دق هاتفي فإذا بمن أراد مهاتفتي يخبرني بأن محمداً قد مات, صعقت لهذا الخبر ودوت صرخة عارمة لا إرادية انبعثت مني في منزلي اضطرب منها افراد أسرتي رغم أنه لا تربطني به صلة قرابة, هرعت إلى مستشفى سبت العلاية فإذا جمع غفير من الناس يبكون وما ان وقع نظر أخيه الأكبر والأكثر تأثراً علي إلا وانطلق إلى صارخاً ويقول تكفى يا أبا عبد العزيز ,, لقد مات محمداً كيف تكون حياتنا بعده. حزن لموته البعيد والقريب، تألم شيخ القبيلة، وذعر رئيسه في عمله وجميع زملائه، بكاه جميع من عرفه من أبناء مجتمعه ومن المقيمين بالمدينة حتى عمال النظافة بالمجمع القروي الذي يعمل فيه، أخذ والده الشيخ الكبير المسن الذي يعاني من آلام الغرغرينة التي أفقدته رجليه ومصاب بفشل كلوي من سنين طويلة أخذ يبكي ويعدد مناقبه وحسن بره به وبوالدته التي يتعهدها صباح مساء ليعطيها بنفسه إبرة الأنسولين رغم كثرة اخوته البارين أيضا, شهد صلاته ودفنه مئات من الناس، وما بقي أحد عرفه أو سمع عنه إلا وحضر لتعزية أهله فيه، بكاه البدوي في بيت الشعر الذي يسكنه، حزن لموته الشيخ الكبير، والطفل الصغير الذي قابله ولو لمرة واحدة، كتب فيه قريب له مرثية جاء فيها: ويش الخبر قالوا توفى محمد جته المنية خيرة الصبيانا مرحوم يا خال توفى فجأة حزنه على الشبان والشيبانا مرحوم يا خال كريم وافي ما يعقد حجابه على الضيفانا مرحوم يا خال جنابه لين لأمه وأبوه وجملة الأخوانا مرحوم يا خال الصخى والطيبة لو تطلبه زاده قعد جوعانا لو قلت مهما قلت ما أوفي حقه جزاه عند الله عظيم الشانا وقال فيه شاعر آخر يسمع عنه أكثر مما يعرفه: يا كل من يعرف محمد وله جار لك عبرة في الزمان وفي انصرافه الله يرحم محمد ليل ونهار الله يرحم محمد في مقامه رحيم بالوالدين وشافق بار وموحد قام في فرضه وصامه محبوب في كل منزل طيب أشبار كل شهد له بطيبه واحترامه الله يجيره من الأهوال والنار في جنة الخلد في دار الكرامة إذاً فمن هو هذا الرجل الذي أسر قلوب كل من عرفه وحبس الكلمات في حناجر حتى كبار وعاظ المجتمع لفرط حزنهم على وفاته, أهو رجل كبير بماله أو بجاهه أو بمركزه الوظيفي ، أبداً إنه لا هذا ولا ذاك، إنه محمد بن ناصر بن راجح الخليوي موظف الحسابات الصغير بالمجمع القروي بمدينة سبت العلاية,, الصغير بمركزه الوظيفي ,, الكبير جداً بحسن أخلاقه وحبه لمد يد العون للناس لمساعدتهم صغاراً أم كباراً,, مواطنين أم مقيمين , إنه ذاك الرجل الذي ترتسم على محياه دائما البشاشة والابتسامة وينبعث منه أحلى الكلام وأعذبه, إنه ذاك الرجل الذي لا يكاد يحصل مراجع على تأشيرة على طلبه إلا وانطلق بها لهذا الرجل ليقوم بتسهيل وإنهاء إجراءات طلبه النظامية لدى زملائه, إنه ذاك الرجل الذي لا يكاد يحصل أحد زملائه على قسط الراحة أثناء العمل إلا وقضاها معه في مكتبه إنه من يسعد كل من عرفه بالتحدث معه او مصاحبته في نزهة يومية أو أثناء عطلة نهاية الأسبوع , رجل بار جداً بوالديه، حسن التعامل مع أسرته وأقاربه، لين الجانب مع كل من عرفه، بشوش، كريم، متعاون يأنس له البعيد قبل القريب ويلقبه الجميع بصديق كل الناس. رحمك الله يا أبا ناصر رحمة واسعة وعش في حياتك الأخرى قرير العين بإذن الله فشهداء الله في أرضه قد كانوا شديدي الوفاء معك بالذكر الطيب الحقيقي الذي ورثته لمن بعدك من أفراد أسرتك وممن عرفك، وضرب زملاؤك في العمل أروع أمثلة الوفاء بتسديد ما تبقى عليك من أقساط في سيارتك، وقاموا بتسديد جميع ما تبقى عليك من ديون نرجو الله أن يجعل كل ما أسديته لوالديك ولأفراد المجتمع من بر وحسن خلق وخدمة الناس في موازين حسناتك ونحن بقضاء الله راضون راضون راضون، وإنا لله وإنا إليه راجعون. محمد عبد العزيز القرني مدير مركز الإشراف التربوي بالعلاية