ما أجمل النسيان وما أجمل أن يتصف الإنسان بصفة النسيان التي تتيح له فرصة لأن يبتعد عن همومه وعن ماضيه الحزين.. ليبدأ في التفكير بالقيام بما من شأنه أن ينتشله من تلك الهموم ليبدلها بمستقبل سعيد مليء بالفرح والسعادة.ما أجمل النسيان عندما نقوم من خلاله بهدم حواجز الخلاف مع أناس نعيش معهم تربطنا بهم روابط تجبرنا على أن ننسى خلافاتنا معهم لتعود المياه إلى مجاريها وننسى تلك الخلافات التي قد نفقد باستمرارها الكثير من الأهل والأصدقاء.. ما أجمل النسيان عندما نمحو من ذاكرتنا تلك المواقف الصعبة والحزينة التي مررنا بها في مختلف أوجه حياتنا والتي عندما نتذكّرها نشعر بإحباط وإحساس بالفشل قد يضر مستقبلنا القادم فيكون نسيانها أشبه بطي صفحة حزن وألم لا بد من طيِّها ونسيان ما فيها. ما أجمل النسيان عندما ننسى تلك الأفكار السلبية والتي نظل نفكر فيها لنقوم بتنفيذها ضد أناس نود مجازاتهم على ما قاموا به من أمور تضررنا بها لنرد لهم من خلالها (الصاع صاعين) لنساير بذلك وساوس النفس البشرية الشريرة التي تدعو إلى الشر أحياناً فيقع التناحر والخصام بين البشر بسبب تلك الوساوس الشريرة! ولكننا حينما نتذكّر أن العفو والصفح من سمات ديننا فإننا عندها نسامح وننسى ما فكرنا أن نقوم به لنضر الآخرين!! ما أجمل ذلك النسيان الذي يكون بدافع التفاؤل بالمستقبل وبما يحمله من خير لنمحو من عقولنا وقلوبنا كل ما من شأنه تعطيل طموحاتنا نحو مستقبل مشرق.. أعزائي القراء! أرأيتم كم هو جميل أن يتصف الإنسان (بصفة النسيان)!! بالفعل إن النسيان - وكما يقول الكثيرون - هو (نعمة) وصفة جميلة.. ولكنني وجدت أن هناك وجوهاً قبيحة للنسيان جعلتني أجزم أن النسيان ليس نعمة في كل الأحوال!! فما أقبح النسيان عندما ننسى حقوقنا المشروعة لنظلم بذلك أنفسنا ونظلم من يأتي بعدنا ممن لهم نفس هذه الحقوق المشروعة وذلك من خلال سكوتنا عن المطالبة بتلك الحقوق.. ما أقبح النسيان عندما ننسى حقوق الغير علينا لنتجاهلها وننساها كمن نسي حقوقه والديه وبيته وزوجته وأولاده عليه.. ما أقبح النسيان عندما ننسى التزاماتنا المختلفة مع الغير لنكثر من الأعذار التي نواجههم بها من حين لآخر!! ما أقبح النسيان عندما ننسى أفضال الغير علينا وبدلاً من أن نقابل إحسانهم بالإحسان فإننا نقابل إحسانهم بالجحود والنكران.. ما أقبح النسيان عندما ننسى واجباتنا نحو وطننا ومجتمعنا!! ما أقبح النسيان عندما ننسى أحلامنا وطموحاتنا والتي نأمل تحقيقها في المستقبل، لنترك تلك الأحلام والآمال بسبب أمور قد لا تستحق أن نلتفت إليها لنجعل من تلك الأمور هي من يقرر مصيرنا ويتحكم بمستقبلنا!! ما أقبح النسيان وما أبشعه عندما يتمكّن من ذاكرة الإنسان عند مرحلة عمرية متأخرة من مراحل عمرنا ليعلن بذلك أننا قد شارفنا على سن الشيخوخة والتي لا نملك بعدها إلا انتظار الموت!! وبعد ذلك فهل ما زال البعض يظن أن النسيان (نعمة) وأنه صفة جميلة في كل الأوقات؟! [email protected]