إن قضية التسول والاحتياج شائعة الانتشار في كثير من دول العالم وهي قضية خطرة جداً نظراً للنتائج والآثار المترتبة عليها، وبفضل من الله فإن بلادنا ما زالت بخير كما أشارت الإحصاءت بشأن هذه النسبة التي تمثل20% من أعداد المتسولين بالشوارع والحقيقة تبدو الحاجة الماسة إلى اتخاذ كافة التدابير الوقائية والعلاجية التي يمكن أن نقي المجتمع من مخاطر التسول قبل أن تصل إلى درجة يستحيل معها السيطرة ومن ثم الانفجار في وجه المجتمع وإذا كنا نتجه من خلال الجهود المبذولة إلى إدخال أطفالنا إلى القرن الواحد والعشرين في ظل الانفتاح العلمي والتكنولوجيا الحديثة والرغبة في ترسيخ دعائم الهوية الثقافية حفاظا عليها من غزو الثقافات الأخرى لذا لا بد من توجيه الاهتمام إلى فئة الأطفال (فئة التسول) وهذا لما يمثلونه من خطر على حركة التنمية والتطور والولاء للوطن والنيل منها لغياب الانتماء الوطني وشعورهم بالاغتراب عن مجالهم الاجتماعي. لذلك تبدو أهمية تضافر الجهود والعمل على استقطابهم واستغلال طاقاتهم. الدوافع المساهمة في وجود ظاهرة التسول أولاً: الوضع الأسري وأشكال المعاملة. تعكس ظاهرة التسول بالنسبة للأطفال أشكالاً من المعاملات الوالدية يسود فيها الإهمال والعنف وغياب الإشباعات الأساسية على المستوى البيولوجي والمستوى السيكولوجي، تلك الإشباعات التي من شأنها أن تمنح الطفل وجوداً آمناً. إن أشكال الرعاية غير الملائمة كما تتبدى في الرفض والقسوة وسائر أنوع الإساءة النفسية والبدنية تؤدي إلى وضع ركيزة لاتجاه نفسي اجتماعي من الخوف والشك والعداء داخل الأطفال الأمر الذي قد يدفعهم للفرار بعيداً عن منازلهم حيث الحياة في ظل ظروف أفضل من وضعهم في المنزل. * فرفض الأطفال أو نقص الرعاية والحماية والحب لهم يؤدي بهم إلى عدم الشعور بالأمن والشعور العدائي والتمرد وعدم القدرة على تبادل العواطف والخجل والعصبية وسوء التوافق والخوف من المستقبل وعلى ذلك فإن كثيرا من اضطرابات الأطفال هي انعكاس لأخطاء واضطرابات البالغين. فالأسرة التي لا تحقق الأمن النفسي والاجتماعي للطفل تجعله يهرب خارج البيت كبديل لتحقيق الأمن المفقود. * إن استخدام الآباء للعقاب اللفظي والبدني وحرمان الأبناء من التعليم والنقود وتعرضهم للطرد من المنزل ثم الحرمان من النقود يجعلهم يجوبون الطرقات والشوارع وأمام المساجد ويعملون بالتسول حتى لا يتعرضون للضرب أو الطرد. * كذلك غياب أحد الوالدين (زوج الأم - زوجة الأب) تتسم بالإيذاء البدني والعنف والتعذيب يجعل الاطفال يهربون من هذا الجو ويخشون بعد ذلك العودة إليهم ويفضلون التسول في الشوارع، وهناك عوامل أخرى كما أوضحتها الدراسات في هذا الصدد متمثلة في عدم القدرة على تحقيق الحاجات الأساسية، والرغبة في الحرية وسرقة النقود، وتأثير جماعة الرفاق وحجم الأسرة، والدخل. مما سبق نخلص إلى أن الدوافع التي تدفع لظهور التسول عوامل متعددة متشابكة وتزداد في ظل تراجع الدور التربوي الأسري الذي على أثره يفقد الطفل أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية (الأنسنة) وبالتالي يتعثر من نقلته الحضارية وتواصله الإيجابي مع المجتمع كما تزداد المشكلة مع تراجع شعور الأسرة بالتماسك وعدم شعور أبنائها بالأمن النفسي، وبعض الأسر تترك أطفالها نتيجة التصدع لأقصى درجات الإساءة والإهمال. ومع غياب دور المجتمع في حماية الأسرة والأسرة لحماية الطفل يصبح التسول هو الملاذ الوحيد لتتلقف الطفل أياد غير أمينة تتعهده