سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة.. وفقه الله تعالى اطلعت كغيري من قراء جريدة الجزيرة على تعقيب للأستاذة فتحية السعيد، بعنوان: (لا يا صاحب الأحلام الوردية) والمنشور في العدد (12127) وذلك في يوم الأحد 9 من شهر ذي القعدة عام 1426ه وتأتي مقالة الكاتبة في تعقيب لها على مقالتي (وقفات مع مقالة فوزية).. وحيث إن إتاحة الرأي والمناقشة حق متاح للجميع فقد كان لي مع ذلك التعقيب للأخت فتحية السعيد وقفات وملاحظات رأيت أن أدلي بها للإخوة القراء. وهدفي من ذلك الحق والصواب (فإن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها). وما أحوجنا في ذلك إلى النصح والحق كما قال الإمام الشافعي: (ما ناظرت أحداً إلا سألت الله أن يجري الحق على لسانه). الوقفة الأولى: استبشرت خيراً عندما قرأت عنوان تعقيب الكاتبة عندما قالت: (لا يا صاحب الأحلام الوردية) ولكني تفاجأت في ثنايا مقالها بأحكام وتصورات عنيفة تناقض ما عنونت به الكاتبة لمقالها على ما يتبين ها هنا. الوقفة الثانية: تقول الكاتبة الأخت فتحية السعيد: (حيث إن الأخ هاجم الكاتبة في العبارة السابقة واستدل من القرآن الكريم والسنة بأن الانحناء والركوع والسجود لله..) فأما الهجوم على الكاتبة فوزية النعيم فقد أعدت قراءة مقالتي عدة مرات فلم أجد ما يثير الكاتبة فتحية السعيد علي بهذا الأسلوب - ومع ذلك فإني أقدم اعتذاري إذا كان قد صدر مني زلل أو خطأ - وأما استدلالي على قولي بالقرآن والسنة فهذا ما أمرنا الله به في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (الأحزاب). الوقفة الثالثة: أردفت الكاتبة في تعقيبها على كلامي وقالت: (لقد أخطأ القول عندما خلط بين الانحناء والسجود لأن السجود فعلاً لله وحده دون سواه أما الانحناء فيختلف كثيراً عن السجود).. وعلى إثر ذلك رجعت إلى بعض المراجع للبحث عن هذا الموضوع وأُورد هنا قولين اثنين فقط لتلك الحالة. فالحر تكفيه الإشارة واللبيب بالإشارة يفهم قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - في كتابه الشرح الممتع على زاد المستقنع في المجلد الثالث: (الركوع هو الانحناء؛ والانحناء في الظهر وهذا الركوع المقصود به تعظيم الله عز وجل فإن هذه الهيئة من هيئات التعظيم). القول الثاني: للشيخ محمد بن علي العرفج في شرحه لكتاب: الدروس المهمة لعامة الأمة وهذا الكتاب لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - حيث يقول: (ومعنى التحيات جميع التعظيمات لله ملكاً واستحقاقاً مثل الانحناء والركوع والسجود والبقاء والدوام وجميع ما يعظم به رب العالمين فهو لله). الوقفة الرابعة: تقول الكاتبة: (لقد هاجم الأخ الكاتبة في قوله: تلك الطاقة الكبرى تكمن في المشاعر المتضخمة لدى الرجل الذي ازداد التهاباً حينما تعرف المرأة خيانة زوجها ويعتصر الألم قلبها ثم تقبل بالأمر الواقع).. فإني أرجو من الأخت الكاتبة فتحية السعيد أن تعود لقراءة مقالة الأخت فوزية النعيم ومن ثم تعقيبي عليها لتعرف من صاحب هذا الكلام هل هو لي؟ أم للأخت الكاتبة؟ الوقفة الخامسة: تقول الكاتبة فتحية: (إن ما كان يحمله ثنايا مقال الكاتبة - أي فوزية النعيم - ما هو إلا بمثابة عتاب رقيق وقارب نجاة لكل من لطمته الأمواج العاصفة). تأملوا - أيها الإخوة - هذا الكلام ومن ثم تأملوا بعضاً مما قالته فوزية النعيم في مقالتها تلك وسأكتفي هنا بقولين لها فقط: 1- عنونت الكاتبة مقالها بقولها: (يكذب الرجل.. وتنحني له المرأة احتراماً). 2- أو قولها: (كيف ينشأ مجتمع فيه رجل خائن أو امرأة مغلوبة على أمرها؟) ليست هذه قضية بالطبع لأن السواد الأعظم - تقصد من المجتمع - هو: (رجل خائن + امرأة مغلوبة).. ومن خلال ذلك فإني أترك الحكم للقارئ الكريم على مثل ذلك الرأي. الوقفة السادسة: إن صدق القلم وفصاحته من أحسن ما يتلبس به الكاتب وينذر به العاقل والاعتناء بأدب القلم في المعنى هو ضرورة كما الأمر في المبنى وهو بذلك صاحب في الغربة ومؤنس في القلة وزين في المحافل وما دام الأمر كذلك فقلمك يا أخي لا تذكر به عورة أمرئ إذ كلك عورات وللناس أقلام. وبهذا فإنه يتعين على كل إنسان أن يتقي الله تعالى فيما يأتي ويذر وفيما يقول وفيما يكتب. وأن يقف حيث انتهى علمه ورحم الله امرئاً عرف قدر نفسه وليعلم جيداً أن من ورائه موقفاً صعباً (ولو لم يكن إلا تلكم الساعة الرهيبة المذهلة وهي سويعة التساؤل عنه قبل دفنه. وعن شيوع خبر انقضاء أجله وإصغاء الآذان إلى الجواب ولو لم يكن إلا ذلك لكان كافياً). بل وليتأمل بتلك القاعدة الشرعية المقررة من خلال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه والسلام. محمد بن زيد بن سعود العثمان