رحل الأمير عبدالرحمن السديري، وقد ترك فراغاً كبيراً يملؤه الحزن والأسى لفراقه، لقد كان الأمير عبدالرحمن المربي الحكيم في أقواله وأفعاله، لقد عرفته منذ نعومة أظفاري، أتذكر شكله كما لو كان الآن، وأتذكر أقواله، لقد لازمه والدي الشيخ يوسف الدولتلي - رحمه الله تعالى - منذ أن كان أميراً في مدينة الجوف إلى أن استقر في آخر عمره في محافظة الغاط، وكما كان والدي محباً له، أحببناه نحن، لقد كان شاعراً نستمتع بشعره حينما كنا نجالسه في مجلسه، فيقول شعره وأبياته الوصفية التي كان يحب أن يرددها دوماً.. لقد كان شخصية محبوبة فيه الوقار والالتزام، كانت شخصيته - رحمه الله - تدعو إلى السكينة، أتذكره حينما كان والدي قد دعاه إلى الغداء في ذات يوم وكان منهكاً، بعد أن أخذ جولة مع والدي ليطلعه على مزرعة البديعة والمربعة. رآني من بعيد، وناداني بأعلى صوته، فكنت مرتبكاً؛ لصغر سني، فقام - رحمه الله - وأخذ بيدي وأقعدني بجانبه، وقام يدعو لي بالصلاح. رحل الأمير عبدالرحمن رحمه الله.. وفينا ألم لفراقه، كان الأمير عبدالرحمن قدوة بشخصيته الفذة، وكان بعيد النظر في أفكاره وآرائه.. يسعد به الجالسون لخططه واستراتيجيته التي يقولها على من في مجلسه، كريماً في عطائه يحب الخير للناس لا يرد سائلاً، أياً كان، يحب أن يكون راضياً مرضياً، لقد أحب العلم، والأدب والشعر، كان فخوراً بمسقط رأسه بالغاط، ولا يلبث أن يخرج منها ليعود إليها، مشتاقاً إلى مآثرها وذكرياتها إلى درجة أنه أحب أن يُدفن بها وبالتحديد في مقبرة الرجم الواقعة في البديعة، لقد أنشأ مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية ناذراً فيه الكتب والعلم والأدب والشعر التي استفاد منها كثيراً من طلاب العلم التي أصبحت علماً من أعلام المكتبات في المملكة.. لقد قدم هذا الأمير الشيء الكثير للصغير والكبير وعلينا أن ندعو الله دوماً له بالرحمة وأن يجزيه الله عنا وعنا المسلمين خير الجزاء. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.