(قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تسرف ولو كنت على نهر جار). في بداية هذه المقالة أدخل إلى موضوع اجتماعي صرف وهو أن كثيراً من المواطنين لا يهتمون بترشيد استخدام المياه وهذا ما دعا وزارة المياه والكهرباء مشكورة لأن تقوم في هذا المجال بدور كبير تطبيقاً لقرار وزاري بتنفيذ حملات ترشيد للمياه في جميع المناطق، وقد نفذت الوزارة ثلاث حملات منها ووزعت أدوات الترشيد مجاناً على المواطنين في الرياض والمنطقة الغربية والشرقية والقصيم وحائل والشمالية والجنوبية بل في وسطها وتجاوب القليل مع هذه الدعوة والحملة المباركة التي تنادي إلى الترشيد وعدم الإسراف في استخدام المياه. وشملت هذه الحملة (القطاعين العام والخاص). وبدأ هذان القطاعان يطبقان هذه الدعوة عملياً بالمشاركة الفعالة مع وزارة المياه ومن ثم تركيب أدوات الترشيد على حنفيات دورات المياه في تلك الإدارات طبعاً - في (القطاعين العام - الخاص) وبدأت بوادر فوائد الترشيد واضحة عند استلام فواتير المياه أو عند جلب وايتات مياه بحيث إن المياه قل استهلاكها إلى حوالي ثلث وكذلك منازل المواطنين أيضاً بدأ أصحابها بتركيب أدوات الترشيد على الصنابير (الحنفيات) والدشوش - والسيفونات وقد قل الاستهلاك أيضاً إلى أكثر من ثلثين عما كان قبل تركيب أدوات الترشيد. فوزارة المياه والكهرباء تبذل الغالي والنفيس من أجل تطبيق توجيهات المقام السامي بترشيد وتوعية الناس في استخدام المياه. وهذا واضح من أعمال معالي وزير المياه والكهرباء م. عبدالله الحصين ومساعديه في الوزارة، وأصبح هذا الموضوع شغلهم الشاغل ونصب أعينهم جميعاً كما أصبح أيضاً شغلهم الأول أي في مقدمة جداولهم اليومية لأن مملكتنا بلد قليل المطر ولا يوجد بها أنهار طبيعية وهو صحراوي كما أن الإحصاءات التي نشرت مؤخراً تؤكد أن المملكة تقع على بحيرات مياه غير دقيقة، وهذا ليس تخويفاً ولكنها الحقيقة بأن المملكة مياهها وخصوصاً الجوفية قليلة وأمطارها تكون نادرة إذا ما قورنت بالدول الأخرى التي أمطارها كثيرة أو بها أنهار. والمملكة العربية السعودية مساحتها شاسعة جداً وتقدر ب2.240 مليون متر مربع ومعظم أراضيها صحراوية قاحلة وجافة ومياه سدودها تكفي لبعض الناس إذا أعيدت معالجتها واستخدامها في الزراعة. وليس هذا هو مجال الشرح أكثر فيجب على كل مواطن ومقيم أن يحترم هذه النعمة. وألا يهدر المياه بل يحافظ عليها. قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ). عزيزي القارئ خذ مثالاً - بأن لديك خزان مياه أرضي في المنزل فجرب يوماً وقم بتركيب أدوات الترشيد فهل ستستهلك كل الخزان خلال 5 أيام أم تستهلك الخزان خلال 9 أيام. انظر ولاحظ هل.. هناك فرق؟ أقول نعم.. هذا طبعاً يقلل من الاستهلاك العام وبدلاً من أن تقوم المديريات بتوزيع المياه على الأحياء لأربعة أيام في الحي فإن المديرية ومع تركيب أدوات الترشيد ستقوم بضخ المياه ليومٍ واحد فهل أنتم وعيتم هذا الفرق (فأنا قمت بنفسي بتركيب أدوات الترشيد) ووزعتها على أقاربي وزملائي وجيراني ففعلوا ذلك وطبقوا مثلي ولاحظوا الفرق في استهلاك المياه بمنازلهم والتوفير في قيمة الفواتير. أعود للقول إن سماع دعوة ولاة الأمر والمسؤولين بوزارة المياه والكهرباء أمر يوجبه الدين ويحض عليه. قال تعالى: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ) والآيات والأحاديث في هذا المجال كثيرة ولا يسع المقام لذكرها والناس يعرفونها ولكن يريدون التذكير قال تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ). وهنا أدعو الاخوة من كل قلبي أن يتجاوبوا مع هذه الحملة الوطنية التي وضعت من أجلهم وأجل أولادهم والأجيال القادمة وأود أن أتحدث في آخر مقالتي بأن أحدكم دخل دورة المياه وقضى حاجته وأراد أن يستنجي ويتوضأ فلم يجد ماء فماذا يعمل وفي هذا الزمان لا يوجد بالفلل أدوات استجمار. بل يوجد مناديل ورقية (محارم) فهل ستستخدم أخي المواطن هذا دائماً أي الاستجمار أعتقد لا وستتمنى الماء وستندم على ما فات من الإسراف.. كذلك تخيل أن عليك جنابة أو بجسمك أذى من طين أو دم أو غيره سواء المرأة أو الرجل فما إذاً أنتما فاعلان هل ستستجمران كل يوم أو كل وقت أنه أمر متعب جداً.. وعفا الله عن الأجيال السابقة فقد كانوا لا يجدون الماء إلا نادراً. فهل نحن معتبرون وهل نحن مقصرون وهل نحن أنانيون. وهل نحن اتكاليون.. وهل نحن لا مبالون؟؟؟ أتمنى ألا تكون هذه الصفات في هذا الشعب الطيب والمحب للخير الذي خيراته عمت أقطار الأرض من تبرعات ومساعدات. وهنا أتمنى من المواطن بالأخص أن يحافظ على نعمة الماء وأن يراقب الله أولاً ويراقب أولاده ومن يعول وكذلك يراقب عماله وخدمه ويتعاون مع رجال وزارة المياه والكهرباء بأن يكون عيناً ساهرة. ويبلغ عن أي إسراف متكرر من أي قلة أو منزل أو حتى شقة. فهل نحن معتبرون من بعض الدول التي تعيش الويلات والحروب والجوع والعطش وهل نحن نقدر نعمة الأمن والأمان وهل نحن نقدر ونحترم قرارات ولاة الأمر وهل نحن نقدر ونحترم ونطبق ما يطلبون. إذا فعلنا هذه الأمور نكون نحن جميعاً عباداً صالحين ومصلحين ومرشدين ومقتصدين. وفي ختام هذه الأسطر أرجو من المواطن والمقيم البدء حالاً بالترشيد ومراقبة النفس والأهل والخدم والعمال بعدم الإسراف وتبذير المياه ودعوة أخرى أن الاقتصاد في كل شيء مهم في الحياة حيث الاستمرارية والقوة والتدفق الله يحفظ علينا أمننا ونعمتنا وحكومتنا وولاة أمرنا وبلادنا أنه جواد كريم والله من وراء القصد.