وما أدراك ما الحور العين، لا حرمنا الله منهن أجمعين، عندما تابعت برنامج الحور العين للكاتب السعودي عبد الله بن بجاد، والمخرج نجدة أنزور، كنت متعطشا لرؤية ما حل بالرياض ذلك اليوم المشئوم (الثلاثاء) من كارثة إنسانية وأخلاقية ودينية وحضارية، كنت متعطشاً لرؤية كيف تخلّقت هذه الخلايا (البشرية) في منظومة تآمرية على كل معاني الخير والحق والحياة؟ وكيف تسللت إلى صفوفنا بعد أن كانت خياراً نقرؤها في وسائل الإعلام؟ بل إلى أبنائنا وإخواننا الذين كنا نظن أنهم أحرص الناس على حياة مجتمعاتنا. كنت أظن الأستاذ عبد الله بن بجاد سوف يضع أفكاره التي أتابعها في جريدة الرياض وآليات طرحه وطريقة عرضه المثيرة، تساءلت عنها في البرنامج وهي المعنية بقضايا الإرهاب وخلاياه، ومصادره، وتاريخه، وأطوار تشكله منذ الحرب الأفغانية الروسية، وحتى يومنا الحاضر، تخيلت أن نجماً سعودياً سوف يبدأ الكتابة للتلفزيون وهذا كان مطلبنا منذ عشرات السنين، ذلك أن هذه المغامرة ليست من السهولة بمكان والعمل التلفزي (الفكرة) الحوار، والسيناريو يحتاج إلى متخصصين، بل إنني أعجبت بشجاعة بن بجاد على اقتحامه هذا المجال، وما زلت معجباً به. - توقعت من مخرج الكواسر، الجوارح، والزير السالم، إبداعا عربياً مشهوداً عرف به.. وسوّق به نفسه.. لكن فوجئنا به جميعاً برنامجا يصلح أن يكون لكل شيء عدا الإرهاب.. هناك غزل وحب وتطارح مشاعر، وسوالف، ومطبخ مليء بأصناف الخضراوات وعناصر مشاركة - رغم أن العمل سعودي - ليس فيها أي طعم ورائحة إنسان سعودي لا من النساء أو الرجال، مسلسل أهلكني وأنا أنتظر التفجيرات، والمطاردات، والهيلوكبترات، تصاعد الدخان من الانفجارات، والمصابين والإسعافات أهلكني وأنا أنتظر خروج المعاناة، والدموع من المصابين والمصابات، أين تلكم الضجة على البرنامج قبل عرضه. كل ذلك لم يحدث، لم يأت.. أصبح المسلسل (سوالف ليل على المنقد الغافي). - على أية حال ما أود قوله للمسؤولين عن هذا المسلسل، ولمن سوف يأتي يكتب عن الإرهاب.. إننا ننتظر عملا يناقش بداية ثم تشكل العناصر الإرهابية (تاريخه) العوامل المؤثرة في صناعة الإرهاب، اختيار العناصر التي يتوسم فيها قبول فكرة الإرهاب، الظروف السياسية الاجتماعية الاقتصادية المؤججة للإرهاب، فعل الإرهاب، نتائجه، آلياته التقنية المستخدمة، كيفية التعامل معها، تنظيم الخلايا الإرهابية وعلاقاتها بالداخل والخارج، نظرتها للمجتمع، وللناس، وعلام تتكىء في نظرتها أهو للأيديولوجية، ام أن الواقع الصعب سهّل عملية الهروب إلى الأيدلوجية وحصولها على الأموال؟ والعمل يفترض أن يطرح الحلول للقضاء على الإرهاب ليكون له رسالة لأننا قرأنا وشاهدنا ورأينا ما فعل الإرهابيون.. لكن ما هو الحل؟.. ومن ذلك تجديد الخطاب الاجتماعي الثقافي السياسي الاقتصادي للقضاء عليه (الإرهاب)، آلية محاصرة الإرهاب ليس فقط من قبل الجهات المختصة الأمنية ولكن عموم المواطنين، وأبناء المجتمع وافدا ومقيما، المدرسين، المدرسات في مدارسهم، المحافظين ورؤساء المراكز في محافظاتهم ومراكزهم، العمد في أحيائهم، وشيوخ القبائل بين أفراد قبائلهم ورجال الفكر والثقافة في صحافتهم والخطباء في جوامعهم، نحن في سفينة، يجب أن تعمل يداً بيد ضد الإرهاب. - هذا ما كنت أرجوه من المسلسل الذي أتمنى أن يخلف ظني فيما تبقى من حلقاته، ويكتب سطراً إضافيا حول موضوع الإرهاب وهل الجهود التي بذلت كافية لتصحيح هذا الفكر المنحرف الضال؟!