علم التاريخ من أجل العلوم وأخطرها، فهو العلم الذي يحمل أخبار الأولين للآخرين، والسعيد من اتعظ بما تحمله مدونات التاريخ من عبر يستفاد منها في تطبيقات معرفية شتى، وذلك بهدف تجنب الأخطاء، والاستفادة من خبرات السابقين، واستشراف المستقبل المأمول في الإدارة والسياسة. ودارة الملك عبدالعزيز بما أولتها الدولة من اهتمام ودعم أصبحت من المراكز الثقافية المرموقة في العناية بالدراسات والبحوث التاريخية الرصينة بما في ذلك جمع الوثائق التاريخية التي لها صلة بتاريخ المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية. ومنذ تسلم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - أمير منطقة الرياض - رئاسة مجلس إدارة الدارة، وهي تشهد نمواً كمياً ونوعياً مطرداً في أعمالها وبرامجها المتنوعة في التاريخ والثقافة وتوثيق تاريخ المملكة، مما انعكس على ازدهار البحوث والدراسات التاريخية. ومن المعروف أن سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز من المتحمسين للعلم والكتب والثقافة، إذ يملك مكتبة خاصة كبيرة وغنية بمصادر المعلومات، وهو قارئ مواظب وملم بمعارف شتى، أهمها التاريخ العربي والإسلامي، وبالذات تاريخ الجزيرة العربية، بل يمكن اعتباره مرجعاً موثقاً وخبيراً في تفاصيل تاريخ المملكة منذ تأسيس الدولة السعودية. ولهذا نجد أنه ليس من المستغرب أن ينطلق حقل الدراسات التاريخية منذ تسلم سموه رئاسة مجلس إدارة الدارة، فقد نمت حركة البحوث والدراسات حول تاريخ المملكة بشكل غير مسبوق، وعلى أسس منهجية في البحث والتوثيق، لدرجة أن كمية المراجع والكتب التاريخية التي أصدرتها الدارة بعد ترؤس الأمير سلمان لمجلس إدارتها تفوق ما أصدرته الدارة في عقود عدة قبل ذلك. إن هذه الجائزة التي تحمل مسمى جائزة الأمير سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية، ويرعاها شخصياً أمير العلم والعلماء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لهي من الجوائز الجديرة بالاهتمام والاحتفاء لما تتميز به من شحذ الهمم والتنافس الشريف بين الباحثين السعوديين المهتمين بتاريخ المملكة العربية السعودية وتاريخ الجزيرة العربية على وجه العموم. كما أن تنوع مجالاتها وعدم حصرها بالكتب وحدها دليل آخر على تميزها، فأصبحت الأبحاث والمقالات العلمية والرسائل الجامعية ضمن حقولها، وهذا دليل آخر إن احتاج الأمر لذلك، على اهتمام صاحب الجائزة الشخصي بتشجيع الباحثين في دراسة تاريخ المملكة ليس مادياً فقط، وإنما معنوياً بمتابعة ما ينشرون وحرصه - سلمه الله- على الاتصال بالمؤرخين وإبداء آرائه الشخصية وملاحظاته الدقيقة فيما ينتجون. ولهذا كان الحفل بحجم صاحب الجائزة التي آمل منها الاستمرار والذيوع وآمل أن تسهم في إثراء البحوث التاريخية، وتجلية الكثير من الجوانب التي لا يعرفها الجيل الجديد من تاريخنا المحلي المتنوع في ثرائه الاجتماعي والثقافي، كما أتوقع لها أن تصبح جائزة ذات شهرة واسعة وتخرج من المحلية إلى آفاق أرحب لتتسع وتشمل المؤرخين العرب وغيرهم ممن أسهموا في خدمة التاريخ السعودي، دراسةً وتحقيقاً وترجمةً، وهم كثر، أغلبيتهم من المخلصين الذين خدموا هذه البلاد وتفانوا في ذلك منذ عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - إلى يومنا هذا.وفي الختام.. أرجو من الله التوفيق لكل من أراد بهذه البلاد الطيبة وأهلها خيراً. وأدعو لإخوتي في دارة الملك عبدالعزيز على اختلاف مراتبهم ومسؤولياتهم التوفيق والسداد في أداء واجبهم.. ولدولتنا الكريمة مزيداً من السيادة والرفعة في ظل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله-. *أمين مكتبة الملك فهد الوطنية