هذه السالفة تدل على العفو والتسامح وهذه من أبرز صفات الرجال الطيبة.. فهذه السالفة رواها مطلق بن عبيكه الشمري ووثقها الأستاذ إبراهيم اليوسف في كتابه قصة وأبيات ومضمونها أن زبار الخيمة الشمري حدث بينه وبين شخص من جماعته مشاجرة ما أدى إلى مقتله وكان للقتيل أخ اسمه (نيف بن اوحيمر الشمري) فقد خشي القاتل (زبار) من الثأر من أخ المقتول.. فرحل عن ديرته وأهله واصطحب معه زوجته واستقر به الأمر مع قبيلة الظفير وبقي جارا معهم أكثر من عشر سنوات ومضت الحياة به وسره طي الكتمان لا أحد يسأل عنه وعاملوه كواحد من رجالهم.. فأنجب أطفالا وأصبح له حلال كثير من إبل وأغنام.. فكان غريمه يبحث عنه بغية أخذ الثأر منه.. وفي يوم من الأيام اجتمعوا البادية على مورد ماء لسقيا حلالهم فصادف أن ورد غريمه (نيف) على نفس الماء فرآه ولما تأكد منه بدأ في اقتفاء أثره ليلا حتى دخل البيت فدخل خلفه واختبأ في رواق بيت الشعر وكان في ذلك الليل سحاب وبرق يبرق على وجهة ديار جماعته ومضارب قبيلته فسمع زبار يتسامر مع زوجته ويحدثها عن أهله وديرته وما خلف فيها من أحباب ويتمنى أن تصرف السحابة مطرها على ديار جماعته.. وزوجته تعاتبه على خطئه الذي أودى بهم إلى هذا المصير وزج بهم إلى الاغتراب وترك ديار ومراتع الصبا.. كل هذه المحادثة تدور بينهما.. ونيف يستمع لها دون أن يعلموا عنه.. فقد هاجت قريحة زبار الخيمة بأبيات يسندها على ابنه الصغير.. يتمنى بأن البرق والسحاب على ديارهم ويذكر بها محاسن غريمه (نيف) حيث يقول: كريم يا برق سرى لها رفاريف قعدت اخيله والعرب هاجعيني عزل من المنشا مزونه مقانيف جعله من (التيّم) يسار ويميني وسواقي (الاجفر) اتدرج كما السيف حتى منازلها لاهلها تزيني ينزل بها اللي يكرم الجار والضيف تشوفهم في جانبه كل حياني اهل رباع كالهضاب المشانيف كبار الصحون ومطلقين اليميني ربعي هجار اللي براسه زعانيف من مبطي للطايله كاسبيني ودي بهم لا شك ما هي على الكيف عنهم حداني نيف حبس الكميني يا سعد من له بالرفاقه مثل نيف أو زاد مثلي ينطح العايليني الله لحد من نقطة الجزو بالصيف وأنا لذيذ النوم ما طب عيني والرجل ملت من كثير التواقيف ولالي حداك مشاكي يا ظنيني وش هقوتك وان جا سموم بها هيف هو بك ذرا والا من المرتعيني فلما سمعها نيف خرج من مخبئه وأخبره بأنه قد عفى عنه وحمله هو وزوجته وأولاده إلى ديارهم وإلى قبيلتهم شمر. وإلى اللقاء مع سالفة أخرى.ولكم تحياتي.