الحمد لله الذي هدانا وأمرنا بالتعاون، والأمر بالمعروف، ووعدنا بخير الجزاء على الكلمة الطيِّبة، والصدقة الجارية، وصلى الله وسلم على رسوله الأمين الذي أوصانا بالأهل، والجار، وحثنا على مكارم الأخلاق والتراحم وفعل الخير. الحمد لله، على نعم الأمن والاستقرار والرخاء، والشكر له على موروث علمي وعملي، وأخلاقي تكفلت أجيال مجتمعنا المسلم بتعهده، وتوارثه حتى صار جيلنا موئل الأمانة ومعقد الأمل، هيأته لهذه المسئولية قدوة صالحة وتربية ميدانية أصيلة، وتاريخ مجيد ليكون - إن شاء الله - خير خلف لخير سلف ومع التقدير والشكر والعرفان لما تتفضّل به قيادتنا الكريمة، وحكومة والدنا - خادم الحرمين الشريفين - أعزها الله وسدَّد خطاها، إلا أن المجتمعات كالأفراد الذين يمرون بفترات نمو طبيعية، تتفاوت معها قدراتهم ومتطلباتهم، ولا بد أن تتدرج معها مسؤولياتهم تجاه أنفسهم، وتجاه بعضهم وتجاه مجتمعهم وتجاه وطنهم. وفي مجتمعنا المحلي في محافظة عنيزة - كغيره من مجتمعات المملكة تضطلع الحكومة - وفقها الله بالدور الرئيسي الشامل في عملية التنمية المتكاملة، ولكن تظل بعض الأمور المحلية خارج مسئولية الدولة، متروكة لمبادرة المواطن حسب درجة وعيه، وعمق إحساسه بالانتماء الذي يعتبر محصلة المنهج التربوي الذي تلقاه من مجتمعه، تلقيناً ومعايشة في مراحل التكوين، وهنا يتبلور أثر القدوة الصالحة، وأساليب الاستجابة، والتعامل مع مسلسل احتياجات المجتمع. وتقديراً لوفاء مجتمعنا المحلي في عنيزة، وتطلعاً للدور التنموي المأمول من الجمعية الخيرية الصالحية التي قدّمت نفسها.. على أنها الامتداد الطبيعي لمبادرات التوعية والعمل الاجتماعي الرائد، فكان هدف التكريم للذين أسهموا في إضاءة ماضينا القريب وحاضرنا المشرق، فرصة ثمينة للتعبير لهم عن تقديرنا لجهودهم، فإن لكل رائد منهم سماته النبيلة المتفرِّدة، شأن الفروق الفردية بين البشر وقد التقوا جميعاً - والحمد لله- على صعيد واحد طيب، صعيد العمل المخلص - أن شاء الله - فيما ينفع الناس، أثاب الله كل من أسهم بنية صادقة وأجزل له الأجر والمثوبة. وقد وضعت الجمعية هذا الهدف النبيل ضمن أهدافها في لائحتها الأساسية عند تأسيسها في 24-1-1403ه. (إنماء الوعي لدى أفراد المجتمع الحاضر والأجيال المقبلة بما قدَّمه الرواد الأوائل، من أعمال وما حققوه من إنجازات في مجالات الخير والبر والنهوض بالمجتمع وشحذ هممهم وإطلاق طاقاتهم لاتباع خطى القدوة الصالحة والسلف الطيب وذلك بالطرق التي تراها الجمعية محققة لذلك). إن الجمعية قامت استجابة لهدف نبيل وهو الوفاء لذكرى الأستاذ صالح بن ناصر بن صالح - رحمه الله - وهو المعروف بإخلاصه للعلم وطلابه وهو الرائد حقاً فيما يعود على مجتمعه بالخير وله - رحمه الله - مع طلابه وأهل مجتمعه مبادرات جليلة تعتبر إرهاصات للخطوات الشمولية التي شهدها مجتمعنا على مدى نصف القرن الماضي. وخلال السنوات الماضية أسهمت جهود الجمعية بتشجيع من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم ورئيس أعضاء الشرف في الجمعية - حفظه الله- وأهالي عنيزة الكرام في مناسبات التكريم بصورة مختلفة ومنها: 1 - نظراً لما قدَّمه الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - من جهود عظيمة في تعليم العلوم الشرعية ولما له من مؤلفات قيمة في هذا المجال تميزت بسلامة العقيدة وسهولة الطرح والبعد عن التطرف وشمولية المواضيع، فقد قامت الجمعية في عام 1407ه بطباعة مؤلفاته وهي تشمل (16) مجلداً منها (8) مجلدات تفسير و(8) مجلدات تشتمل على مؤلفات الشيخ من حديث، وعقيدة وفقه، وثقافة إسلامية، وخطب، وفتاوى. وقد قامت الجمعية بطباعتها ثلاث مرات بكميات كبيرة نتيجة للإقبال الشديد عليها من قبل طلاب العلم الشرعي وغيرهم من داخل المملكة وخارجها وخصص لذلك مشروع طباعة توزيع مؤلفات الشيخ وتم توزيع أكثر من (11000) نسخة، ونظراً لما يتميّز به العصر الحاضر من ظهور وسائل تقنية حديثة تميّزت بسرعة النشر ودقة البحث واختصار الوقت فقد أخرجت هذه المؤلفات مع إضافة أربعة كتب جديدة للشيخ على أقراص الليزر (CD) وأعدت لها مشروع مستقل. كما أسست الجمعية مركزاً للدراسات والبحوث الاجتماعية ويهتم بإرث شيخنا الجليل وأطلق عليه اسمه وهو (مركز الشيخ ابن سعدي للدراسات والبحوث) بمباركة كريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز وذلك في حفل الجمعية في 29-10-1424ه. 2 - تبنت الجمعية إصدار سجل وثائقي لسيرة معالي الشيخ محمد الحمد الشبيلي - رحمه الله - وجمعت المعلومات عن هذه الشخصية الفذة من مصادرها وصارت بعض تلك المعلومات فصلاً في كتاب باسم هذا الرائد، وأقيم حفل تكريم بمناسبة إصدار الكتاب الذي قام بإعداده وجمع مادته الدكتور عبد الرحمن بن صالح الشبيلي. 3 - أسهمت الجمعية مع المؤسسات الاجتماعية في عنيزة بتكريم الشيخ إبراهيم السليمان القاضي رئيس الهيئة الاجتماعية - رحمه الله - في عام 1413ه وأصدر مركز صالح بن صالح الثقافي سجلاً وثائقياً عن العمل الاجتماعي في عنيزة على هيئة ملامح موضوعية لجوانب الحياة الاجتماعية في مجتمع عنيزة على مدى عدة عقود، ظهرت فيها مبادرات فردية وجماعية للتكامل والتعاون والتنمية الذاتية والتطوير إلى جانب الخدمات الحكومية. 4 - واستمراراً في منهج الجمعية في تكريم الرواد من أبناء عنيزة، فلقد قامت الجمعية بتكريم الأستاذ عبد العزيز هزاع الهزاع بتاريخ 30-6-1419ه، وذلك بحضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم - حفظه الله- وحشد كبير من محبي المحتفى به. 5 - أسهمت الجمعية بتكريم الشيخ عبد الرحمن المنصور الزامل وهو من أعلام العمل الاجتماعي في عنيزة - رحمه الله - في عام 1421ه وتم إعادة طباعة كتاب ملامح العمل الاجتماعي في عنيزة مضافاً إليه ما تحقق خلال ثماني سنوات من مبادرات، وإنجازات حكومية وأهلية للمؤسسات والأفراد. 6 - احتفل أهالي عنيزة بتكريم معالي الأستاذ عبد الله بن علي النعيم رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية الصالحية ورائد العمل الاجتماعي يوم الثلاثاء 17-2-1423ه برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم وأصدر مركز صالح بن صالح الثقافي كتاب (عبد الله العلي النعيم الإدارة.. بالإرادة). 7 - كرَّمت الجمعية الأديب الكبير الأستاذ عبد الكريم الجهيمان بين أهله ومحبيه في أمسية جميلة وذلك يوم 25-8-1421ه عرفاناً لدوره الرائد على الساحة الأدبية. 8 - أسهمت الجمعية - مركز صالح بن صالح الثقافي - بتكريم الأستاذ عبد الله بن يحيى السليم بمناسبة انتهاء فترة عمله، تعبيراً عن العرفان بالدور المشكور والأثر الإيجابي الملموس لجهوده وسعيه لإثراء ساحة العمل الاجتماعي، وأصدرت كتاباً بعنوان: (عبد الله بن يحيى السليم: الإدارة بالحب) من إعداد عضو الجمعية الأستاذ مساعد بن عبد الله السناني للتعريف بالدور الذي اضطلع به خلال فترة عمله كمحافظ لعنيزة وذلك يوم الثلاثاء 27-10-1426ه في مركز صالح بن صالح. 9 - واليوم ونحن نكرِّم رائداً من رواد الأدب وهو الشاعر الأديب المعلّم والمفكّر إبراهيم بن محمد الدامغ بعد رحلته الطويلة وعطائه المميز لنقول له كلمة شكر وعرفان، ولنؤكِّد قدرة مجتمعنا - ولله الحمد - على التقويم المنصف والتقدير الواعي، والوفاء للأهل والوطن، وهذه كلها سمات لا تنمو وتثمر إلا في منابت يغذيها الإيمان بالله، والحكمة والمروءة وقدرة مجتمعنا على الاستجابة بالشكر والعرفان بالجميل والاقتداء والمسارعة إلى العمل النافع، كل حسب استطاعته. والجمعية الخيرية الصالحية في عنيزة وهي تكرِّم هؤلاء الأعلام من أبنائها لتخط لنفسها طريقاً مشعاً بالخير عامراً بالنور تملؤه المحبة والتضحية لمن عمل للوطن. في ذات الوقت تقطع على نفسها وعداً بتكريم كل من عمل للوطن وللمجتمع ودفع نفسه للعمل التطوعي والخيري لخدمة الآخرين وستستمر على هذا المنوال الراقي والرائع لمن يستحق التكريم وذلك حرصاً وتشجيعاً ودفعاً للشباب لكي يبذلوا كما بذل الرواد ويعطوا كما أعطى الأساتذة في العمل الخيري والتطوعي. ومن الله تعالى نستمد العون والتوفيق ونسأله تعالى أن يجزل الأجر والمثوبة لكل من حدَّث نفسه بفعل الخير. (*) أمين عام الجمعية الخيرية الصالحية