تخصصي تبوك يحصل على شهادة الآيزو الدولية في الصحة والسلامة المهنية    مؤسسة جائزة المدينة تحصل على شهادة أفضل بيئة عمل للعام 2024    الرئيس ال47 لأمريكا.. ترامب يعود إلى البيت الأبيض    القيادة تهنئ السيد ترمب بفوزه بالانتخابات الأمريكية    أخضر الطائرة يعبر الأردن في البطولة العربية    أمير تبوك يقلد مدير التحريات الإدارية بالمنطقة رتبته الجديدة    اليونسكو تثمّن مبادرة المملكة "الأسبوع العربي في اليونسكو"    الأمين العام للتحالف الإسلامي يستقبل سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية    من أعلام جازان.. الشيخ القدير والمربي الفاضل محمد عبده جابر مدخلي    عودة ترمب التاريخية: تفويض قوي وإشادة بمسانديه وسط تقدم كبير في السباق الرئاسي    "عين الرياض" تعزز حضورها العالمي بشراكة إعلامية لمعرض سوق السفر العالمي- لندن 2024    استشهاد عشرة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    تراجع أسعار النفط مع ارتفاع الدولار في ظل تقدم ترامب في انتخابات الأمريكية    خطرات حول النظرة الشرعية    روسيا تنفي تدخلها في الانتخابات.. إخلاء مراكز اقتراع في 4 ولايات أمريكية    وزير الحرس الوطني يحضر عرضاً عسكرياً لأنظمة وأسلحة وزارة الدفاع الوطني الكورية    وزير الحرس الوطني يصل جمهورية كوريا في زيارة رسمية    ترمب يتحدث عن وجود تزوير في فيلادلفيا.. والمدعي العام ينفي    الاتفاق يتغلب على القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج    السعودية تتقدم عالمياً في تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي    «التعليم»: تدريس اللغة الصينية بما يعادل مدة الابتعاث    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة مضاوي بنت تركي    التعاون يواجه ألتين للتمسك بالصدارة في «آسيا 2»    آل الشيخ في مؤتمر «cop29»: تنوع الثقافات واحترام خصوصية كل ثقافة.. مطلب للتعايش بين الشعوب    الجبلين يتغلّب على نيوم بهدف في دوري يلو    «الحسكي».. مكونات سياحية بمحمية الإمام تركي بن عبدالله    ازدهار متجدد    سان جرمان وبايرن يسعيان للعودة إلى سكة الانتصارات    الحوادث المرورية.. لحظات بين السلامة والندم    الزائر الأبيض    سلام مزيف    فلسفة الألم (2)    الممارسون الصحيون يعلنون والرقيب لا يردع    د. الذيابي يصدر مرجعًا علميًا لأمراض «الهضمي»    انقطاع نفس النائم يُزيد الخرف    ثري مزيف يغرق خطيبته في الديون    الألم توأم الإبداع (سحَر الهاجري)..مثالاً    أول قمر صناعي خشبي ينطلق للفضاء    معرض سيتي سكيب العالمي ينطلق الاثنين المقبل    المنتخب السعودي .. وواقعية رينارد    دشنها رئيس هيئة الترفيه في الرياض.. استديوهات جديدة لتعزيز صناعة الإنتاج السينمائي    يا كفيف العين    اللغز    رأس اجتماع مجلس الإدارة.. وزير الإعلام يشيد بإنجازات "هيئة الإذاعة والتلفزيون"    عبدالوهاب المسيري 17    15 شركة وطنية تشارك بمعرض الصين الدولي للاستيراد    وقعا مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري.. وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز العلاقات الدفاعية وأمن المنطقة    X تسمح للمحظورين بمشاهدة منشوراتك    همسات في آذان بعض الأزواج    Apple تدخل سوق النظارات الذكية لمنافسة Meta    محمية الغراميل    اتفاقية بين السعودية وقطر لتجنب الازدواج الضريبي.. مجلس الوزراء: الموافقة على الإطار العام والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    تأثيرات ومخاطر التدخين على الرؤية    التعافي من أضرار التدخين يستغرق 20 عاماً    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    أبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بخريطة "إنها طيبة"    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة مضاوي بنت تركي بن سعود الكبير    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصيدة أعادتنا إلى غزل السامر المميز
وقفات تأملية في (سنا شمس الغلا)
نشر في الجزيرة يوم 23 - 05 - 2006

مرة أخرى يعود الشاعر الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد (السامر) إلى الغزل والعود أحمد. ذلك أن الغزل في التعبير الشعري ليس مجرد معان عاطفية فحسب، بل هو اكتشاف للروح الإنسانية السامية التي تعيد الاعتبار لكل ما هو شفاف وعميق في تلك الروح، فالغزل هو نشيد الصفات العليا للمرأة الحرة، ومديح للأشواق الإنسانية النبيلة فيما تستحقه الأنوثة من تعبير يليق برقتها.
