ان الدنيا سميت بدنوها وذلك كما جاء في مختار الصحاح وان من يتأمل في الدنيا يجد بانها مليئة بالمغريات والملذات الزائلة التي لا بقاء لها وان من يركن الى الدنيا فانها تغره وان الانسان العاقل يتحسن منه ان لا تنقاد نفسه ورغبته لما في الدنيا من مغريات خادعة فما احسن ان يحذر منها ليسلم من غرورها لكونها دار غرور كما وصفها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم فقال في الآية 185 من سورة آل عمران (وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور) وقال في الآية 51 من سورة الاعراف (الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الجنيا فاليوم تنساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون). وقال في الآية 23 من سورة لقمان (فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) وقال في الآية 5 من سورة فاطر (يا ايها الناس ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) وقال في الآية 20 من سورة الحديد (وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور)، ومن الاحاديث الواردة بشأن الدنيا، فمن حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم بانه قال (مالي وللدنيا ما انا في الدنيا الا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)، ومن حديث قال فيه (الدنيا حلوة خضرة فمن اخذها بحقه بورك له فيها ورب متخوض فيها اشتهت نفسه ليس له يوم القيامة الا النار)، ومن حديث جاء فيه (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) كذلك من حديث جاء فيه (الدنيا كلها متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة)، ايضا ومن حديث ورد (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلماً) وايضا من حديث ورد جاء فيه (الدنيا لا تصفو لمؤمن كيف وهي سجنه وبلاءه) والدنيا قد ذكرت في كثير من الايات القرآنية وايضا في العديد من الاحاديث النبوية، هذا واما ما قاله الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه عن الدنيا، فقد قال (الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار عافية لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها). وكذلك فقد قال بعض الشعراء عن الدنيا ومنهم قال المتنبي: من صحب الدنيا طويلاً تقلبت على عينيه حتى يرى صدقها كذبا وقالت احدى الشاعرات: واف الدنيا لا يدوم نعيمها واف نعيش لا يزال يهضم وقال شاعر: هي الدنيا انا اكتملت وطاب نعيمها قتلت فلا تفرح بلذاتها فبا اللذات قد شغلت وكن منها على حذر وخف منها اذا اعتدلت وقال شاعر: ولقد غرضت من الدنيا فهل زمني معطى حياتي لغز بعدما غرضا وقال بعضهم: طلاق الدنيا مهر الجنة. وذكر اعرابي: الدنيا هي جنة المصائب رنقة المشاب لا تمتعك الدهر بصاحب. وقد قيل، انا اقبلت الدنيا على امرئ اعارته محاسن غيره، واذا ادبرت عنه سلبته محاسن نفسه، كذلك فقد قيل، ازعد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما ايدى الناس يحبك الناس. لذا فذلك بعض ما قيل وما هو حاصل بشأن الدنيا الفانية، فعسى الله ان يجعل لعباده المسلمين الخير من الدنيا ويقيهم غرورها.