بالرعاية وتلقته من ثقافتها الخاصة الانحرافية وهنا يتعلم كيف يحصل على أمنه من خلال تهديد أمن الآخرين والعيش من خلال العمل في مهن وضيعة أو منافية للآداب أو مهددة للآخرين وهنا تكثر المخالفات القانونية بالنسبة لهؤلاء الأطفال ويصبحون فئة مطاردة وغير مرغوب فيهم أو التعامل معهم. فظاهرة تسول الأطفال تضع نظامنا الأسري والاجتماعي موضع الاهتمام فالطفل في حالة السواء أو الانحراف لا ينفصل عن واقعه الاجتماعي ومن ضوء ذلك نقول إن تحسين الأسرة تربية الأبناء له علاقة بنشأة السلوك السوي بينما لا نتوقع من الأسرة المضطربة سوى إنتاج أطفال مضطربين يصبحون عرضة لكافة الأشكال والانحرافات السلوكية وغيرها من الانحرافات الأخرى. الدوافع لهذه الظاهرة كثيرة ومتعددة الواقع الأسري بما ينطوي عليه من علاقات والدية مضطربة بالأبناء والمتمثلة في الإساءات والإهمال والتصدع ونقص الإشباعات على المستوى النفسي والبدني بالإضافة إلى انخفاض المستوى التعليمي للوالدين الذي يؤدي إلى قلة الوعي لديهم بالحرص على تعليم أبنائهم ومن ثم دفعهم إلى سوق العمل للمساهمة في النفقات الخاصة إذا واكب ذلك قلة الدخل وزيادة حجم الأسرة حيث تصبح الأسرة كبيرة الحجم غير قادرة على تحقيق متطلبات الأبناء بما فيها من سكن مناسب أو متابعة نفقات تعليم ورعاية صحية ويترتب على ذلك في كثير من الأحوال تسرب الأبناء من التعليم والإصابة بالأمراض العضوية وربما تتجه بعض الأسر للإقامة مع آخرين أو في التجمعات العشوائية التي تفتقر إلى العديد من الخدمات وكل هذه عوامل تتفاعل مع بعضها البعض وتسهم في وجود ظاهرة التسول، وتشير الدراسات إلى أن زيادة حجم الأسرة مع قلة الدخل يدفع بالأبناء إلى سوق العمل وهو ما أشرت إليه أعلاه تحت رغبة الأسرة في زيادة مواردها وتحقيق احتياجاتها إلى عامل واحد وراء ظاهرة التسول بل تتفاعل عدة عوامل معاً سواء كانت أسرية أو اقتصادية أو اجتماعية إن ظاهرة التسول شائعة في كثير من دول العالم حيث يحاول الأطفال أن يجدوا في التسول ما فشل فيه النظام الاجتماعي أن يحققه لهم وخلال فترة تواجدهم يتعلمون كيف يجدون لأنفسهم مكاناً في اقتصاد الفقراء وأن يشاركوا كمواطنين في تحقيق مطالب أسرهم ويرتكبون مقابل ذلك أخطاء ويتحدون القانون مما يعرضهم للعنف الجسدي وتتقاذفهم نظرات الازدراء والاحتقار. الأبعاد النفسية للأطفال الممارسين لهذا العمل أظهرت الدراسات أن الأطفال المتسولين لديهم تقدير منخفض للذات كما أنهم يعانون الاكتئاب، وقدراتهم على النجاح تكون قليلة، كما أوضحت الدراسات أنه بدراسة الصحة النفسية لهؤلاء الأطفال ظهر أنهم يعانون القلق وتأخر النمو وبعض المشكلات الصحية بالمقارنة بالأطفال الذين يعيشون مع أسر. * كما يتسم الأطفال المتسولون بخصائص نفسية سلبية مثل العدوان والاعتمادية وانخفاض تقدير الذات ويدركون الحياة على أنها مكان غير آمن ممتلئ بالخطر والتهديد ويتسم بالعدوان الذي يعد نوعاً من تأكيد الذات أو حماية الذات أو قد يكون العدوان رد فعل الاحباطات المتكررة في حياتهم وتزداد شدة العدوان كلما اشتد الشعور بالإحباط. (هذا الرأي منطلق من نظرية الإحباط - العدوان لدولار ميللر). فالعدوان إذا تعذر تصريفه وتوجيهه إلى المصادر الخارجية المسببة له ارتد واتجه على الذات الراغبة في العدوان وأخذ اشكالاً عديدة منها إدمان المخدرات أو الخمر، الاستغراق في لعب الميسر والانتحار. * الأطفال المتسولون يكونون أقل شعوراً بالكفاءة الشخصية بسبب نظرة