استطاعت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أن تقدم بمعرض (كن داعياً)، والذي تنطلق دورته السادسة في مدينة أبها، أن تقدم تجربة جديدة وفريدة، لحشد الوسائل، والإمكانات الدعوية لتفعيل دور الدعاة، والمؤسسات الدعوية، ووضع الخطوط العامة للخطاب الدعوي المؤثر والفعال. وكان للجامعات في المملكة دور هام في المشاركة في هذا المعرض، من خلال مطبوعاتها، والدوريات العلمية التي تصدرها، والأشرطة، وأيضاً لأساتذة الجامعات دورهم الفعال في إلقاء المحاضرات، والمشاركة في الندوات، والفعاليات التي تقام على هامش المعرض. وفي هذا التحقيق سوف نتعرف عن قرب عن مشاركة الجامعات السعودية في الدورة السادسة لمعرض (كن داعياً)، وكيف يرى مديرو الجامعات المعرض، وفعالياته، وما هو المطلوب، وكيف يمكن الارتقاء بوسائل الدعوة؟. وقد التقينا بمعالي الدكتور خالد بن عبدالرحمن الحمودي مدير جامعة القصيم، ومعالي الدكتور صالح بن عبدالله العبود مدير الجامعة الإسلامية، وطرحنا العديد من القضايا عليهما حول المعرض، وفعالياته، والخطاب الدعوي. مشاركات فعالة في البداية قلنا لمعالي الدكتور خالد بن عبدالرحمن الحمودي عن مشاركة جامعة القصيم في الدورة السادسة لمعرض (كن داعياً) بأبها قال: في البداية أحب أن أبارك للوزارة هذا النجاح في مشروع (كن داعياً) منذ ولادته، حتى دخوله السنة السادسة هذا العام، وهو لا شك عمل متميزن ونقلة نوعية في وسائل الدعوة، والتعريف بها. أما بخصوص مشاركة الجامعة، فستشارك الجامعة في العديد من المطبوعات التي قام بتأليفها أساتذة الجامعة حول موضوعات شتى، في أخلاقيات الدعاة، والتجار المسلمين، وغيرها، كما ستشارك الجامعة ببعض المواد التي أنتجتها خلال مشاركتها الوطنية في حملة التضامن الوطني ضد الإرهاب، حيث قامت بطباعة بعض المطويات والأشرطة المعنية في موضوع الحملة، كذلك ستشارك الجامعة من خلال تخصص بعض الكليات في بعض الصور العلمية المؤثرة، سواء تحذيراً من بعض الأمراض، أو ترغيباً في معرفة عجيب صنع الله. أما عن مشاركة الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة يقول معالي الدكتور صالح بن عبدالله العبود: الجامعة الإسلامية - ولله الحمد - تشارك في هذا المعرض منذ انطلاقته الأولى، إدراكا منها لأهميته، ولا سيما في عصر اليوم بكل تداعياته. والجامعة تشارك في معرض وسائل الدعوة إلى الله تعالى (كن داعياً) من خلال عرض لوسائل الدعوة إلى الله تعالى، وبيان الجهود التي قدمتها، وتقدمها الجامعة في سبيل تدريس الطلاب المسلمين من جميع أنحاء العالم، وتخريجهم دعاة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة في مختلف أصقاع الأرض، ويتم أيضا عرض لمطبوعات الجامعة من الكتب والبحوث العلمية النافعة حيث ستوزع نسبة منها لطلاب العلم، وهناك بعض الهدايا الدعوية لزوار الجناح. تفعيل العمل الدعوي وعن فعالية معرض (كن داعياً) في تقديم تجربة دعوية تقوم على استحداث الوسائل، وتبادل الخبرات بين الدعاة، والارتقاء بالخطاب الدعوي، يقول د. خالد الحمودي: إن مثل هذه المعارض مهمة، خاصة وأنه يحصل فيها تبادل الخبرة، والتعرف على وسائل دعوية جديدة بين المؤسسات الدعوية الموجودة في مملكتنا الغالية، ولا شك أن تناقل الخبرة، واستفادة البعض من البعض الآخر من عوامل تقدم وقوة المؤسسات الدعوية وغيرها. وأما أثره