الأسرة وسيط تربوي بين المجتمع والأفراد في نقل جوانب الثقافة الاجتماعية ومباشرة عملية التنشئة والتطبيع الثقافي وهي وسيط في مرحلة التحول بالفرد من كونه كائنا بيولوجيا إلى أن يصبح كائنا اجتماعيا قادرا على متطلبات الثقافة وإدراك عناصرها ومن مجرد كائن أتى إلى هذا العالم لا يملك من أمره شيئا إلى أن يصبح كائنا بالفعل له هويته وكينونته التي تتضح في قدرته على الاختيار والتعبير عن ذاته وإصدار الأحكام أيضا. فالأسرة جماعة تربوية لها دور تربوي يتحدد في ضوء أهداف الثقافة ومحدداتها وهذا الدور لا يقتصر على عملية التنشئة الاجتماعية فحسب وإنما يمتد ليصبح دورا ثقافيا أشمل يتم بمقتضاه نقل التراث الثقافي وهذا يؤكد الدور العظيم الذي تقوم به الأسرة في صياغة وتكوين الشخصية، ونظرا لما تضطلع به الأسرة من دور تربوي مؤثر وفعال. لذا تعد الجماعة المرجعية الرئيسية في حياة الأفراد يستمد منها الشخص قيمه وأهدافه ومعاييره وأساليبه وتصرفاته لذا تعتبر الأسرة الوحدة الاجتماعية الأولى والمسؤولة - إذا أهملت في وظيفتها - عن انحراف سلوك الفرد طفلا كان أو شابا أو حتى ناضجا وذلك بسبب طبيعة دورها في بناء المجتمع بما يحويه من قيم واتجاهات اجتماعية والطفل يتعلم الكثير من الأنماط السلوكية في مراحل تكوينه الأولى التي تسبق دخوله المدرسة وتحدد - إلى حد كبير - أساليبه السلوكية في المستقبل، وأجمع علماء النفس على أن أساليب التربية التي يتبعها الوالدان في تنشئة أطفالهما لها أكبر الأثر في تشكيل ملامح شخصياتهم في المستقبل سواء كانت تتسم بالقسوة والتسلطية أو التدليل الزائد. وبطبيعة الحال سوف ينجم عن أسلوب الأسرة الذي يتصف بالقسوة والعنف والتسلط مشاعر القلق والذنب والصراع منذ الصغر مما يؤدي إلى فقدان الثقة في الذات وهذا الأسلوب التربوي يغرس في نفس الطفل سلوكيات تسلطية فالمجتمع الأسري مرآة يرى المرء فيها نفسه فالطفل الذي يعامل بتسلط ينعكس في سلوكه والتزمت الشديد في التنشئة يؤدي إلى ظهور اضطرابات سلوكية متعددة وخاصة القلق والتطرف الفكري والعقائدي والتنشئة التي تقوم على الإفراط في التدليل والحماية الزائدة ينشأ فيها الفرد غير معتمد على ذاته وغير قادر على اتخاذ القرارات عند مواجهة مشكلات الحياة وهذه يعرض الفرد إلى الصراع النفسي الذي يؤدي إلى سوء تكيف الفرد مع الجماعة وبالتالي يؤدي إلى انحراف السلوك وحينئذ يكون الفرد عرضة للتأثر بجماعات الرفاق فإذا كانت سيئة أدى ذلك إلى وقوعه في سلوكيات منحرفة أيضا ينشأ عن المبالغة في التدليل للطفل صعوبة تكيفه الحياتي على المستويين الشخصي والاجتماعي مما يجعله مؤهلا لارتكاب السلوكيات المنحرفة. وهناك بعض السلوكيات التي ترتكبها الأسرة والتي تسهم بدور في دفع الفرد نحو اقتراف السلوكيات المنحرفة كغياب القدوة في سلوكيات الأب والأم أو أحدهما ويؤدي ذلك إلى تعرض الطفل إلى صراع نفسي يدفعه إلى الانحراف. وكذلك انشغال الأب والأم أو أحدهما بأعماله دون الالتفات إلى رعاية أطفاله ويكون ذلك على حساب الوقت الذي يحتاجه الأطفال في التربية والتوجيه والنصح والإرشاد عندئذ يتفلت الأطفال إلى مزالق الخطر ودهاليز الانحراف.. أما إذا نشبت الخلافات بين الزوجين وتكررت على مرأى من الأبناء فذلك مدعاة إلى إصابة الأطفال بصراع نفسي وكذلك