في مثل هذا اليوم من عام 1944 دخل الجنرال الفرنسي شارل ديجول باريس التي تم تحريرها في اليوم السابق، وبينما كان يخطو إلى فندق (بلاس دي أوتيل) أخذ الصحفيون يلتقطون له عشرات الصور الفوتوغرافية، ومن هناك أعلن ديجول أن هناك العديد من اللحظات التي تتجاوز حياتنا الضئيلة، لقد أعلنت باريس غضبها وتحطمت واستشهدت ولكنها في النهاية تحررت، كان تحرير باريس بالنسبة لديجول نهاية رحلة طويلة من الكفاح ضد الألمان. وقد أصيب إصابات متعدّدة أثناء معركة فيردن في الحرب العالمية الأولى وهرب من معسكرات أسرى الحرب الألمانية خمس مرات، وفي كلّ مرّة كان يتم القبض عليه وإعادته، (فشخص يبلغ طوله ستة أقدام وأربع بوصات كان من الصعب ن يختبئ)، في بداية الحرب العالمية الثانية، كان ديجول قائداً للواء دبابات. وقد حظي بالكثير من الاحترام كقائد شجاع وحصل على رتبة الجنرال في مايو 1940 وبعد الغزو الألماني لفرنسا، أصبح نائباً لوزير الدفاع والحربية في حكومة رينود، ولكن عندما استقال رينود، وحل محله الفيلد مارشال فيليب بيتين، الذي كان ألعوبة في يد المحتلين الألمان، توجّه ديجول إلى إنجلترا. وفي 18 يونيو استخدم ديجول الإذاعة من أجل مناشدة الفرنسيين عدم قبول الهدنة التي كان يسعى إليها بيتين، وأن يواصلوا القتال ومقاومة الألمان، بعد عشرة أيام، اعترفت بريطانيا رسمياً بديجول كقائد (للقوّات الفرنسية الحرة) التي كانت في بادئ الأمر ليس أكثر من مجرد قوّات فرنسية متمركزة في إنجلترا، وهناك متطوعون من الفرنسيين الذين يعيشون في إنجلترا، ووحدات من البحرية الفرنسية. أثبت ديجول أنه سياسي بارع في زمن الحرب بارع، ونال احترام الحلفاء وأبناء وطنه. وقد عاد إلى باريس من الجزائر، حيث حرّك مقر الفرنسيين الأحرار وشكّل (حكومة ظلّ) في سبتمبر 1943م. وعشية غزو نورماندي، طالب ديجول الاعتراف بحكومته باعتبارها الحكومة (الرسمية) لكلّ المناطق المحرّرة من فرنسا. وقد الجنرال دوايت ايزنهاور، قائد عملية الغزو على عدم الاعتراف بأي كيان حكومي سوى حكومة الجنرال ديجول، واستمر ديجول على رأس الحكومتين المؤقّتتين قبل أن يقدم استقالته.