وسنحاول في هذه القراءة تأويل تلك المعاني في قصيدة (سنا شمس الغلا) للشاعر الأمير عبد العزيز بن سعود (السامر) التي نشرها بهذه الصفحة (مدارات شعبية) من جريدة الجزيرة يوم 9 ربيع آخر 1427ه، يقول الشاعر في الأبيات الأولى من القصيدة:
أشرقت شمس الغلا عقب تغريب
وطاب الزمان وطاب جرح عطيبي
ألف هلا.. وألف غلا.. وألف ترحيب
مع كثرها لك بالغلا يا حبيبي
لوي مريض كل ما شفتك أطيب
يوم انك لوجدان روحي قريبي
هكذا يكتشف الشاعر معنى انتظار الحبيب الذي يحتجب ويغترب عنه، ويتأمل أثر ذلك الشروق الجديد في الزمن، والوجود، والذات بمعان إيجابية. فكأن غياب الحبيب هو الجرح والعدم والظلام، فيما ينطوي شروق الحبيب على كل المعاني الحقيقية للحب والحياة. فشروق (شمس الغلا) هو في معنى ما، نوع من حياة جديدة يستشرف الشاعر آفاقها حيث يطيب له الزمان، ويندمل الجرح لذلك فالترحيب يحتفي بمعنى الحب الغالي الذي زامن شروق شمس الحبيب. والغلا الذي كرره الشاعر مرتين في البيت الأول وفي البيت الثاني، أيضا مرتين، هو عنصر مقصود لذاته في النص. فالحبيب الغالي هو أعز الأحبة الذي يمكن للمحب أن ينتظره طوال العمر. ولذلك كانت طبيعة الترحيب تتضمن مفردة (الغلا) مكررة ثلاث مرات من حيث اللفظ أما من حيث المعنى فهي آلاف مضاعفة كما نلمح من قول الشاعر:
ألف هلا.. وألف غلا.. وألف ترحيب
من كثرها لك بالغلا يا حبيبي
ولهذا يأتي البيت الثالث تكميلا وتأكيدا لذلك الحب الغالي الذي يكنه الشاعر ل(شمس الغلا) فهو هنا حب متغلغل في كيان الشاعر تماما كالعافية، فالشاعر يربط أسباب الشفاء بالنظرة الشافية من عيون الحبيب، بل وحتى الإحساس بالقرب الذي يلامس وجدان الشاعر ويدخل في نسيج الروح. ثم يقول الشاعر في الأبيات الثلاثة الأخرى:
أنت الحبيب اللي منزه عن العيب
وأنت الذي تقرأ من الهم غيبي
ما ودي إني عنك يالغالي أغيب
وما ودي إنك عن عيوني تغيبي
يا عيوني الثنتين هاتي وباجيب
لك بالهوى والحب حق مصيبي
ولعل من أشد أواصر الحب التي تشد الشاعر (السامر) إلى ذلك الحبيب الغالي هو تلك الصفة المتميزة في قوله:
أنت الحبيب اللي منزه عن العيب
فبالرغم أن تلك الصفة هي أقرب إلى الاستحالة إلا أن المستحيل يصبح أحيانا في عيون العاشق ممكنا، بل واقعا. فشعور الشاعر بطاقة الحب الهائلة، واستغراقه في تأمل معناها الذي أشرق عليه بعد طول غياب واغتراب هو الذي منحه ذلك التعبير الذي يضفي على الحبيب صفات الكمال، لأن الحبيب هو الصورة الأخرى لنفس الشاعر الذي يعيش همومه. ولذلك إن أشد ما يخافه الشاعر هو وقوع ذلك الغياب مرة أخرى. ولكن لأن الخوف من هذا الغياب هو هاجس الشاعر الأساس لذلك يخافه الشاعر من وجهين:
