دق أو لا تصدق.. زوج لم ير وجه زوجته لمدة ثلاثين سنة هي عمر زواجهما على الرغم من أنهما يعيشان تحت سقف واحد وليس بينهما أي خصام! صدّق أو لا تصدّق زوج رأى وجه زوجته عن طريق الخطأ والصدفة فيغضب ويهجر زوجته ولا يكلمها ويخاصمها لأشهر! عقابا لها على ذلك الفعل الذي اقترفته كما يعتقد. صدّق أو لا تصدّق زوجة لا تأكل مع زوجها أبدا لأنها لا تستطيع أن تكشف وجهها أمامه وكذلك بناتها! صدّق أو لا تصدّق.. أخ طلب من أخته أن تكشف وجهها ليراها فخاصمته مدة من الزمن ليست بالقليلة.. هل تصدّقون هذا يا سادة؟ هل يُعقل هذا وهل هذا من الدين في شيء؟ وهل هذا ما أمر به المولى سبحانه وجاءت به الشريعة الإسلامية السمحة؟ أي عادة يا سادة تلك التي تحرم الزوج من الاستمتاع بوجه زوجته وأن يرى قسماته وأن يكحل عينيه بمحيّاها.. وأن يستمتع بكل مفاتن وجهها التي حباها إياها المولى عز وجل وقد أحل له الله ذلك. أي عادة يا سادة تجعل تلك المرأة لا تجلس مع زوجها على طعام واحد وتأكل معه ويتبادلان أطراف الحديث الشجي وحديث المودة والعتاب الرقيق المحبب.. أي موروث شعبي يجعل الأخ لا يرى وجه أخته وقد خرجا إلى هذه الدنيا بطنا واحدا؟ ورضعا من صدر واحد وتجمعهما روابط الأخوة والدم وعلاقة القربى؟.. وأي عُرف اجتماعي يحرم ما أحل الله ورسوله لعباده وما أعطاهم من حقوق مشروعة للاستمتاع بها؟! بصراحة لا أدري.. والله يا سادة أنا عندما أنتقد السلبيات الموجودة في مجتمعي الحبيب فلا أنتقد لمجرد النقد فقط ولا أطلب الشهرة أو المجد ولكني أنتقد تلك السلبيات التي تتعارض مع مبادئنا وقواعدنا الإسلامية الحميدة والتي للأسف ما زالت موجودة بيننا وما زالت تطغى على تلك المبادئ الجميلة والتي ما جعلت شيئاً فيه خير للبشرية إلا وأوصت به وحثت عليه وأمرت به ولا شيء فيه شر للبشرية إلا ونهت عنه وحذرت منه.. نحن يا سادة مجتمع مسلم ولله الحمد ويجب أن نقرن القول بالعمل وألا نقول ما لا نفعل.. عندما أنتقد تلك السلبيات فلأنها فعلا سلبيات ولأنني أريد لهذا المجتمع العظيم الرفعة والعزة والمجد وعندما أفعل ذلك فأنا أريد لهذا الكيان الكبير أن يرتفع بهامته ليطاول عنان السماء، وعندما أبرز سلبيات هذا المجتمع الأبي فأنا أريد الإصلاح ما استطعت وأريد أن يعم الخير والحق والعدل والجمال بمختلف أشكاله وأبهى صوره، وعندما أظهر عيوب بعض العادات والتقاليد والأعراف وأحاول التعديل فأنا لا أريد أبدا أن نصبح مجالا لأن يضحك أو يتهكم أو يسخر منا أحد.. ونحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ومهبط الرسالة والوحي السماوي.. وبلاد الحرمين الشريفين وحفظة القرآن الكريم.. هذا ما أريده والله ولا شيء سواه.. أعرف بأن أي مجتمع في الدنيا له عادات وتقاليد وتراث وأصالة وموروث ولو لم يكن كذلك لما كان مجتمع أبدا ولأصبح مجتمعا هامشيا ليس له تاريخ أو حضارة أو ماضٍ يعتز به.. ولكن لماذا التمسك بالعادات العقيمة والأعراف البالية التي غطى عليها الزمن؟ لماذا التمسك بها حتى وهي تخالف ديننا الحنيف وتتعارض معه؟ لماذا ما زلنا حتى الآن وفي بعض الأمور لا نزال نرزح ولم نخرج من عباءة (هذا ما وجدنا عليه آباءنا)؟ أفيقوا يا سادة فأنتم محاسبون على كل صغيرة وكبيرة.. انتبهوا يا هؤلاء فأنتم تخالفون ربكم وتعاليم دينكم وتجنون على أهلكم من حيث تشعرون أو لا تشعرون (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عليه الناس.. ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس). بالله عليكم كيف تطلبون الحب والمودة والعطف والحنان وحُسن العشرة وأنتم لم تقدموا أو تعملوا له ولم تبذلوا أسبابها.. بل قتلتموها في المهد ومن أول ليلة.. كيف تريدون أن تعشعش السعادة في بيوتكم وأنتم ترفضون رؤية أطهر جزء في جسم الإنسان والجزء الذي كرمه ديننا العظيم وهو حلال لكم.. أسألكم هل أنتم في قرارة أنفسكم راضين عن ذلك؟ أنا متأكد بأن الإجابة هي لا، ولكنها العادات والتقاليد والأعراف السلبية والجامدة والتي ما انزل الله بها من سلطان ولم تتغير أو تتحرك منذ مئات السنين.. وإلا كيف لا يود أحدكم أن يستمتع بجمال زوجته ورسولها إلى القلب وهو وجهها.. أنا أعرف بأنكم بين نارين أو أمرين أحلاهما مر إما الانصياع لمجتمعكم وعاداته وتقاليده وأعرافه السلبية إرضاء له والعيش معه وحرمان أنفسكم مما أباح لكم من المتعة أو مخالفته والعيش بين النبذ والتهكم والسخرية.. حسنا ولكن هذا الأمر هل يتماشى مع دينكم وتعاليمه ومبادئه أم أنه يخالفها؟ الجواب بالتأكيد يخالفها.. إذن كيف ترضون بذلك؟ وكيف تذهبون إلى إرضاء أُناس مثلكم في سبيل عدم إرضاء المولى سبحانه وتعالى؟! وفي الحقيقة عندما قرأت تحقيق الأخت منيرة المشخص في عدد الجزيرة 12010 وتاريخ 11 من رجب 1426ه والذي كان بعنوان (عندما لا يرى الزوج وجه زوجته) لم أستغرب لأنني أعرف أن هناك أزواجاً وبعض الجماعات يعملون بهذا الشيء ولكن ما أثار دهشتي فعلا وحفيظتي بأن تلك العادة السيئة والمرفوضة ما زالت حتى الآن بيننا على الرغم من بلوغنا القرن الواحد والعشرين وقد بحثت عن الأسباب التي تجعل الزوجة لا تكشف وجهها لزوجها طوال تلك السنين ولا تأكل معه ولكنني لم أجد أسباباً شافية وافية أو منطقية ومعقولة قد يحاول أن يقبلها العقل البشري فبعض العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية قد يكون لها تبرير لا أقول منطقياً بل شبه منطقي أو شبه مقنع لدى الذين يمارسونها ويحاجونك بها. ولكن هذا الأمر كما أسلفت لم أجد له ما يبرره فالزوج يرى من زوجته ما لا يراه أحد غيره وما كان أحرى بالتغطية من الوجه فكيف لا يريد أن يرى وجهها؟ والغريب العجيب في الأمر أن الزوج راضٍ بذلك، بل يغضب ويخاصم ويهجر إذا كشفت زوجته وجهها أمامه حتى لو كان ذلك بالخطأ والصدفة.. وربما خطر على بالي سبب للتمسك والالتزام بتلك العادة المرفوضة وقد يكون هو الصواب من وجهة نظري وإن كنت غير مقتنع به وهو أن المرأة والرجل يخافان التعرض للتهكم والسخرية والازدراء وربما النبذ من قبل مجتمعهما الذي يحيط بهما إن هما خالفا تعاليمه ومبادئه وأعرافه وسننه الوضعية.. وهنا يبرز سؤال: يا ترى هل بعض الأزواج راضون بذلك ومقتنعون به تماما أن هناك من يريد فعلا الخروج من هذا القيد الاجتماعي والعيش بحرية والاستمتاع بحق مشروع من قبل المولى سبحانه؟! عبدالرحمن عقيل حمود المساوي /إخصائي اجتماعي