يتولد لديهم ميل إلى العدوانية بل اقتراف السلوك الخاطئ وعندما تعطى الحرية المطلقة للأبناء في الخروج من البيت والعودة دون رقيب فإن ذلك يعرضه إلى التعرف على رفاق السوء الذين يدفعونه بالإغراء وبالتهديد إلى اقتراف السلوكيات المنحرفة أما إذا أهملت الأسرة متابعة أبنائها وأساليبهم في استغلال أوقات الفراغ أو حتى ميزت أحد الأطفال دون الآخرين فكل ذلك يدعو إلى دفع الأطفال إلى مهاوي الردى. وهناك ثمة عوامل أخرى تؤدي إلى الانحراف السلوكي كالتفكك الأسري (الطلاق، الهجر)، وبالتالي تفقد الأسرة انسجامها الطبيعي مما يجعل الأطفال غير أسوياء وكذلك تعدد الزوجات وفقدان رعاية الآباء خصوصا في ظل وجود شجار يومي إلى جانب العوامل الاقتصادية كالحرمان من الحاجات المادية وسوء الأحوال السكنية والتفكك العائلي بسبب الفقر وتدني مستوى دخل الأسرة مما يسبب العجز عن تلبية حاجات الأطفال لمسايرة الرفاق. إذا الأسرة تؤثر تاثيرا بالغا في شخصية الطفل ومواقفه تجاه المجتمع ويكون الشخص سويا إذا نشأ في كنف أسرة سوية ويمكن أن يكون غير سوي إذا نشأ في ظل أسرة غير سوية والحكم على الأسرة بالسوء أو عدمه يتوقف على أمور كثيرة من بينها بناء الأسرة والقيم السائدة وكثافة عدد الأسرة وعلاقة أفرادها إضافة إلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتعليمي فالأسرة السوية تتسم بقوة التماسك وعمادها الود والتفاهم بين الوالدين وبين الأبناء وتعمل على رعاية أبنائها وإشباع احتياجاتهم.. لذا لا ينساقون وراء النزعات الشريرة بل لديهم من الحصانة التي تجعلهم يقاومون الإغراء الذي يدفع بهم إلى إتيان السلوك المنحرف أما الأسرة التي تتسم بالتفكك سواء كان ناتجا عن غياب أحدهما بسبب الطلاق أو الوفاة أو العمل بعيدا عن الأسرة أو بسبب الشجار والمنازعات الدائمة بين الوالدين عادة ما يتولد عنها اضطراب في المناخ الأسري وتعد الأخلاق والقيم السائدة في الأسرة من العوامل ذات التأثير في تكوين شخصية الأبناء فإذا نشأ الطفل في كنف أسرة تتمسك بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة سينعكس ذلك على سلوكيات الأطفال والعكس صحيح بمعنى أن الطفل إذا نشأ في أسرة فاسدة فإن الأبناء يتأثرون بذلك وقد يتحول بعضهم إلى مجرمين تحت تأثير الإعجاب والتقليد. إذا الأسرة مسؤولة عن زرع القيم والأخلاق قال صلى الله عليه وسلم: (ما من طفل يولد إلا على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) فالأسرة مسؤولة عن التكوين النفسي والاجتماعي للطفل لذا يجب أن تحظى الأسرة بالرعاية والاهتمام لتتمكن من الاضطلاع بمسؤولياتها وكذلك الاهتمام بمشكلات الأسر المتصدعة ومساعدتها لمواجهة المشكلات ومساندة الأسر الفقيرة على تفعيل مواردها المالية مع تحسين ظروفها السكنية. لا شك أن للتعليم انعكاسا إيجابيا على الجريمة بمعنى أنه وسيلة للحد من ظاهرة الانحراف.. الفرد المتعلم أقل إقداما على الجريمة من نظيره غير المتعلم وأثبتت الدراسات أن هناك علاقة عكسية بين عدد المتعلمين وعدد المنحرفين فكلما زاد عدد المتعلمين قل عدد المنحرفين إلا أن ذلك لا يعفي المدرسة في بعض الأحيان من دفع المراهقين والأطفال إلى الانحراف متى اتبع القائمون عليها أساليب غير تربوية كالنظام الشديد والجو المكبوت أو عكسه النظام