إن الازدهار والتقدم في قطاع الخدمات يعد من أحد المؤشرات لقياس مدى تقدم الدول فمثلاً نجد الآن ما يسمى بدول ما بعد الصناعية وهي الدول الكبرى التي انتقلت من اقتصاد يعتمد على الصناعة بشكل أساسي إلى اقتصاد خدمي، وإن قطاع الخدمات يعد من القطاعات الواعدة الذي بإمكانه أن يستوعب عدداً هائلاً من العاملين مما سيؤدي إلى الحد من ظاهرة البطالة بالإضافة إلى زيادة التنوع في الاقتصاد الخليجي وتزداد أهمية هذا القطاع لعدة أسباب نذكر منها الاتجاه إلى الخصخصة والاقتصاد الحر الذي يفرض على الشركات تحسين أدائها وكفاءتها لتحقيق مزيد من التنافسية وتقديم الخدمات المناسبة لزبائنها. وأحد أهم روافد قطاع الخدمات قطاع تكنولوجيا المعلومات حيث يعتبر سوق العمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات من أكبر القطاعات نمواً على مستوى العالم ومع دخول نظم المعلومات إلى كافة القطاعات الحكومية والخاصة وكذلك اتجاه الدولة الخليجية إلى تطبيق نظام الحكومة الإلكترونية لذلك تزداد الحاجة إلى العاملين في هذا المجال الحيوي.. فعلى سبيل المثال في دولة الإمارات العربية المتحدة تحول المجتمع الإماراتي وتحديداً مجتمع الأعمال إلى مجتمع يعتمد على تكنولوجيا المعلومات بشكل أساسي. وكانت حكومة دبي الإلكترونية من أولى الحكومات في العالم العربي التي اعتمدت التقنية وتقديم الخدمات عبر الإنترنت وأصبح التقدم لأي عمل يتطلب معرفة ومهارة في التعاطي مع الكمبيوتر بشكل متقدم والحد الأدنى من هذه المعرفة غير كافٍ على الإطلاق، ونتيجة لذلك زادت أهمية وظيفة المبرمج وزاد الطلب على المبرمجين وسيتزايد أكثر على مصممي ومطوري مواقع الإنترنت. وكذلك من القطاعات الخدمية الواعدة في الخليج قطاع الصحة حيث أصبح يضاهي نظيره في أكثر الدول تقدماً ومن حيث مساهمته في الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل، فإن مجال التمريض مازال مطلوباً في مختلف دول العالم لاسيما في دول الخليج ويندر أن تجد مشكلة البطالة بين الممرضين وتزخر الصحف بإعلانات للبحث عن ممرضين وممرضات وأطباء وطبيبات ومهندسين لصيانة الأجهزة الطبية خاصة من قبل المستشفيات والعيادات في السعودية ولاتزال المهن الطبية عموماً من المهن المستقرة وإن كانت تحتاج إلى تجديد وتطوير مستمر للتعرف والتدريب على آخر التطورات في المجال الطبي. ولحسن الحظ فقد استطاعت بعض المجتمعات الخليجية تجاوز عدم السماح للفتيات بالتخصص في مجال التمريض كما كسر الشباب (تابو) اعتبار مهنة التمريض مهنة نسائية فقط.. إذ زاد عدد الذكور الذين بدأوا في اقتحام هذا المجال. وانتقالاً إلى مجال السياحة والفنادق فإن الحكومات الخليجية توليها اهتماماً خاصاً فمثلاً مع تأسيس الهيئة العليا للسياحة في المملكة العربية السعودية باتت أنظار الباحثين عن الوظائف تتجه لهذا القطاع الذي لم يستغل بعد خاصة وأن الكثير من الاتفاقات التعاونية ما بين السعودية والدول الأخرى قد تم إبرامها للاستثمار السياحي في المملكة وكذلك فقد تم افتتاح العديد من الكليات السياحية وذلك لتخريج الكفاءات القادرة على شغر الوظائف