لا شك أن في غمرة هذا الانفتاح الإعلامي الكبير، وهذا التوجه الإعلامي المستقل، وهذا التطور الإعلامي السريع، تبرز تلك الإيجابيات والسلبيات على أسلوب وطريقة الصياغة والطرح عامة مما يؤدي إلى بزوغ آراء وتوجيهات تساند بالثناء وتخالف بالانتقاد بحسب المصالح المرتبطة بإدارة الدفة لهذا المصطلح العالمي المسمى ب(الرأي العام) أو الشارع كما يحلو للبعض تسميته من قبل الجهات المؤثرة في تقييم التصريحات ووجهات النظر بالتوازي مع التأثير والاستيعاب المفترض على مخيلة هذا الشارع بدعوى الواقعية المبني على المصداقية ومحاولة إعطاء انطباع لجمهور المتلقين بأن هناك ضوابط إعلامية تحافظ على العقلية المنجذبة نحو هذا الانفتاح والتطور باحترام رأيها وتفهم ديمقراطيتها. وهذه الرؤية المتداولة عند الأغلبية تكاد تكون نوعاً من الإغراءات المصطنعة لفرض أجندتها الخاصة المتعلقة بالتحليل والحوار والمفاهيم التي يصعب قبولها وبالتالي استحالة جعلها واقعاً يمكن التعامل معه في المستقبل. ولكن هناك من يستطيع بتميز أن يتعامل مع تلك الأساسيات المتعارف عليها وأن يصنع لنفسه مدرسة في تقييم الحوار الجاد وجعله مفيداً واستغلال ديمقراطية الحوار وجعله هادفاً وإعطاء الصورة الحسنة لهذا الإعلام العربي، فكانت هذه البداية مع قناة إعلامية إخبارية احتفلت قبل أيام بالذكرى الثالثة لانطلاقتها، واعتمدت على كوادر مؤهلين ومتميزين وتوجهت بكل تواضع إلى مجتمع متسع الإدراك وله اهتمامات مختلفة، واستطاعت أن تحتوي جميع هذه الاهتمامات بكل شفافية حتى أصبح هذا المجتمع متوحداً في متابعته المتواصلة لهذه الشاشة الصغيرة التي تحمل اسم أحبة هذا المجتمع وعرف أن هذا المسمى دليل على ثقل وزنها بحيث إنها على وزن الحقيقة، فما أثقل شيء من هذا الوزن في زماننا هذا، بل أصبح عبئاً ومسؤولية كبيرة على كل من يتبناه هدفاً أساسياً ومبدأً سامياً، لذلك كان هذا التواضع في وصف اتجاه القناة بأنها الأقرب إلى الحقيقة كعنوان يرسم الدلالات على المصداقة الإعلامية. لذلك فإن العربية استطاعت في فترة قياسية أن ترسم معاني مطورة للأداء الإعلامي العربي من خلال طرح مفاهيم للديمقراطية في الحوار والتحليل عبر برامجها بانتقائية لجهة موضوعات الساعة التي قد تأخذ حيزاً من انتباه المشاهد في طريقة تقييمه مما قد يؤثر على رأيه وبالتالي على الأهداف والمقاصد التي يمكن أن تتأقلم وتتفهم لتصبح في خدمة الرأي العام الذي هو في خدمة الصالح الوطني. بمعنى أن مسؤولية إثارة الموضوعات على ألسنة المحللين والمقدمين للبرامج هي في مقدرتهم على إثارتها في التوقيت المناسب ووفق الظروف المتاحة من دون استغلال ذلك للتسويق أو للتأثير على عقلية المشاهد وبالتالي انتقاله من الإيجابية إلى السلبية. إن الإعلام مهنة قد تسقط في أخلاقياتها وللأسف وردت على مسامعنا الكثير من الإهانات والمزايدات التي تصب في مصلحة إسقاط أخلاقيات المهنة بتعمد تسويق النظريات والاعتقادات التي تريد النيل من استقرارنا مما يؤدي إلى بث البلبلة وإحياء العنصريات استلزم هذا الذهاب أبعد من السكوت أو التفرج والمضي في الدعوات المخلصة لهذه المهنة. وكانت أبرز هذه الدعوات الدعوة التي تبنتها قناة العربية للحفاظ على مواثيق شرف المهنة التي وللأسف تم التحايل والتلاعب بألفاظها لصالح تلك الشعارات الرنانة التي تجذب لكي تدمر وتسوق لكي تخدع وتلقن لكي تفتك حتى لا يصبح الإبداء في الرأي على سبيل الاتفاق هو الطابع المرن كأقصر الحلول لمعالجة القضايا وحلها على المدى القريب. ولذلك كانت هذه الدعوى هي أحد الدلائل على حفاظ هذه القناة على ضوابط المهنة وبالتالي المصداقية والموضوعية لتكون مثالاً يحتذى به وخطاً يسلك عليه في احترام مشاعر وعقلية وثقافة المشاهد مما يجعلها نجمة لكل المواسم يتزايد بريقها بتزايد عدد المشاهدين والمتابعين لها ولأسلوبها المشوق دائماً. إن هذه القناة تفتخر بأنها تمتلك مساحة من الحرية والتطور بحيث إنها هيئت لترابط منهجي على قاعدة الحرية والتطور، بمعنى أنها شجعت على التطور المهني في جميع أعمالها واستغلت الفرص المناسبة لإظهار هذا النهج الجديد في سياستها المبنية أيضاً على التمتع بالحرية التي تساهم في تعزيز هذا النهج من دون التطاول على حقوق الآخرين وجعلها مناسبة لتكويناتنا المعتدلة والآخذة في النمو بأفضلية هذا النهج لنصبح بارعين في كيفية التعامل معه وبالتالي نصنع لأنفسنا فصلاً جديداً من فصول الاعتدال والحرية والتطور. من هذا المنهج الراقي وما نتج عنه من اعتدال في التصور ومن هذا التطور المدروس وما نتج عنه من جدية في التقدم تتضح المعالم وتتكشف الحقائق بصورة بعيدة عن الشك وبثقة بعيدة عن الريبة في أن قناة العربية هي القناة التي أشبعت غرائز المتابعين وصقلت عقول المهتمين وسايرت آراء المتفهمين، لذلك أصبحت هي الأفضل بجدارة والأقوى بكفاءة والأجرأ بمهارة، منحناها الثقة وبادلتنا بالتأكيد على هذه الثقة بعزيمة وإصرار ومن هنا نعدكم بالإخلاص والوفاء متأملين أن تتمسكوا بمنهجكم وثوابتكم وتحاربوا كل الضغوط التي تحاول النيل من حرية الكلمة وشرف المهنة ونحن نعدكم بأن نبقى على لوحة التحكم الخاصة بالتلفزيون (الريموت كنترول) ساكنة في مكانها لا يحركها إلا لهفتنا لمتابعتكم وشوقنا لسماعكم، لذلك فإن في الحفاظ على أهدافنا والسيطرة على مقدراتنا والأمان في توجهاتنا الخلاص والسلم الدائمين وعلى طمأنينتنا نستشعر بمعنى الإيمان الذي نسعى من خلاله إلى الثبات والاستقرار وبثقتنا بأنفسنا نستشعر معنى القوة التي نسعى من خلالها للتدرج وبخطى ثابتة نحو التفوق والنجاح. [email protected]