المتراخي وغير المنظم وعدم إشباع حاجات الطلاب بالأنشطة المدرسة والعلاقات السيئة بين التلميذ والمعلم أو إدارة المدرسة و زملائه فضلا عن الصحبة السيئة في المدرسة والمعاملة القاسية للطلاب والتفريق في المعاملة على أساس غير تعليمي أو تربوي واستخدام أساليب العقاب البدني خصوصا في المرحلة الابتدائية. إذا حظي الوالدان بمقدار عال من التعليم فإن ذلك ينعكس إيجابا على أبنائهما.. فالتربية ستتكئ على نهج صحيح. إذا يقدر الوالدان الكثير من الأمور للأطفال مثل السماح لهم بالتعبير عن ذواتهم وعدم تمييز أحدهم عن الآخر وإعطاء مساحة واسعة من التسامح وعدم استخدام العقاب البدني كأسلوب تربوي فضلا عن تلمس مشكلات الأطفال والاقتراب منهم وتوجيههم لحل مشكلاتهم بأنفسهم.. واحترام آرائهم وديمقراطية النقاش، أما إذا كان أحدهما يؤدي ازدواجية في التربية خصوصا إذا كانا متصلبين في آرائهما فالمتعلم يتخذ الأسلوب الصحيح في التربية والآخر ينتقضه لمحدودية تفكيره وبالتالي ينجم عن ذلك تذبذب وسوء تكيف للأطفال في ظل أسلوبين متناقضين أما إذا كان الوالدان لا يملكان تعليما جيدا فقد ينجم عن ذلك سوء في الفهم مما يعشعش الكثير من الأفكار الخاطئة داخل الأسرة ويتشربها الأطفال على أنها صحيحة.. وقد تؤدي بهم إلى السلوكيات المنحرفة. وللأم دور فاعل وحيوي داخل الأسرة، فالأمهات الأكثر تعليما والأفضل من حيث المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي أكثر ميلا نحو توفير الاستقلال لأولادهن وأكثر تعاونا وميلا نحو المساواة بين الأطفال وأقل ميلا نحو استخدام العقاب البدني كوسيلة لتوجيه سلوك أبنائهن. إن مستوى وعي الأم يعتبر عاملا أساسيا في معاملة الطفل فالأم الواعية هي التي تهتم كثيرا بعملية التربية السوية للطفل من خلال تأثيرها على أهمية الإشباع النفسي المتوازن للطفل وتعليمه أساليب الانضباط الذاتي وذلك باتباع أساليب المناقشة والحوار وليس الطاعة العمياء أو المسايرة الاجتماعية. ولا يختلف اثنان على دور الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية المتمثلة في بناء شخصية الأفراد وتطوير شخصياتهم بصورة مستمرة وضبط سلوكهم وتوجيههم اجتماعيا وفقا لمتطلبات الحياة وهذان يندرجان تحت مسمى التوافق الاجتماعي، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال رؤية الأشخاص الذين يعيشون في ظل ظروف أسرية واحدة ومن خلال مواقف واتجاهات متشابهة. لذا يمكن القول: إن عملية التنشئة الاجتماعية أساسية في بناء شخصية الحدث فقد يتعلم من خلال أساليب التنشئة الخاطئة قيما ومفاهيم اجتماعية خاطئة مثل تلك التي تتصل بالشرف والأمانة والعفة والعدل وغيرها. فالأسرة تعد المؤسسة الأولى التي تقوم بمهمة تنشئة الأجيال وإعدادها للعيش والعمل في المجتمع عن طريق تعليمها ثقافة خاصة كالقيم والمبادئ والعادات واللغة والمهارات وتكوين شخصية الفرد وضميره وعقله وتتمثل أهمية الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية في العوامل التالية: - إنها الجماعة التي يرتبط بها الفرد بأوثق العلاقات وأعمقها. - إنها تكاد تحتكر التأثير في الارتقاء بالفرد في مرحلة الطفولة وهي أكثر مراحل حياته أهمية. ويتأثر دور الأسرة الذي تمارسه من خلال عملية التنشئة الاجتماعية بمجموعتين أولاهما