تناقلت قنوات الانترنت العربية المختلفة ما بين بريد الكتروني ومواقع للحوار وتخاطب الحي صورة لحيوان له جمجمة انسان مشوهة, ومعها كتب نص انجليزي بلون احمر وبلغة انجليزية رسمية الطابع ينسب الى فريق من شركة أرامكو اكتشف مخلوقا غريبا له جسم ضب ورأس انسان قرب شاطىء السفانية بالمنطقة الشرقية. وقد اشار الخبر المرفق بأن قوة الامن الصناعي وامن الشركة لا زالا في نقاش حول ما يجب عمله سواء باصدار بيان تحذيري او اغلاق الشاطىء او التكتم على الخبر, وأكد كذلك بأن 3500 حيوان انسان من هذا النوع تعيش في منطقة التناجيب مشيرا الى ان آخر مرة شوهد فيها هذا المخلوق كانت قبل 25 عاما. وقد نفت شركة أرامكو حدوث الامر برمته في خبر نشرته الشرق الأوسط وقد استغربت كثيرا ظهور خبر النفي والتفات الشركة للتعامل مع عبثيات الانترنت التي تعج بها فالامر لا يعدو ان شخصا عبث بصورة ضب وأضاف لها رأس انسان مستخدما احد برامج تحرير الصور المنتشرة التي لا يكاد يخلو منها جهاز حاسب آلي. عجبت حقا لاعطاء الشركة هذا الامر كل هذا الاهتمام لكنني في ذات الوقت اعتقد ان تكذيب الخبر قد يكون ضروريا لاعتبارات اخرى. رغم وضوح الامر الذي لا تنتطح نعجتان على انه ملفق برمته الا ان الكثيرين لم يعملوا فكرهم ولو قليلا للتحقق من الخبر والصورة المرفقة, فبمجرد تكبير الصورة ولو قليلا يتبين حدود لصق الصورتين والدمج الذي تعرضت له لتصبح صورة واحدة. والحقيقة ان القدرة الفنية لدى ملفق الصورة كانت متدنية كما كان ظاهرا في الصورة لكن الغرابة التي يؤخذ بها قارىء الخبر تشل التفكير احيانا فلا يتبين له كذبها. والمؤسف في الامر سهولة تصديق البعض لمثل هذه الخزعبلات في اوساطنا رغم الوعي الكبير والعقلانية التي تتسم بها مجتمعاتنا فلا زلت اذكر صورة انتشرت في ايدي الناس في الثمانينات الهجرية لرجل برأس غريبة ورقبة طويلة مع تعليق بخط ركيك يقول فيه صاحبه بأن هذا الرجل تعرض لعقوبة ربانية فقلب الله رأسه الى رأس ثعبان, ولم تكن تلك الصورة سوى صورة للشخصية الهوليودية التي ابتكرها مخرج فيلم E.T. The Extra-Terrestrial واستخدام تلك الصورة ونشر الخبر الملفق كان عبثا بمعتقدات الناس ومشاعرهم فنحن نؤمن بأن الله قادر على كل شيء، لكن العبث بنشر الاخبار الملفقة امر نرفضه وينبغي ان لانكون جزءا منه ولا ان نساهم فيه بارساله الى غيرنا. والعجيب ان خبر الحيوانسان كان بدائيا في كل شيء: في لغته وتركيبه وظروفه وفي القدرة الفنية في اخراج الصورة فهي صورة مركبة تفتقر الى ابجديات الرسم الالكتروني كما هو واضح في عدم تمويه المقاطع وربط الاجزاء ببعضها لكن الاعجب من ذلك ان يجد خبر ملفق كهذا طريقه ليصدقه الناس وتهب شركة من كبريات الشركات العالمية لتكذبه فقاتل الله الفراغ حين لا يوجد ما يشغله الا مثل هذه الامور. ولعلي اعود مرة اخرى الى ما اشار اليه الزميل عبدالله بن بخيت لماما في مقالة له بعنوان صور على الانترنت حيث تحدث عن مشكلة اعتقدها خطيرة وهي فهم طبيعة الانترنت فقد نشأت وارتبطت نشأتها بالحاسب الآلي وسيصبح خطرها جسيما حين يصل تأثيرها الى ثوابت المجتمع وعاداته فمثلا الانترنت تعج بالصور من كل نوع وبامكان المستخدمين جمع تلك الصورة ومعالجتها كما يشاؤون فماذا لو قام احدهم بتلفيق صور مرفوضة ولفق حولها الاكاذيب؟ اليس هذا امر وارد؟ اذن فلابد من فهم طبيعة الانترنت لمن يستخدمها ومن لا يستخدمها ايضا وليس اقل من ان يضع الانسان في حسبانه ان ما يتوصل اليه على الانترنت يحتمل الصدق والكذب على حد سواء. كما ان مصدر الخبر او المعلومة يؤثر على مصداقيتها واما ما يصل عن طريق المنتديات والتحاور فلعلي اقول وبكل ارتياح بأن الاصل فيه الكذب ما لم يأت صاحبه بدليل دامغ على صحة ما لديه.