السياحية الحالية والمستقبلية في مناطق السعودية ال 13 والتي لم يتم استغلالها جميعاً بعد. وبالنسبة لقطاع الاتصالات فإن في السعودية أفواجاً من خريجي الثانوية يلتحقون بكليات الاتصالات أو أي قسم يرتبط بها من قريب أو من بعيد وذلك للفرص الوظيفية المتعددة في هذا المجال خاصة وأن هناك العديد من مناطق المملكة التي مازالت تحدث فيها الشبكات بالإضافة إلى افتتاح أول شركة اتصالات خاصة منافسة لشركة الاتصالات السعودية مطلع هذا العام والتي حققت العديد من الفرص الوظيفية، وكذلك الحال في دول الخليج كان مع ازدياد الطلب على العاملين في مجال الاتصالات خاصة في ظل التطور الشديد الذي شهده هذا القطاع في دول الخليج. أما القطاع المالي والمصرفي فإن مجال البورصة هو المجال الذي يستوعب في المستقبل القريب أكبر عدد من العاملين كون هذا القطاع جديداً ويلاقي إقبالاً واسعاً من المستثمرين والحقيقة فإن هناك في دول الخليج حاجة ملحة في الأسواق المالية لاقتصاديين قادرين على تحليل الاقتصاد في وظائف مثل محلل مالي ومتاجر Trader ووسيط Dealer وسمسار Broker في مجال الشركات التي تدبر المحافظ الاستثمارية والصناديق الاستثمارية ووسطاء في سوق الأوراق المالية. وتزدهر أسواق الأسهم وأسواق الأوراق المالية في الإمارات العربية المتحدة خصوصاً بعد افتتاح مركز دبيالمالي العالمي وتبع ذلك افتتاح البورصة العالمية ثم أسواق تداول المعادن في نوفمبر 2005 هذا فضلاً عن الخدمات المصرفية والبنكية والائتمانية. وهناك القطاع القانوني والذي كان على مر العصور ومازال من أهم الوظائف التي تدر ربحاً ومع زيادة الوعي وتطور اقتصاد السوق والعولمة تزداد حاجة الشركات والمؤسسات إلى الخبراء القانونيين ومجال العلاقات الدولية والاتفاقات التجارية والبيئية والعقود العالمية للتسويق والتوزيع والإنتاج وهذا يعني تطوراً نوعياً في مجال المحاماة ودراسة القانون، ودخول بعض الدول الخليجية إلى منظمة التجارة العالمية سيلزم شركاتها ومؤسساتها بكل قوانين وإجراءات تلك المنظمة.. وعلى الصعيد المحلي نجد أنه مع ظهور العديد من القوانين والإجراءات في السعودية، باتت الحاجة ماسة لإجراء استشارات قانونية قبل الإقدام على أي عمل بهدف ضمان القانونية والنجاح ومن هنا تنوعت الاستشارات ما بين المشكلات الإدارية والمالية التي يواجهها الأشخاص في محيط عملهم وبين تناول القضايا العائلية من طلاق أو زواج وقضايا الإرث والدعاوى القضائية المختلفة وجميعها تجد الرواج في المجتتمع السعودي حالياً وما سيزيد من الطلب عليها وتمتعها بالصدارة مستقبلاً هو افتتاح قسم القانون للبنات في جامعة الملك سعود ولأول مرة في تاريخ السعودية، وهذا ما يعني افتتاح الكثير من المكاتب القانونية النسائية. أما عن قطاع التعليم فلا تزال مهنة التعليم من أهم المهن والوظائف وتتضح الحاجة للمدرسين والمدرسات في بلدان الخليج وليبياً أكثر من غيرها بينها يوجد فائض في بلدان مثل مصر والأردن وستستمر الحاجة للمدرسين والمدرسات في المستقبل على الرغم من ضعف المرتبات التي تقدم للعاملين في هذا المجال. e-:mail:[email protected]