من خارج أنماط الثقافة السائدة، البيئة المكانية والفيزيقية، الأنظمة الاجتماعية المختلفة وثانيتهما من داخل الأسرة، حجم الأسرة، المستوى التعليمي للوالدين، الحالة الاقتصادية، درجة التوافق بين الزوجين، وتقوم الأسرة بتنمية القيم الاجتماعية، والشعور الديني والنمو الخلقي، واللغوي وتعليم آداب السلوك واكتساب العادات. والتنشئة الاجتماعية لا تقتصر على الأسرة فقط بل للمدرسة دور كبير وفعال.. فالمدرسة إحدي القنوات التعليمية والتربوية والتثقيفية لدى الطالب والطالبة.. فالمدرسة تكسبهما القدرة على التكيف النفسي والاجتماعي امتدادا لدور الأسرة ولكن قد تعمل إحدى المؤسستين على هدم ما بنته الأخرى أو أن تفشل كل منهما في أداء وظيفته ومن أبرز المشكلات وجود الفجوة الثقافية بينهما أو استخدام أساليب خاطئة مع الطلاب على شخصياتهم كاستخدام العقاب البدني بهدف التهذيب والتأديب وأسلوب التلقين وحشو الذهن والإصرار على فرض الرأي وإجهاض الأساليب التحفيزية والاستخفاف بالطالب وفكرة عدم العدالة معهم فالمدرسة قد تسهم سلبا أو إيجابا في جنوح الأحداث إذا فقدت وظيفتها.. أما إذا اتخذت الأساليب الصحيحة فحتما ستكون محضن إيجابي يشيع منها الاطمئنان ويزخر داخلها بالتوافق النفسي فمن مهامها الوقاية من الانحراف وذلك من خلال ملاحظة سلوكيات الطلاب والاهتمام بمعرفة مشكلاتهم وما يعانون منه عن طريق مكاتب الإرشاد والتوجيه التي تقدم خدمات الرعاية اللازمة نفسيا واجتماعيا فضلا عن معرفة الحالات الفردية ودراستها مبكرا فمن مسؤوليات المدرسة تلمس احتياجات التلاميذ والعمل على إشباعها ومراعاة الاحتياجات اللازمة لمراحل النمو المختلفة وكذلك مراعاة الفروق الفردية وإيجاد برامج دراسية تتلاءم ومستويات الطلاب وقدراتهم المختلفة إلى جانب الدور الوقائي هناك دور حيوي فاعل يتمثل في الدور العلاجي عن طريق العناية التامة بمشاكل الطلاب والطالبات خصوصا مشكلة سوء التكيف ودراسة الأسباب والاستعانة بالأخصائيين النفسيين لرعايتها. فالمدرسة تقوم بدور كبير إلى جانب الأسرة في رعاية التلاميذ إذ تكشف عن السلوكيات السلبية والإيجابية في أطواره المبكرة ومن ثم تتخذ الإجراءات الوقائية والعلاجية المناسبة من خلال متابعة الطلاب في البيئة المدرسية وبحث مشكلاتهم وعرضها على المختصين لتقديم برامج الرعاية اللازمة قبل الوقوع في أتون الانحراف. وحتى تؤدي الأسرة والمدرسة دورهما في سبيل وقاية الأطفال من مزالق الانحراف ينبغي أن يكمل كل منهما الآخر بدعوة الآباء والأمهات لحضور الندوات والمحاضرات حسب نوعية التعليم تقدم من خلالها جرعات توعية يكون لها مردود مباشر على أساليب التربية الأسرية وواجبهم تجاه الأبناء.. مع ضرورة التركيز على مرحلة المراهقة باعتبارها أهم مرحلة في حياة الفرد وحث الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات على مراعاة أبنائهم وبناتهم ومعرفة احتياجاتهم والعمل على إشباعها بطرق سليمة ومعرفة ما قد يترتب على عدم مراعاة ذلك من اضطرابات نفسية وانحرافات سلوكية ضحيتها الأبناء.. وكذلك حث الآباء والأمهات على متابعة أبنائهم وبناتهم وحسن اختيار الأقران والصحبة لأهمية ذلك في حياة الشخص وحماية الفرد من الانحراف مع الرفاق. ولما كانت الثقافة أحد العوامل التي تزيد أو تقلص نسبة