فهو نابع من هذا التجمهر الكبير للمؤسسات الدعوية، وتعرف بعضها على بعض، إضافة إلى الفعاليات الثقافية، والدينية المصاحبة للمعرض. ويؤكد د. صالح العبود أن إقامة مثل هذه المعارض له دور بارز في تعريف الناس بالجهود الدعوية المباركة التي تقوم بها المملكة، عبر أجهزتها الرسمية من وزارات ومؤسسات، وغير ذلك من مؤسسات خيرية، وكذلك عبر المكاتب التعاونية والدعوية، وكذا تعريف الناس بما هو موجود من وسائل الدعوة إلى الله تعالى، مثل الكتاب، والشريط، والمطوية، والنشرة، وبرامج الحاسب الآلي والإنترنتن ليستفيدوا منها في إرشاد الناس، فإقامة مثل هذه المعارض فيه من الخير الكثير. دور المسجد وحول دور المسجد في حشد الطاقات الدعوية، وإيصال الرسالة الواضحة عن مفاهيم الإسلام الصحيحة، يقول د. الحمودي: المساجد هي بيوت الله، منارات يهتدي بها المسلم والمسلمة فيما يصلح دينه ودنياه، والمسجد هو الرابط الذي يجمع أهل الحي في اليوم خمس مرات، به يتعارفون، ومن خلاله يتناصحون، ومن منبره ينهلون ويتعلمون، ودور المسجد لا ينبغي أن يقف عند حد إقامة الصلاة المفروضة وحسب، بل منه تنطلق العلوم الشرعية الحقة، البعيدة عن البدع والخرافات، أو الانحرافات الفكرية أو المسلكية، كما أن على الخطباء أن يستثمروا هذا اللقاء مع عامة المسلمين في يوم الجمعة، حيث إن الاستماع إلى الخطبة من الأمور الواجبة، وقد ورد التحذير عن اللهو ومس الحصى فيها، وعليهم أن تكون خطبهم متنوعة وشاملة لما يهم المسلم، كما يجب عليهم التركيز على المناسبات والأحداث، والتفاعل معها بالشكل الذي يرضي الله أولاً، ويحفظ للمجتمع والوطن تماسكه وتجمعه، وأوصي الخطباء بالحرص على الإبداع في المقام والمقال، وتحبيب الناس في الخطبة. ويقول د. العبود: إن المسجد كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مكان للعبادةن وكذلك مكان لتبصير الناس، وتوجيههم، ودعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى، من خلال إقامة المحاضرات والدروس العلمية، والندوات الشرعية والفتاوى، وتعليم كتاب الله ونحو ذلك، ومما لا شك فيه أن للمسجد أهمية عظيمة في الإسلام، ويدل على ذلك ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة، حيث بدأ - عليه السلام - بتأسيس المسجد الذي أصبح مكاناً ذا قداسة، تؤدي فيه الشعائر الدينية، وهو مدرسة ينبع منها العلم، والمعرفة في شتى صورهان ولا شك أنه مكان للإصلاح وتعليم القيم الحميدة، كما أن المسجد فيما مضى كان منطلقاً لإدارة أعمال الدولة الإسلامية، لذا ينبغي على المسلم أن يعي أهمية هذا الصرح العظيم، والدور الذي يقدمه للمجتمع. وسائل الدعوة وعن وسائل الدعوة في هذه المرحلة، وكيفية تجديدها وتحديثها، يقول مدير جامعة القصيم: لا شك أن وسائل الدعوة يجب أن تتناسب مع المرحلة التي يعيشها الداعية والمدعوين في نفس الوقت، فليس مناسباً أن يستخدم الداعية أو العالم أسلوباً وطريقة لا تتناسب وظروف الناس أو المتغيرات الحياتية التي يشهدونها، وفي هذا العصر، ومع تطور تقنيات الاتصال والإعلام، وانزواء العالم كله في رقعة بسيطة منه - بفضل الله ثم بفضل هذه التقنيات التي قربت البعيد ويسرت العسير - فعلى الداعية أن يكون مواكباً لهذه التغيرات، مستفيداً بما يخدم هدفه الأسمى، وهو تبليغ دين الله إلى الناس كافة، وبالصورة الحقة، إذا فالتجديد في وسائل