(المدرسة عندما تكون القراءة) كان هذا عنوان مشاركة الأخ خالد بن أحمد الرفاعي على صفحة الرأي - يوم الجمعة 5 ربيع الآخر 1426ه - يعتب فيها علينا هجران القراءة، ويدعو إلى العودة إليها سريعاً حيث يرى فيها السبيل الأوحد لاستعادة الأمة مجدها وسيادتها حيث يقول أرى أن العودة إلى حيث كنا سادة للأمم لا يمكن أن تكون إلا من خلال القراءة. ومن المؤكد أن القراءة لو لم تكن من أخطر المؤثرات الرئيسة على ذهنية الناشئة في كل الأزمنة والأمكنة لما استفتح الله تعالى - بها - وحيه العظيم على نبيه الكريم. ومن المؤكد أيضا أن الله تعالى حين قال: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} (60 - سورة الأنفال) فإن القوة المذكورة هنا تشمل - ضمن ما تشمل - قوة العلم، ولن تتأتى قوة العلم دون قوة قراءة، ولا تكون قوة القراءة إذا كانت القراءة لمجرد قتل الوقت دون إعمال العقل والفكر ومقارعة الحجة بالحجة؛ إذ ليست العبرة بكمية القراءة فحسب بل العبرة - كل العبرة - بكيفية القراءة والمادة والمقروءة. واستدراكاً لما تفضل به - مشكوراً - أخونا خالد الرفاعي أقول إن القراءة أنواع، فمنها: القراءة اللازمة أو الضرورية وهي قراءات المقررات وما في حكمها لغرض الدراسة أو البحث، ومنها: قراءة المتعة وهي الشغف بنوع معين في فرع ما أو مهنة ما أو حياة شخص ما، ومنها قراءة التسلية وهذه أخطر أنواع القراءات لأن القارئ حينئذ لا يهمه ما يقرأ، أو لمن يقرأ، أو عمن يقرأ، لكن يهمه فقط أن يقرأ. ومن المؤكد أن القراءة التي يعنيها أخونا خالد هي القراءة اللازمة أو الضرورية، وإذا كانت حضارة الشعوب والأمم تقاس بمدى تقدمها العلمي - أو التكنولوجي - فإن هذا العلم لا يأتي من فراغ، أو عدم، فأساسه القراءة، والقراءة الواعية، قراءة العقل لا النظر، قراءة الفكر والتدبر، قراءة (الجوف) لا السطح، قراءة المعنى والمضمون، وصدق من قال: ( كيف يستطيع (الإنسان) توسيع دائرته المعرفية وحسه اللغوي - الشفهي والكتابي - وهو لا يقرأ؟ وإذا كان الأخ خالد يدعو إلى تفعيل مفهوم القراءة وطرائقها وغاياتها في نفوس النشء والطلاب فإني أضيف - إلى ما تفضل به - أن كل - أو بعض - هذا لن يتأتى - ولن يؤتي ثماره - في ضوء: 1- المدرس الشامل. 2- الحصة الواحدة أو الحصتان. 3- تسطيح المادة (حيث تساوي خمس مادة الرياضيات أو العلوم أو الإنجليزي). والآن ليسمح لي - أخونا الكريم - خالد الرفاعي بأن أستوضحه بعضاً مما ورد في مقاله القيم وأشكل عليّ مقصوده: 1- قولك أخي الكريم: تأخرنا كيفاً رغم تقدمنا كماً وأصبحنا عالة على غيرنا. أقول كيف يتزامن التقدم والإعالة على الغير؟ 2- هل ذاك المطلب شائق أم شائك؟ 3 الآية الكريمة محل الاستشهاد بها هو بناء أو صناعة الإنسان المؤمن على إطلاقه وليس المؤمن بالمبدأ فقط. 4- (كلتاهما) هي الأصوب من (كلتيهما). وأخيراً - أخي العزيز - تبقى مشكلتنا الأبدية، بأيهما نبدأ، بالعربة أم بالحصان؟ وسلمت يداك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.