الآخرين لهم وما تحملوه من عدم رضا ومهانة فيترتب على ذلك عدم الثقة بالنفس ويكون الشعور بالنقص وعدم الكفاية. * الأطفال المتسولون أقل تجاوباً من الناحية الانفعالية فلا يستطيعون التعبير عن المشاعر أو التواصل مع الآخرين في علاقات الحب والمودة بسبب شعورهم الدفين بعدم الأمن المستدخل إبان علاقاتهم المبكرة بوالديهم. أطفال التسول يتسمون بأنهم أقل ثباتاً من الناحية الانفعالية بسبب عدم استقرار حالاتهم المزاجية مع سهولة الاستثارة وعدم القدرة على تحمل الإحباط. * وتشير الدراسات العالمية إلى أن هناك انحرافات سلوكية شائعة لدى هؤلاء الأطفال مثل: * التدخين، شم الكلة والمذيبات الطيارة، البنزين، كما يقومون بتدمير الممتلكات العامة، السرقة. وبشأن الإجابة عن التساؤل الخاص ب: هل هذه الظاهرة دليل على وجود خلل في العلاقات الأسرية؟ أقول في ضوء الدراسات والأبحاث العالمية في هذا الصدد إن أطفال التسول هم نتاج للظروف الأسرية غير الملائمة (إهمال الوالدين، انفصالهما، سلوكهما السيئ تجاه أبنائهما، النظام الفوضوي الذي تسير عليه الأسرة) وأنهم ينتمون إلى بيوت متصدعة عاجزة عن أداء رسالتها نحو أبنائها، وأنا أتفق مع ما أشارت إليه هذه الأبحاث أن غياب الظروف الأسرية السوية والخلل فيها يترتب عليه عدم إشباع حاجاتهم الأساسية مما يدفع بالأبناء الى أساليب غير مشروعة لإشباع حاجاتهم. وقد لا أكون محجما نحو فئة من المجتمع فقد أشير إلى أن ظاهرة التسول وحسبما أشار إليه معالي وزير الشؤون الاجتماعية أن ما يزيد على80% لغير السعوديين يقعون تحت فئة قليلي الدخل وجدوا بطريقة غير نظامية مما دفع بهم إلى التسول لعدم قدرتهم على العمل ولعدم وجود إقامة شرعية لهم كذلك أن الهجرة الداخلية السريعة الى المدن الكبيرة دوماً تشكل أزمة نظراً للتغير المفاجئ على حياة أفراد الأسر وقد يصاب الفرد بما يعرف بالفصام الاجتماعي وتكون من نتائجه التسول؛ لعدم قدرته على التوافق مع المجتمع. بالإضافة إلى أن بعض الأسرة تشكل المكانة الاجتماعية محوراً في علاقاته ولذلك لا يمتثل للقيم والعادات المعمول بها داخل المدينة أقول إننا مدعوون كمجتمع مدني يستوعب التغيرات التي نمر بها وبما نحظى به من علماء منظرين سوف نعجز عن استيعاب أي سلوك اجتماعي جديد. يجب أن تكون برامج الرعاية واسلوب المعاملة معهم في ضوء العمل على تحقيق احتياجاتهم غير المشبعة وحل مشكلاتهم الخاصة ومعاملتهم معاملة انسانية فإن لوزارة الشؤون الاجتماعية دور عظيم مع هذه الفئة إذ وجهت نحو تفعيل العمل مع هؤلاء الفئة للتعامل معها بواقعية فسوف نحد من انتشارها ونعمل على تجميدها فتضافر الجهد يكمن في عدم السماح لهذه الفئة بالنمو من خلال إنكار هذا السلوك وذلك بمنع أي امرأة تصاحب طفلها حتى لا يتأصل السلوك في الطفل ويسلكه فيما بعد. - حيث أئمة المساجد والدعاة على زيادة وعي الناس حول عدم تدعيم هذا السلوك وايضاح معنى المساعدة لسد العوز وعلى الناس ان يتبعوا معنى قوله تعالى {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}، أعتقد أن التوجيه جاء لتوجيهه وليس لإنماء الكسل والتسول. - على الإعلام إذكاء روح المناقشة حول هذا الموضوع لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول ما يعيه الفرد بمعنى الأحاديث التي لا تدعم بمفهومها السطحي مكافحة التسول. - نشر توعية موجهة إلى فئة الأطفال بشرح مدى خطورة هذا السلوك وكيفية معالجته من قبل المتسول خاصة الذي يقيم طائلة التهديد من الغير.