وجه غيابه هو عن الحبيبة الغالية في قوله:
ما ودي إني عنك يالغالي أغيب
وغيابها هي عنه في قوله:
وما ودي إنك عن عيوني تغيبي
بيد أن العلة العاطفية العميقة من الخوف من هذا الغياب هو تشبيه من أجمل التشبيهات في معاني الحب. فاستحالة العيش ناشئ من أن تلك العلاقة العاطفية هي علاقة النور بالعين فاستحالة الفراق هنا تشبه تماما فراق العين للبصر حيث يقول الشاعر عن هذا المعنى البديع:
يا عيوني الثنتين هاتي وباجيب
لك بالهوى والحب حق مصيبي
فالعلاقة الجدلية بين الأخذ والعطاء هي التي تعطي للحب معناه. لكن الشاعر (السامر) هنا أيضا يعبر عن صدق العاطفة بعبارة جديرة بالتأمل وهي قوله في آخر البيت السابق.
لك بالهوى والحب حق مصيبي
فعبارة (حق مصيبي) هي العلامة الكاشفة عن صدق الشاعر في عاطفته تجاه الحبيب. وبحسب تلك العلاقة الوجودية في الحب التي تقابل علاقة العين بالنظر، يصبح غياب الحبيب أو غياب المحبوب تعطيلا للحب.
وفي ختام القصيدة يأتي البيتان الأخيران تعبيرا عن طبيعة تلك المراسيل الجميلة التي تشعل شموع الفرح في ليالي الحبيب حيث يقول الشاعر:
بيني وبينك بالغرام المناديب
سود هواها من نظرها غريبي
وصارت لي أفراح الليالي معازيب
وغابت هجوس الهاجس اللي مريبي
فحين يأتي الختام عبر مراسيل الغرام ونظرات الحب، وليالي الفرح، ينتهي النص نهاية بديعة تتوازى مع الاستهلال الذي بدأ به.
فبعد مراسيل الغرام أضحت ليالي الفرح (معازيب) تدعو غرام الشاعر إلى مسامراتها ومطارحاتها في كل دعوة هيام، وكل ليلة هوى.
ونجد أن الشاعر يبدع تناظرا جميلا في مفتتح النص بكلمة (أشرق)، وفي نهايته النص بكلمة (غابت)، فب(شروق شمس الغلا) غابت (هجوس الهاجس).
فالشاعر هنا يريد أن يعيش لحظات حب صافية لا تكدرها حتى الهواجس التي تخطر على البال فضلا عن غيرها من شوائب الغرام ومكدرات الصفاء.
هكذا استطاع الشاعر الكبير الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد (السامر) عبر هذا النص المكثف والبديع أن يضخ معاني عميقة ترتقي بالحب إلى آفاق إنسانية عالية فيها من السمو والرفعة ما يعطي تلك المعاني دلالات معبرة تمس الغزل بأرق الأشواق وتضفي عليه جماليات مدهشة بذلك الأسلوب التعبيري العميق لشاعر (آل سعود) الشاعر الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد (السامر).
* شاعر وصحفي سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.