقارعة المتعة في لحظة غفلة، فإن التراجع والعودة إلى طريق الصواب، هو الفلاح للتائب والنجاح للداعي بهذا الأسلوب الموغل في محاكاة الأحاسيس بمرونة تمطرها الكياسة بيانبيع الأجر والمثوبة المبتغاة من وراء ذلك النصح، وورد في الحديث الشريف (من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة).ومما لا ريب فيه أن الستر يسمو بالأخلاق ويعزز من فرصة مراجعة النفس بأسلوب يحلق بالاقتدار نحو آفاق الصفح والعفو، فإذا كنا نطلب ذلك من رب العباد فحري أن ينالها الآخرون من قبلنا لننال بها رضاه كما أمر تبارك وتعالى. وكشعور لبق لائق فذ، ذلك أن العقاب أياً كان نوعه إنما هو وسيلة للتصحيح وتقويم السلوك، فإذا كانت الغاية منه ستتحقق من خلال احتواء الأخطاء ومعالجتها برؤية موضوعية متزنة وفقاً لمحاسبة النفس وشحذاً ليقظة الضمير التي حاصرتها الغفلة، فإن الستر بمفهومه الفريد في هذه الحالة سيضفي على التأثير مزيداً من التألق والنفوذ، والسير على خطى الدعوة والإصلاح وفق منهجية التسامح الداعمة للتقارب والتواصل والتناصح بالأسلوب اللبق اللائق، ولم يكن صبر الأنبياء - عليهم السلام - وسعة حلمهم إلا نبراساً يستضيء به كل مؤمن ينشد رفعة دينه وإعلاء كلمة الله، فكلما برزت هذه الخصال الكريمة كلما كان وقعها على النفوس بالغاً مؤثراً.. وقد قيل (الضمير خير من ألف شاهد) في حين أن اختزال الامتعاض والسيطرة على المشاعر وتحقيق أعلى درجة من العلم والحلم والحكمة سينير الطريق للجاهل ويذكر الغافل {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} قال الإمام علي كرم الله وجهه: إن المكارم أخلاق مطهرة الدين أولها والعقل ثانيها والعلم ثالثها والحلم رابعها والجود خامسها والفضل سادسها والبر سابعها والشكر ثامنها والصبر تاسعها واللين باقيها [email protected]