وسط مخاوف لدى المعارضة المصرية وحشد من الحزب الوطني الحاكم تستعد مصر لمرحلة جديدة من الحراك السياسي حيث من المنتظر قيام الرئيس حسني مبارك بإحالة التعديلات الدستورية الجديدة إلى البرلمان بطرفيه الشعب والشورى يوم الاثنين المقبل. وكان الحزب الحاكم قد أعلن أنه انتهى من طرح رؤيته الشاملة حول كافة التعديلات الدستورية المقترحة والواردة في البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك تمهيدا للبدء في إعداد الصياغة النهائية لها، وأكد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الحاكم أن رؤية الحزب حول هذه التعديلات هي حصيلة جهد متواصل تم خلال العام الحالي، وذكر الشريف أن الحزب سيقدم رؤيته بخصوص التعديلات الدستورية للرئيس مبارك كي تكون أمامه إلى جانب التقارير التي رفعت إليه من مجلسي الشعب والشورى تمهيدا لقيام الرئيس باستخدام حقه بطلب التعديل. وأكد أمين عام الحزب الحاكم أهمية التعديلات الدستورية المطروحة ودورها في تحقيق التوازن بين السلطات وخاصة تعزيز دور البرلمان ومجلس الوزراء والسلطة القضائية، مشيرا إلى أن الحزب الوطني أعد خطة للتحرك الحزبي والإعلامي لمساندة رؤية الرئيس حسني مبارك للتعديلات الدستورية عند طرحها على البرلمان. وأشار جمال مبارك الأمين العام المساعد أمين السياسات بالحزب نجل الرئيس مبارك إلى أن نقطة الانطلاق في هذه التعديلات هي المبادئ التي طرحها الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي التي أكدت ضرورة تعزيز دور البرلمان في مراقبة ومحاسبة الحكومة وإتاحة سلطة أكبر للبرلمان في إقرار الموازنة العامة للدولة، وتعزيز دور مجلس الوزراء واختصاصاته ووضع ضوابط لسلطات رئيس الجمهورية وضمان تبني النظام الانتخابي الأمثل وحد أدنى لمقاعد المرأة بالبرلمان، وكذلك ضمان تبني قانون جديد لمكافحة الإرهاب يكون بديلا عن تطبيق حالة الطوارئ وكذلك تعزيز السلطة القضائية. وبالرغم من تعدد المواد الدستورية التي سوف تطرح للتعديل إلا أن قانون مكافحة الإرهاب البديل لقانون الطوارئ هو الذي يستحوذ على الشارع السياسي في مصر، وقال الدكتور مفيد شهاب وزير المجالس النيابية إن مشروع قانون مكافحة الإرهاب لن يكون إعادة لصياغة نصوص قانون الطوارئ وبذات المضمون، مضيفا أن مشروع القانون يستلزم تحقيق توازن بين حقوق وحريات المواطن وبين مقتضيات مكافحة الإرهاب وتمويله ومتطلبات أمن الوطن واستقراره، وأكد شهاب أن إصدار تشريع جديد لمكافحة الإرهاب سوف يؤدى إلى إنهاء سريان حالة الطوارئ، مشددا على أن مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه هو أمر لا يحتمل الخلاف أو المزايدة، وهو جزء أساسي من منظومة حقوق المواطنة. وبالرغم من حالة اليقين لدى الشعب المصري أن ما يقره الحزب الحاكم هو دليل الحكومة في العمل إلا أن الدكتور محمد كمال عضو أمانة السياسات أكد أن الحزب الوطني يطرح أفكارا وأن رأيه غير ملزم لرئيس الجمهورية، فالرئيس لديه العديد من التقارير حول التعديلات الدستورية بما فيها الأفكار التي طرحها أعضاء مجلسي الشعب والشورى ومؤسسات المجتمع المدني، وأن دور الحزب هو رفع توصيات حول رؤيته تجاه التعديلات الدستورية، وأكد كمال أن الحزب الوطني قام برصد وجهات نظر الأحزاب والقوى السياسية تجاه التعديلات الدستورية حيث عقد الأمين العام للحزب العديد من اللقاءات مع قيادات من أحزاب أخرى أكدت أن هناك مساحة كبيرة للاتفاق بين الحزب الوطني والأحزاب الأخرى حول التعديلات الدستورية المطروحة. وبدد كمال حالة المخاوف من وجود نية لدى الحزب الوطني لإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات، وقال إن هناك أفكارا لتطوير هذا النظام، ولكن هذا لا يعني إلغاء وجود القضاء في العملية الانتخابية؛ لأن الهدف هو الحفاظ على نزاهة الانتخابات وتطوير الإشراف عليها. ومن المتوقع أن يتقدم نواب بمجلس الشعب من المعارضة والإخوان المسلمين باقتراحات لتعديل الدستور لعرضها في لجنة الاستماع وتشمل تعديل المادة 76 بحيث يسمح للأحزاب بخوض الانتخابات الرئاسية في حالة حصولها علي أي نسبة من المقاعد في مجلسي الشعب أو الشورى حتى لو بمقعد واحد وتعديل، لمادة 77 يجعل مدة الرئاسة مدتين فقط، كما اقترح بعض النواب البحث عن زيادة تمثيل المرأة بطرق أخرى غير النص على مقاعد لها في الدستور، وأكد الدكتور جمال زهران رئيس كتلة المستقلين بالمجلس أن كافة الخيارات مفتوحة للتصعيد ضد (الوطني)، رغم امتلاكه الأغلبية التي قد تصل إلى الاعتصام في إطار حشد وتعبئة الشعب كورقة ضغط أخيرة على النظام أوضح زهران أن المعارضة تطالب بدستور جديد للبلاد وليس ترقيع الدستور الحالي بما يسهل عن سيناريو التوريث وتكريس سيطرة الحزب الحاكم على مقدرات الدولة وكذلك إلغاء كل القوانين سيئة السمعة والاستثنائية والتأسيس لكل ما هو دستوري وقانوني. فيما رفض الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين التعديلات التي تعتزم الحكومة طرحها على المجلس، مطالبا بتغير الدستور بشكل كامل بما يؤدي إلى إصلاح سياسي حقيقي وفصل كامل بين السلطات وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وأضاف أن نواب الإخوان والمعارضة والمستقلين سيتصدون للتعديلات (المشبوهة) على حد وصفه وسيقودون الجماهير وينزلون للشارع في مواجهة تعنت الحزب الحاكم وسعيه لتكريس هيمنته على الحياة السياسية وحرمان القوى السياسية الأخرى من التعبير عن رأيها.