** بعد النتائج غير المنتظرة التي حققها المنتخب السعودي في نهائيات كأس العالم الماضية بألمانيا ألقيت اللائمة في ذلك على الفوارق الفنية الكبيرة بين اللاعب السعودي والأوروبي والعقلية الاحترافية للاعبين الأوروبيين ونظرائهم السعوديين.. وبرَّر الكثيرون عدم قدرة المنتخب السعودي على الظهور بمظهر جيد في التظاهرة العالمية بعدم قدرة الأندية على تطبيق الاحتراف الحقيقي وتم مطالبتها بالعمل على التشدد في تطبيق الاحتراف ومحاولة الاستفادة من نظام الاحتراف بأقصى درجة لتتمكّن من الإسهام في تقدّم الكرة السعودية وتطورها.. وهذا بلا شك أمر جيد ومطلوب.. لكن السؤال الأهم هو من المعني بتطبيق الاحتراف ومتابعة تطبيقه وتطويره وإقرار ما هو في صالح الكرة السعودية الجواب بالتأكيد هو اتحاد الكرة والرئاسة العامة لرعاية الشباب.. لأن القول الأول المتعلِّق بإلقاء اللائمة على الأندية هدفه تبرئة اتحاد الكرة والرئاسة ولجانها من المسؤولية ورمي الكرة في ملعب الأندية.. لكن الواقع يقول إن الأندية والرياضيين جميعاً ينتظرون أن يروا اتحاد الكرة نفسه والرئاسة وكافة لجانها تطبِّق الاحتراف الحقيقي أداءً وفكراً وتعاملاً حتى تكون هي القدوة الحقيقية للأندية وتقدِّم النموذج المطلوب لتقدّم الرياضة السعودية بكافة أشكالها وأنواعها.. فالعمل على طريقة المرحوم هو المخطئ تعني أن الوضع سيستمر وأن المسؤولية ستبقى ضائعة يتقاذفها الجميع من هنا إلى هناك.. وهو ما يعني أننا ندور في حلقة ولن نتقدَّم خطوة واحدة إلى الأمام.. أقول هذا الكلام ونحن نتابع الفضيحة الكروية التي فجَّرها لاعب منتخبنا الوطني قائد فريق الاتحاد محمد نور حول تزوير عقده الاحترافي وتمديده لثلاث سنوات قبل أن يتم تدارك الموضوع وترضية اللاعب للقبول بالتمديد المزوّر.. فالتعامل مع هذه القضية للأسف لم يرتق لتطلعات وطموحات الوسط الرياضي الذي انتظر موقفاً حازماً وقوياً من اتحاد الكرة لبحث القضية وكشف كافة ملابساتها.. ولعلنا نتذكر كيف أن خبراً صغيراً في صحيفة ألمانية كشف أكبر فضيحة فساد في تحكيم الدوري الألماني وكيف تم اكتشاف فضائح الرشوة والتلاعب في نتائج المباريات في ألمانيا قبل عام من انطلاق كأس العالم بعد بدء التحقيقات والتعامل مع ما جاء في تلك الصحيفة بجدية بحثاً عن الحقيقة والعدالة وحفاظاً على سلامة الرياضة ومنافساتها من هذا الفساد الذي لم يكن يخطر على بال أي مسؤول ألماني في ذلك الوقت. وبالنسبة للوضع في قضية محمد نور وفي غيرها من القضايا التي يتناولها الوسط الرياضي سواء فيما يخص التحكيم أو المباريات وأحداثها في دوري الأولى والدرجة الممتازة يعتقد البعض أن في الخوض في هذا الجانب إساءة للجهة المعنية وهي الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتحاد الكرة بينما الإساءة هي استمرار الخطأ وعدم التصدي للمخطئين والتستر على أمور خاطئة سيكون لها تأثيرات سلبية جداً على كافة المستويات، فالجهة التي تتصدى للفساد أياً كان نوعه أو مصدره وتوقفه ستحظى بالاحترام