الدعوة مطلب كما أن مقاومة الشرور والأفكار المنحرفة الفكرية والسلوكية التي تحصل من هذه التقنيات، إذ هي سلاح ذو حديث، مطلب آخر. ويرى مدير الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة أن تتنوع وسائل الدعوة إلى الله بحسب ظروف الزمان والمكان، ويشهد العالم في هذه الأيام تطوراً مذهلاً في وسائل الاتصال والإعلام، وهذا الواقع يفرض على القائمين على شؤون الدعوة مواكبة هذه التطورات المتلاحقة، والقفزات الهائلة في هذين المجالين. الخطاب الإسلامي الوسطي وعن الخطاب الإسلامي الوسطي الصحيح يقول د. خالد الحمودي: أعتقد أن الخطاب الإسلامي الصحيح الوسطي البعيد عن الغلو الإفراط متميز في ذاته، لو طبق التطبيق الصحيح، ودين الإسلام هو دين الفطرة، والناس كلهم مفطورون على عبادة الله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود يولد إلا ويولد على الفطرة)، أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -، والخطاب الإسلامي الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته - رضوان الله عليهم - هو الذي حدا بالنجاشي الحبشي، وصهيب الرومي، وأشراف العرب وغيرهم للدخول في هذا الدين، وأرى أن المشكلة التي يجب أن يعيد الدعاة النظر فيها، هي كيفية إيصال هذا الدين الحق، والطريقة التي يعرض بها الإسلام لغير المسلمين، وكذلك التوقيت المناسب لتبيين هذا الأمر. أما التجديد في الخطاب الدعوي فهذا أمر مهم جداً، والتجديد لا يعني الابتداع في الدين، ولا التخلي عن سيرة سيد المرسلين، بل جمع بين الأصالة والمعاصرة، كذلك تجديد الخطاب الدعوي في مضامينه ووسائله، ومراعاة حال المدعو والظروف التي يمر بها، أو يعيشها من القضايا المهمة في التجديد. ويضيف د. صالح العبود: إن الداعية المسلم ينطلق في دعوته إلى الحق لخاصة الناس وعامتهم، على اختلاف أطيافهم، ومن مرتكزات دينية أصلها ديننا الإسلامي الحنيف، ومن أبرزها أنه دين ذو منهج وسط، لا جفاء فيه، ولا غلو أو تطرف، يدعو إلى العدل والتسامح والرحمة مع الجميع، ومن هذا الأساس المتين يجب أن تنطلق دعوة المسلم في مضامينها وأسلوبها مع التركيز على القضايا التي أفرزتها واقع اليوم، والإفادة من وسائط الاتصال الحديثة. والداعية المسلم ذلك الإنسان الساعي إلى إنقاذ الناس من النار، وهدايتهم إلى طريق ربهم، يحتاج إلى أن يعي باستمرار واقع عصره بكل تداعياته ومعطياته، وأن يدرك أنسب الطرق للتأثير على الناس، بما يعود عليه بالخير، مستفيداً من كل ما أنتجته حضارة اليوم من تقنيات ووسائل حديثة في الاتصال، فمثلاً الشبكة العنكبوتية العالمية، أو ما يسمى بالإنترنت، أضحت إحدى أهم سمات عصرنا، فعلى الداعية أن يسخر هذه الوسيلة لخدمة الدعوة إلى الله، فهناك وحسب الإحصائيات نحو 150 مليون مستخدم لهذه التقنية في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يعتبره المهتمون فرصة مواتية لنشر الدعوة الإسلامية الصحيحة، فهذه الوسيلة تمتاز بأنها تتخطى كل الحواجز الجغرافية والمكانية في سرعة كبيرة، حتى أصبح بإمكان الداعية إطلاع العالم بأسره، وتعريفه بالدين الإسلامي الحنيف الذي يقوم بعض الناس بتشويه صورته يومياً باستخدام تقنيات العصر والتي منها الإنترنت، كما أن هذه التقنية تتخطى حواجز كل بيت وتدخله بكل سهولة ويسر، فالداعية يستطيع أن يدخل الإسلام إلى كل بيت في العالم.