نظراً لكثرة مناسبات الزواج وكثرة المتزوجين في هذه الأيام فإن الحاجة ماسة لتوضيح بعض أحكام وسنن الزواج وبعض المحظورات الشرعية التي يجب اجتنابها فإن هناك العديد من السنن التي يستحب فعلها قبل الزواج أثناء الخطبة أو في أثناء الزواج وبعده ومن أهم هذه السنن ما يلي: 1- النظر من المخطوبة ما يدعو إلى نكاحها: فإن من السنة أن ينظر الخاطب إلى ما يدعوه إلى نكاح مخطوبته كوجهها وكفيها وطول جسمها ونحو ذلك من الأمور قبل أن يدخل بها ويعقد عليها. وهذه السنة تجعل الزواج أكثر نجاحاً لأن كلاً من الزوجين لا يقدم على هذا الزواج إلا بعد القناعة بشريك حياته ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أرشد إلى ضرورة نظر الخاطب إلى مخطوبته: ( فإنه أحرى أن يؤدم بينهما) أي أكثر احتمالاً لنجاح الزواج وهذا أمر مشاهد. 2- تقليل المهر: فإن المهر واجب للمرأة المتزوجة وحق لها لكن من السنة أن يكون هذا المهر قليلاً ولا يكون كبيراً يثقل كاهل الزوج حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة) رواه أحمد والبيهقي بسند صحيح، ومعنى أيسرهن مؤونة أي أيسرهن مهراً، وكان صداق بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوجاته أربعمائة درهم أو خمسمائة درهم.. قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (لا تغالوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم). 3- الزواج المبكر: فإن من السنة تعجيل الزواج وقد دل على ذلك آيات وأحاديث كثيرة منها قول الله عز وجل: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} (3) سورة النساء وقوله سبحانه وتعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} (32) سورة النور، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك فقال: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) رواه أحمد وابن حبان ولكن بشرط أن يكون هؤلاء الفتية أهلاً لتحمل الزواج لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه، ولا يخفى على عاقل ما في الزواج المبكر من إعفاف للزوجين وحماية للمجتمع من الجرائم الأخلاقية التي قد توجد في المجتمع بوجود أسبابها التي تثيرها من الصور المحرمة أو نحو ذلك مما لا يرضي الله عز وجل. 4- إعداد وليمة للعرس: فيستحب أن يكون هناك وليمة للعرس ولو كانت مبسطة إعلاناً لهذا النكاح، يدعى إليها الأقارب أو الجيران لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبدالرحمن بن عوف: (أولم ولو بشاة) متفق عليه، وإذا دعي إلى هذه الوليمة أحد وجب عليه الإجابة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من دُعيَ إلى عرس أو نحوه فليجب) رواه مسلم. 5- إعلان الفرح بالنكاح، فيستحب أن يعلن الفرح بالنكاح ويستحب للنساء ضرب الدف والغناء الذي لا محظور فيه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت) رواه أهل السنن إلا أبا داود. 6- الدعاء للمتزوجين: فيستحب أن يدعى للمتزوجين لقول أبي هريرة رضي الله عنه: (إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رقأ الإنسان -إذا تزوج- قال بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير) رواه أبو داود. 7- الدعاء عند الدخول على الزوجة: فيستحب للمتزوج إذا دخل على زوجته أن يدعو بالدعاء الوارد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن يضع يده على ناصيتها - مقدمة رأسها فيقول: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) رواه ابن ماجه وأبو داود. 8- التسمية عند إرادة الجماع: وهذا من السنن المهمة التي ينبغي أن يحافظ المسلم عليها لإرشاد النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن أراد ذلك بأن يقول: (بسم الله.. اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا)، قال صلى الله عليه وسلم: فإن قدر بينهما في ذلك ولد لن يضر ذلك الولد الشيطان أبداً) متفق عليه. أما المحظورات الشرعية في مناسبات الزواج: فإن هناك العديد من المحظورات والمنهيات التي يجب على المسلمين اجتنابها عند إقامة مناسبات الزواج ومن أهم المحظورات ما يلي: 1- الإسراف والتبذير في الولائم وهذا مخالف لما أمر الله به من وجوب حفظ الأموال والاعتدال في الإنفاق كما قال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} (29) سورة الإسراء، وقال سبحانه في ثنائه على عباده المتقين: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (67) سورة الفرقان، وحرم الله سبحانه وتعالى الإسراف والتبذير فقال: {َلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }(27) الإسراء. 2- مخالفة سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في مناسبات الزواج فالمشروع أن يكون هناك ضرب بالدف مع الغناء المباح في مجتمع النساء دون أن يكون هناك غناء محرم يصحبه آلات موسيقية أو حتى غناء محرم يتعرض فيه للعورات أو سب لبعض الأشخاص والعوائل ونحو ذلك مما يسمى بالمحاورة أو إلقاء بعض القصائد التي تنال من الأشخاص أو تحتقر المسلمين أو غير ذلك من الأمور التي قد تثير الشحناء أو تثير الحقد والكراهية بين المسلمين. 3- ارتكاب بعض المنهيات والمحرمات الشرعية إما تقليداً لغير المسلمين في مناسباتهم التي يقيمونها أو جهلاً بأحكام الدين الإسلامي الذي جاء بالخير للمسلمين مما جعلهم ليسوا في حاجة لتقليد غيرهم، إضافة إلى أمر المسلمين بمخالفة غير المسلمين والنهي عن تقليدهم، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا اليهود والنصار قال: فمن؟) أي فمن غيرهم وقال -صلى الله عليه وسلم-: (خالفوا المشركين) ومن الأمثلة على هذه الأمور التي يفعلها بعض المسلمين ما يسمى بالشبكة وهو أن يوضع حفل خاص للعريس والعروسة قبل العقد يلبسها خلاله دبلة تسمى دبلة الخطوبة وتلبس العروسة العريس دبلة كذلك أو ما يسمى بالزفة وهي إلباس العروس لباساً خاصاً وصعودها على مكان مرتفع ويأتي الزوج أمام النساء الحاضرات اللاتي ربما كن كاشفات ويتم تصويرهما ونحو ذلك مما نص أهل العلم على تحريمه. 4- ارتكاب بعض المخالفات الشرعية كاختلاط الرجال بالنساء أو رقص النساء مع الرجال أو لبس بعض النساء لملابس غير محتشمة حتى لو كان في مجتمعات النساء وربما صاحب ذلك تصوير للنساء وقد يتبع ذلك نشر لصور تلك النساء وهذه الأمور تتسبب في أمور لا تحمد عقباها وتؤدي حتماً إلى تصدع بناء الأسرة وإخلال بأساس المجتمع. وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الحياء لا يأتي إلا بخير)، جعلنا الله وإخواننا وأخواتنا المسلمين والمسلمات من الحريصين على الحياء فإنه شعبة من شعب الإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. أسأل الله عز وجل أن يوفق إخواننا المتزوجين والمتزوجات وأن يجعل حياتنا وحياتهم مليئة بالسعادة والوئام والمحبة والهناء وأن يزينها بطاعته وأن يرزقنا وإياهم الذرية الصالحة وأن يحفظ لنا ديننا وبلادنا وولاة أمرنا وعلماءنا إنه سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.