في ورقتها المقدمة حول الشخصية العربية في السينما الغربية أوضحت د. إيمان تونسي أن السينما كأحد الفنون المرئية تركز على عنصري الصورة والمكان، كما أنها تجمع بين فني الرسم والمسرح.. وترى د. تونسي أن أي دراسة تتناول هذا الموضوع لابد أن تشير إلى أمرين: - الأول: يختص بطبيعة السينما في أنها أحد الفنون السمعبصرية التي تركز على المكان والشخصية والزمن. - الثاني: علينا ألا نغفل ونحن نعرض صورة العربي على الشاشات الأوروبية والأمريكية أن شأننا نحن العرب هو شأن الأقليات في مجتمعات تلك الدول. وتوضح د. إيمان أن هذه الدراسة ستكون على ثلاث مراحل: - الأولى: ستوضح التداخل المكاني للشرق في السينما الغربية. - الثانية: تعطي في شكل إضاءات ما نقلته تلك الصور المركبة والمتحركة عن شخصية العربي. - الأخيرة: ستعرض لأفلام ما بعد هجمات 11 سبتمبر وحتى أوسكار 2006م. وتضيف د. إيمان أن سحر الشرق وعبقه كان هو المسيطر على السينما الغربية منذ بدايتها في الأفلام الصامتة حين استأثرت الصحراء باهتمام السينمائيين، ولم يغب عن أفلام ذلك العهد قصص (ألف ليلة وليلة) فقد استلهمت الأفلام الصامتة قصص المغامرات (لص بغداد 1924) و(بساط من بغداد), (علاء الدين)، و(علي بابا). وتضيف د. إيمان أنه في منتصف الثلاثينيات بعد الأزمة الاقتصادية التي مرت بها وفي سبيل تحقيق الوحدة الوطنية دخلت السينما الأمريكية مرحلة جديدة في التعامل ليس فقط مع سكان الأرض الأصليين بل العدد القادم من الخارج في شكل الإفريقي أو الآسيوي والعربي كذلك. وفي الأربعينيات ومع انقضاء الحرب العالمية الثانية كانت الشعوب العربية في مصر وشمال إفريقيا لاتزال قابعة تحت الاحتلال المباشرة أو تحت الوصاية عندها اتخذت الأفلام الغربية منحى جديداً في تصوير مؤمرات تحاك وعمليات تجسس تدبر مع عرب يعملون لحساب الحلفاء من ناحية ومع الجهة المضادة من ناحية أخرى، ونتيجة لخلو الساحة العربية مما ينقض تلك الصورة أو ينفيها فقد جادت السينما الغربية بعرب أخيار يقفون مع الغرب وآخرون أشرار يقفون ضدهم. وتختم د. إيمان بعد هذا العرض أن على العربي متابعة التبدل الذي حصل في النظرة إلى المكان فبعد الصحراء أصبحت المدن وحتى محاولات تحرير الشعوب لأنفسهم أخذت تُفسر على أنها عمليات تخريب وتدمير. وفي ذات السياق عن صورة العربي في السينما الغربية يوضح د. هشام عبدالرحمن خداوردي أن السينما الغربية في خطابها عن الشرق وخصوصاً العالمين العربي والإسلامي تبدو حاملة ومسوقة لخطاب استقصائي تشويهي لعقائد وعادات وموروثات الشعوب والحضارات العريبة والإسلامية، يرجع ذلك إلى جذور تاريخية تبدأ مع الحروب الصليبية. ويضيف د. هشام أنه منذ انطلاقة السينما الغربية مع الأفلام الصامتة وحتى وقتنا الحاضر تصور الأفلام الغربية وخصوصاً تلك الصادرة عن شركة هوليوود الأمريكية العرب والمسلمين على أنهم رعاة للإرهاب وأصحاب غرائز دونية همجية. ويقف د. هشام على بعض الأمثلة لصور الفرد والمجتمع العربي في السينما الأمريكية الحالية حيث نجد أمثلة واضحة وجريئة ومنصفة للهوية العربية والإسلامية ومن ذلك: - فيلم Syriana المنتج 2005م حيث يوضح بكل جرأة أن من أهم أسباب التخلف والفساد في الدول العربية هو التدخل السياسي من الدول الغربية الكبرى. - فيلم Flightplan والمنتج أيضاً 2005م حيث قدم اعتذاراً جريئاً عن التاريخ المديد للأفلام الغربية التي قدمت العرب كخاطفين وإرهابيين على متن الطائرات. - فيلم Dirty Pretty المنتج 2003م حيث يعكس مفارقة لظاهرة عتيدة في تاريخ السينما الغربية حيث إن الرجل الأبيض كان وما زال يمثل سبيل الخلاص لكثيرٍ من مظاهر التخلف والظلم في المجتمعات الشرق أوسطية. ويختم د. هشام برأيه أنه من الخطأ الجزم أن نتاج السينما الغربية يميل إلى إنصاف العرب والمسلمين كما أنه من الخطأ أيضاً الجزم باستعلائية واستعمارية السينما الغربية على العكس من ذلك، فنحن في حاجة إلى خطاب تحليلي موضوعي يكشف اختلاف طيات وتوجهات الخطاب السينمائي الغربي.