تساءل الأستاذ عبد المحسن الماضي في عدد الخميس 6- 4-1427ه في تعقيبه على الدكتورة خيرية السقاف حول مدى صحة عبارة (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)، وأنا أقول إن العبارة صحيحة بلا شك، ولعل هذا الإشكال عائد إلى أن الأستاذ لم ينتبه إلى أن هذه العبارة إنما هي حديث نبوي شريف حدثنا به الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام. وقد أخرجه مسلم في صحيحه والإمام أحمد والترمذي وابن ماجة وغيرهم والحديث مشهور عند المحدثين. والتساؤلات التي طرحها الأستاذ عائدة في نظري إلى عدم فهمه للمقصود من الحديث، فالمؤمن في الدنيا حين يلتزم بأوامر الله ويتجنب ما حرمه الله عليه هو في سجن بالنسبة لما ينتظره من نعيم الجنة في جوار الله تعالى، وإن كان يعيش في نعيم وراحة بال. والكافر حين يخالف أوامر الله ولا يلتزم بشرعه هو في جنة بالنسبة لما ينتظره من عذاب الآخرة وإن كان يعيش في ضنك وضيق. فالمسألة إذن نسبية، والحديث بالتأكيد ليس دعوة للانتحار كما توهم الأستاذ، إذ الانتحار لا يمكن أن يقع من المؤمن. والحديث لا يتنافى إطلاقاً مع مبدأ التفاؤل، وإنما هو إخبار منه صلى الله عليه وسلم أن الدنيا ليست كل شيء وإنما هناك آخرة وهي التي يحاسب الناس فيها على أعمالهم. أحمد بن عبد الله العنيزان