عندما يتناول كتابنا الصحفيون في أعمدتهم قضية وطنية بحجم وأهمية قضية التربية والتعليم فإن المتوقع أن واجبهم الوطني والمهني سيدفعهم باتجاه الموضوعية والمصداقية في الطرح. إن كتابنا الأفاضل يعلمون يقيناً أن التعليم هو وحده دون غيره الذي سيصنع الفرق في نمط ومستوى حياتهم وحياة أبنائهم، لذا فالمنطق يقتضي أن يوجه الكتاب الذين يتناولون موضوعات تربوية عصارة فكرهم ومهنيتهم لمناقشة وإثراء توجهاتنا وقضايانا التربوية والتعليمية بعيداً عن التشنج والمواقف الشخصية المسبقة والإغراض الضيقة. وللحق أقول إن كثيراً من كتابنا هم ذلك الرجل. لكنني أعجب من كاتب يقوم بالتنقيب عن أي حدث تعليمي بغرض اجتزائه من سياقه وتضخيمه وتقديمه للقارئ على أنه الحقيقة المطلقة. أنا لا أنفي القصور عن صانعي القرار التعليمي بحكم طبيعتهم البشرية، إلا أنني أحسن الظن بهم وأحسبهم يؤدون واجبهم عند مستوى مميز من الكفاءة والخبرة والوطنية. اذا اكتشفنا قصوراً في العمل التربوي (وسنكتشف ذلك حتماً) فيجب أن نرتقي بطرحنا فوق التشفي لنهدي إلى مؤسساتنا التربوية الرأي المتعقل والمتزن الذي تتطلع إليه. إن أعتى وأقوى الأنظمة التعليمية على الأرض به اليوم من الثغرات ما الله به عليم، ولكن القوم هناك يد واحدة في إصلاحه وتطويره باستمرار بعيداً عن الشخصنة والانفعالات الطائشة والبلبلة التي تصل أحياناً إلى حد التشكيك في أهلية مؤسساتنا التربوية والقائمين عليها.