قرأت ما كُتب في جريدة الجزيرة (صفحة تحقيقات) موضوعاً بعنوان: حول طرق وأساليب الكشف عن غش العسل (الندغ أفضل أنواع العسل وجبال الجنوب موطنه) رقم العدد 12021 وتاريخ 22-7-1426ه للمحرر عبد الله الرزقي العرضية الجنوبية فأشكر الرزقي على طرح مثل هذه المواضيع التي تمس المستهلك، وأقول موضحاً أن العسل السعودي يُعتبر من أجود أنواع العسل كيف لا وجبال السروات ابتداء من منطقة مكةالمكرمة حتى الحدود السعودية اليمنية جنوباً والتي ينمو فيها مختلف الشجيرات المحببة إلى النحل فنجد في المناطق الشفوية (شعف الجبال) شجيرات إكليل الجبل (الضرم) والطباق والشرم والسحاء وفي الأودية المنخفضة والمنحدرات المتوسطة نجد الأكاسيات أمثال الضهياء والسمر والسلم وفي الأودية السحيقة والأراضي المنبسطة نجد أشجار السدر والطلح والسيال والقتاد ومن هذا التباين يحدث اختلاف في المناخ من مكان إلى آخر وبالتالي حدوث التنوع في الغطاء النباتي واختلاف الأزهار وهذا لا يختلف عليه اثنان بأن المنطقة الجنوبية هي المنطقة التقليدية لتربية النحل منذ القدم وبالتالي تنوع العسل فيها ويبقى السؤال كيف يتعامل المنتجون للعسل مع هذا المنتج الحيوي الهام والمحافظة عليه ووصوله إلى المستهلك في حالة طازجة ومطابقة للمواصفات السعودية لعسل النحل؟.. فقد سنحت لي فرصة العمل في وزارة الزراعة فرع الطائف. وبموجب تخصصي في المناحل وإنتاج العسل عملت مع النحالين ورأيت كيف يقطفون العسل من خلاياهم (العيدان) ولاحظت الآتي: 1- النحال على طول امتداد جبال السروات لم يتثقف مهنياً بالنحالة ولم يلم بالعمليات الفنية الحديثة لإنتاج العسل فنجده يقوم بعصر الأقراص العسلية باليد!! وتارةً يعرض العسل لأشعة الشمس!! وذلك بوضع أقراص العسل في غربال (منخل) ومن ثم كبسه وسيلان العسل عبر المنخل فيتعرض لأشعة الشمس والهواء والرطوبة! 2- تسخين العسل المنتج في حمام مائي عند (تبلور العسل) حالة فيزيائية تحدث للعسل الطبيعي بغية الحصول على عسل سائل وعند تسخين العسل أوضحت الدراسات والأبحاث التي اجريت في هذا المجال بأن تعرُّض العسل للتسخين يتسبب في زيادة درجة اللون الغامق وحدوث زيادة واضحة لمادة الهيدروكسي ميثيل فورفوال كما يحدث فقداً واضحاً للإنزيمات الموجودة بالعسل لذلك فإنني أنصح مستهلكي العسل بعدم تسخين العسل المتبلور واستعماله على حالته هذه حتى لا يسبب التسخين فقداً في صفات العسل كلها وتنقص قيمته الغذائية والشفائية ولذلك يجب على النحالين توعية أنفسهم في العمليات النحلية والفنية لمهنة تربية النحل حتى يحافظ على العسل البري المنتج محلياً. كما أنني أشيد بالأعسال المنتجة في المملكة العربية السعودية سواء في جبال السروات أو في المناطق الزراعية أو الواحات البرية في بقية مناطق المملكة من خلال انتشار تربية النحل في السنوات الأخيرة والعسل البري لدينا يُعتبر من أفخر أنواع العسل نظراً لسقيها بماء المطر وبعدها عن مصادر التلوث وقلة الرطوبة الجوية وبعدها عن الأنهار التي تتسبب في ارتفاع المحتوى الرطوبي للعسل وللمناخ الجاف ولمواسم الازهار القصيرة أثر ملموس في الحصول على نوعية ممتازة من العسل وعسل الأزهار البرية الذي ينتج في المناطق الجافة كمناطقنا هو ينتج عادة من نوع واحد منها كعسل الندغ من الزعتر البري وهو أسرع الأعسال تبلوراً (يُدعى في الجنوب مجرى) وعسل الضرم (إكليل الجبل) أو الشرم أو السحاء.. هذه أعسال الربيع المسماة (الأعسال الصيفية) أو العسل الشتوي كما في الأكاسيات كالطلح والسمر والسلم.. أو العسل الخريفي كعسل السدر والضهياء والقتاد وتتصف هذه الأعسال بمذاق فريد الذي يشبه عبير الزهرة المنتج منها وبرائحته الزكية التي تشبه الشذى وبلزوجته العالية بالإضافة إلى خواصه العلاجية. وهو بحق كما قال الله سبحانه: { فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ } (69) سورة النحل . ناصر إبراهيم الغصن جامعة الملك سعود - كلية الزراعة.. الرياض