الجنوح في المجتمع.. فإن الأسرة وحدة اجتماعية صغيرة وسط مجتمع كبير تؤثر وتتأثر بالمحيط.. وبالتالي يكتسب أفرادها الثقافة المتمثلة في المعارف والعقائد والفنون والأخلاق، والقوانين والعادات والتقاليد والاتجاهات والقيم والانحراف.. فالأسرة تقوم بثلاث وظائف حيث تختار من الثقافة العامة ما تنقله إلى الطفل وتفسره له وأيضا تقوم ما تم نقله وينطبع على أعضائها كنتاج لتلك الخبرات وهذا النتاج الثقافي يؤثر على نوع التنشئة الاجتماعية التي يمر بها الطفل على اكتسابه اللغة وفي نموه الانفعالي وأنماط القيم والاتجاهات التي يتشبع بها. ومن المصادر التي تغذي ثقافة الأسرة وسائل الإعلام.. ولا شك أنها ضرورة من ضرورات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام متنوعة (الصحف، الإذاعة، القنوات الفضائية) ولهذه الوسائل تأثيرها الكبير في اتجاهات الأفراد داخل الأسرة وعلى سلوكياتهم إيجابيا وسلبيا فأسلوب الإثارة في عرض الجرائم أمام الأطفال والمراهقين تقود الأطفال إلى التقليد والمحاكاة ومن ثم المغامرة لأنه يغدو في ذهن الطفل أن تلك أعمال بطولية خارقة مما يشجع على اعتبار المجرمين نماذج طيبة أمام الأطفال وللتلفزيون تأثيره الكبير في الاتجاهات النفسية والسلوك الاجتماعي وخاصة العنف والعدوان، وتبين من دراسات متعددة أن مشاهدة النماذج العدوانية في البرامج التلفزيونية قد يكون من شأنه زيادة معدل الجنوح والعدوانية وكذلك رؤية البرامج الدعائية لمظاهر سلوكية غريبة خصوصا التي تنادي بتحطيم القيود الاجتماعية ونتفق على أن وسائل الإعلام تسهم في ثقافة الأسرة، إلا أن مؤثراتها السلبية والإيجابية بدأت تتضاعف نظرا لقوة انتشارها وبلاغة تأثيرها مما يجعلها قادرة على إحداث التغيير الاجتماعي والتأثير في اتجاهات الأفراد خصوصا الأطفال والمراهقين.ولما كان الجانح شخصية مضطربة قد يمارس سلوكيات منحرفة تنجم عنها أضرار كبيرة للمجتمع لذا يتطلب إعداد وتنفيذ برامج علاجية مبكرة ووقائية. ومواجهة المشكلة تأتي كمرحلة أولى والمواجهة بأسلوب علمي وبتأن وفكر عميق واستبدال الأساليب العقابية بأساليب تشجيعية مع ضرورة توعية الأسرة بأخطار الجنوح والأسباب التي تؤدي إليه والمشاكل التي تنجم عنه فالطفل الجانح يعاني من اضطراب وسوء تكيف مع الأسرة والمجتمع بل أيضا مع نفسه نتيجة فقدان الحب واضطراب العلاقة بين الأب والأم واهمال وتذبذب في المعاملة.. كما ينبغي تقبل الجانح ومساعدته ليرى نفسه رؤية حقيقة مع تعزيز الثقة في قدراته وإمكاناته وأنه يمكن أن يصبح عضوا نافعا في المجتمع، وإعطاؤه فرصة في ممارسة الأنشطة المتنوعة ليعبر عن ذاته ويؤكد أنه قادر على العطاء والمساهمة في خدمة المجتمع وقبل هذا وذاك تعميق الوازع الديني الذي يشيع في نفسه الطمأنينة والارتياح النفسي والتوافق الاجتماعي. [email protected] المراجع: 1- إسماعيل/ عزت سعيد - السلوك المنحرف للأبناء جزء (1) الكويت - مطبعة الحكومة. 2- سعد جلال - الطفولة والمراهقة - القاهرة - دار الفكر العربي. 3- فرح أحمد - الظواهر العدوانية لدى الجانحين - دراسة في التحليل النفسي - جامعة عين شمس. 4- الدوري/ عدنان 1972م - أسباب الجريمة وطبيعة السلوك الإجرامي. 5- علي/ محمد حسن 1970م - علاقة الوالدين بالطفل وأثرها في جنوح الأحداث - القاهرة.