والتقدير الذي لن يتحقق لها بمداراة القضية وتسجيلها ضد مجهول. ونحن في عصر الاحتراف ننتظر الكثير من القرارات الاحترافية التي تؤكّد بالفعل أننا في الطريق الصحيح وأن المسؤول الرياضي لدينا وبعد سنوات من العمل المكثّف وصل لمستوى المسؤولية والثقة والخبرة في التعامل مع كافة الاحتمالات حتى وإن كان بعضها غير متوقّع أو لا يليق بالرياضة السعودية.. فالرياضة والرياضيون جزء من المجتمع وهم ليسوا بمعزل عن كل الحالات التي يشهدها المجتمع السعودي والتي نقرؤها يومياً في الصحف من تزوير ورشاوى وتجاوزات ولذلك فالتصدي لكل التجاوزات أو ما يعتقد أنها تجاوزات سيكون كفيلاً بتوفير الثقة والعدل والمساواة بين الرياضيين وهذه أسس رئيسية لنجاح الرياضة في أي بلد من البلدان.. ولعل ما حدث في إيطاليا مؤخراً وبعد حصول منتخبها على كأس العالم بأيام يؤكِّد بالفعل أن النجاح قبل أن يكون في الملاعب فإنه في المكاتب أهم وأقوى وأنجح. ** إن قضية محمد نور وغيرها من القضايا كشفت للجميع أن الحاجة ملحة جداً، بل ضرورية لضمان استمرار النشاط الرياضي بعيداً عن كل الممارسات التي يُراد بثها بين الرياضيين من عدد من الذين دخلوا الرياضة من أبواب المال والشهرة والمصالح الخاصة. وهؤلاء بالتأكيد وجدوا وسيجدون من يبحث عنهم ويتلقفهم لتحقيق مصالحه وأهدافه على حساب الوسط الرياضي والمسؤول الرياضي.. والواقع أن السلبية والصمت المطبق الذي تعامل به اتحاد الكرة والرئاسة العامة لرعاية الشباب واللجان المعنية مع مثل هذه القضية جعل الجميع يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من استمرار هذا الصمت وعدم امتلاك الشجاعة على مواجهته والتصدي له مما سيجعل المستقبل مخيفاً متى كانت هذه الحادثة نموذجاً للآخرين للبحث عن منافذ للعبور من خلالها نحو الإخلال بمكتسباتنا الرياضية والثقة والنزاهة التي اكتسبها الرياضي السعودي لسنوات طويلة.. فالكرة الآن في ملعب المسؤولين ليؤكِّدوا للجميع وبقوة أن الرياضة السعودية ستظل بأمان عن مثل هذه الممارسات وأن حدوثها إن كان صحيحاً لا يعني القبول بها والتستر عليها وإنما التصدي للأمر ومعالجته بكل شجاعة لئلا يقودنا نحو المزيد من الفضائح! لمسات: ** شكراً لنجومنا الصغار في منتخب الناشئين فقد تفوّقوا على الجميع وأكّدوا أن مستقبل الكرة السعودية بخير، فهم الأبطال الحقيقيون لبطولة الخليج لولا الفارق الكبير بالأعمار الذي كان عليه منتخب الإمارات الشقيق. * * * ** الموسم على الأبواب ومعظم الأندية انخرطت في معسكرات خارجية.. الخطوة بحد ذاتها تؤكِّد تحسناً في توجهات الأندية وإعداد فرقها ما يشجع على انتظار موسم جيد متى تم برمجة مبارياته بنجاح! ** رحم الله الزميل راشد المطيري المسؤول الرياضي في مكتب جريدة اليوم بالمدينة المنورة.. فقد عرفته في الصين خلال نهائيات أمم آسيا الماضية، حيث كان صديقاً للجميع ومحباً للجميع يحرص على أن تكون غرفته مكاناً لالتقاء كل الزملاء.. فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.