قبل التعليق على خبر صحفي نشر الأسبوع الماضي، فيما يلي أبيات من قصيدة (طريفة) للشاعر فهد المبلع: الضب قدم للوزارة شكية يقول انا مظلوم وسط الصحاري الحيواتات تعيش عيشة هنية وأنا مع الكبسات تحت الكباري مسكين مالي واسطة خارجية الواسطة عند الظبا والحباري اليا طلعت ابتمشى شويه الياه الدداسن كوم تضرب بواري في سوق منفوحة يحرج عليه مكتوب اسمي بالسجل التجاري أما الخبر فقد بثته احدى الصحف الالكترنية عن مراسلها في حائل محمد المرضي يفيد ان المعدل اليومي لزبائن معطم شعبي في حائل زاد من خمسين الى أربعمائة زبون بسبب انه بدأ في تقديم طبق يومي بسعر عشرة ريالات عبارة عن كبسة ضبان!. في حديث مدير المطعم؛ وهو من جنسية عربية، أعاد إقبال الزبائن على كبسة الضبان الى حب أهل البادية (الجنوني) للضب! لأنهم يرونه مفيدا للجسم ويفضلونه على سائر اللحوم الأخرى! لا سيما المتزوجين الذين يحتاجونه (كمقو خاص)!، وأضاف هذا العربي ان الاهالي يخرجون ظهيرة كل يوم بحثا عن الضب لاصطياده!. الخبر لم يوضح كيفية صيد الضبان وجلبها الى المطعم، وما اذا كان يقوم بهذا الدور عمال أجانب أم مواطنون، وأرى أن سعر الطبق غير مشجع على الربح الا اذا كان العمال يتولون بأنفسهم صيد الضبان. وعلى أي حال فكلام المدير العربي لا يقبل تعميماً ان لم يوصف جزء منه بالمبالغة او الهراء، فلا أهل البادية ولا الحاضرة يحبون الضب بجنون، واذا كان الاجداد يتخذون - إبان حقب تاريخية رافقها انعدام الخدمات الطبية الحديثة واعتمادهم على الطب الشعبي - الضب او أحشائه كوصفات لعلاج بعض الامراض، او يأكلونه، فلم يعرف في موروثنا الشعبي أن الضب طريدة صيد لفرسان الصيد المحترمين، ولا لحمه مرغوب بجنون. أما تهمة أنه مقو للمتزوجين فهي من الخزعبلات المعششة في أذهان قلة من البسطاء. صحيح ان الضب يواجه في السنوات الأخيرة هجوما شرسا من قبل مراهقي صيد يسرحون في براري المملكة خاصة في المنطقة الوسطى دون مواجهتهم على أقل تقدير ببرامج للتوعية بأخطار ما يرتكبونه تجاه مكونات سلسلة الاحياء الفطرية، فيقتل الواحد منهم أعداداً من الضبان تقدر بالمئات في اليوم الواحد، لكن حقيقة الامر ان عملهم هذا مع طهيهم لكبسة الضب في ميدان (رحلة المقناص) تحت ظل الاشجار او تحت الكباري كما قال الشاعر المبلع، كل ذلك لا ينم عن رغبة حقيقية في تناول لحم الضب بقدرما هو عمل من مكملات طقوس رحلات (العربجة) عند هذه الفئة من الصيادين، وذلك بركوب جيب الشاص، ولف الشماغ على الرأس فبما يسمونه (شخصية بنت البكار) مع التسلح ببندقية متطورة سعيا من هؤلاء لأن يمنحهم أمثالهم وصف (طيور البر)، بينما هذا النمط من الصيد عبث أتى من ثلاثي الشر بحسب وصف صاحب السمو الأمير بندر بن سعود بن محمد الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية الذي تلقيت منه الأسبوع الماضي اتصالاً هاتفياً معلقاً على موضوع مماثل طرحته في هذه الصفحة، وحملني سموه أمانة توضيح فكرة ثلاثي الشر مساهمة في نشر الوعي بين الاطراف المعنية، ففي تحليله لظاهرة عبث الصيادين وإسراف المراهقين منهم في قتل الطرائد بما فيها الضبان أعاد سموه سلوكهم الجائر الى ثلاثة أسباب رئيسية تتمثل في أولاً: إهمال رب الأسرة وتهاون التربويين تجاه عبث الأبناء في رحلات المقناص، وثانياً: غياب القدوة الحسنة وقلة الوعي في هذا المضمار الشعبي، وثالثاً: الجانب السلبي فيما تبثه مواقع ومنتديات الانترنت المتخصصة في الصيد والرحلات البرية وبعض القنوات الفضائية الشعبية التي يزعم أصحابها أنهم يخدمون الموروث الشعبي بينما هم (جهلاء) يبحثون عن بريق الأضواء وما في جيوب المراهقين عبر الرسائل الهاتفية، هذه القنوات والمواقع تبث صوراً وبرامج وموضوعات محرضة على الصيد الجائر. أعود الى الأجنبي، فلقد شاهدت عاملاً آسيوياً في مزرعة بأطراف قرية نائية في المنطقة الوسطى (الصورة) يحمل مجموعة ضبان هزيلة ليبيعها في سوق شعبي يقام في يوم واحد من كل أسبوع بالقرية، ومثل هذه الأسواق موجودة في العديد من المدن والقرى، ولا تخلو من عمال أجانب يعرضون الضبان والحيوانات الفطرية الأخرى للبيع. والخلاصة أن هذه اضافة الى ثلاثي الشر ليصبح رباعيا، فاقتحام العمال هذا المجال دليل على استفحال الاهمال تجاه حماية الأحياء الفطرية في كل المناطق، وأسوأ ما في هذه الأسواق أن الحيوانات الفطرية؛ وبعد جلبها عنوة من بيئتها الفطرية في ظل غياب تطبيق اجراءات صارمة وعقوبات رادعة، لا تجد غالبا من يشتريها فتلقى وتموت في أطراف السوق. أختم بهذه الأبيات للموظف بالهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية عبدالله بن هديان البقمي الذي قال: الضب والجربوع خايف ومنحاس حتى ولو سالم وراه انتكاسة مير انصحوا ناس مع الجهل تنحاس وعيب النفوس الطاهرات الشراسة والتسلية ما هيب في ذبح الانفاس ومن طاوع الجهال ياردي ساسه وفي الأسبوع المقبل لنا لقاء من قلب الصحراء.