بما أنّ الدراسة والمدارس على الأبواب، لا يخفى على أحد أنّ المدرسة قطعة من المجتمع باعتبار المدرسة مجتمعاً تربوياً قائماً على أسس علمية حديثة. ولهذا ينظر المجتمع إلى المدرسة على أنّها البيئة المخصصة في عملية التربية والتعليم، ولذا يحمّلها المسؤولية الكاملة في تنشئة طفلها، فوجب على المعلم أن يتصف بالحلم والأناة والأعصاب الهادئة، ذلك لأنّ الاحترام القائم على أسلوب الخوف والضرب ليس باحترام. ومن هنا تعتبر قضية العقاب البدني في المدارس اليوم من أكثر القضايا التربوية إشكالاً وانتشاراً لأنّ جل التعليمات الوزارية تمنع الضرب في مختلف الأطوار التعليمية إلاّ أنّ معظم المعلمين اليوم يخرجون عن هذه التعليمات الوزارية نظرياً وعملياً، ومن حق الأولياء إنكار الطريقة التي يعنف أو يعاقب بها أبناؤهم. وقد يتساءل أخي القارئ عن الدافع الذي دفعني لكتابة هذا الموضوع .. إنّ ما دعاني لأن أكتب هذا المقال هو موقف مؤلم ذكره لي أحد أولياء الأمور، حيث قال بأنّ أحد المعلمين اعتدى على ابنه بعصا خشبية من طرف المعلم الذي لم يجد سوى وجه التلميذ الذي أصابه بإصابات خطيرة وجروح في الوجه .. لقد حزنت لما آل إليه المعلم اليوم، فالتعليم يا إخواني في خطر .... فكيف بطفل لم يبلغ السابعة من العمر يُضرب بهذه الوحشية من طرف المثل والقدوة التي يقتدي به كلُّ جيل، الذي زرع في قلب الطفل الحب والأمل في الحياة، يا من أنار الطريق أمام براعم الغد لمواجهة كلّ الصعوبات، فمجد الأمة أنت الذي تصنعه فأنت الذي تبني وأنت الذي تهدم في نظر أطفالنا وفي نظر المجتمع .. وعلى قول أمير الشعراء أحمد شوقي: إذا ساء المعلم لحظ بصيرة جاءت على يده البصائر حولا فأنت من تغرس في نفسية التلميذ سلوكك وأخلاقك باعتبارك القدوة والأُسوة للعلم بأسره، فلا تكن كما قال أحد الشعراء: يا أيها المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم وأراك تصلح بالرشاد عقولنا وبدا وأنت من الرشاد عديم واعلم أخي المعلم - أختي المعلمة ان الضرب كما يُقال وسيلة المعلم الفاشل، فعندما يعجز المعلم على فرض السيطرة النفسية على التلميذ وتوصيل المعلومات والمعارف له فإنه يحاول أن يعوّض ذلك العجز بالضرب بالرغم من وجود وسائل تربوية تغنيه عن استعمال أو اللجوء للضرب، أضف إلى ذلك قد تقع حوادث لا يحمد عقباها، والحقيقة أنّ الدراسات النفسية أثبتت أنّ الثواب أقوى وأبقى أثراً على جسم الطفل ونفسيته ورغبته في مواصلة مشواره الدراسي والتعليمي، والعكس صحيح أنّ العقاب يبعد وينفر التلميذ من المدرسة ونتائجه وخيمة .. وهذا ما حصل مع أحد الأولياء أن ابنه أصبح ينفر من المدرسة بعد ضرب المعلم لأحد الأشبال الصغار وإصابته في الوجه من جراء تلك الضربة. واعلم أخي المعلم - أختي المعلمة أنك تأخذ مقابل هذه المهنة مقابلاً مادياً في بلادنا - حفظها الله - لا يحلم به أي معلم في الدول الأخرى، فما الذي يجعلك تتباهى بعضلاتك أمام هؤلاء الأشبال الصغار .. حيث كان المعلم في الماضي القريب لا يأخذ أيّ مقابل إلاّ فقط الاحتساب للأجر والثواب من الله. إنّ الغاية الجيدة أخي المعلم - أختي المعلمة لا تبرر الوسيلة السيئة، وما تحققه من نتائج سرعان ما تزول بمجرد توقيف أسلوب التخويف والعصا، والمعلم الناجح هو الذي يعمل على غرس آليات اكتساب المعرفة في نفسية الطفل ورعايتها لتنمو مع الحياة، لأنّ المدرسة لا تستطيع أن تقدم كلّ المعرفة التي يتوصل إليها المعلم أو التي يحتاجها الإنسان في حياته، بل تقدم له المفتاح ليبحث ويكتشف ويتوصل إلى المعرفة بنفسه. فكن القدوة الصالحة لكي يقتدي بك التلميذ .. فرفقاً بأبنائنا أخي المعلم - أختي المعلمة.وصفوة القول قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيء إلاّ زانه وما كان العنف في شيء إلاّ شانه). [email protected]