1.637 تريليون ريال إيرادات ⁧‫أرامكو بنهاية 2024 بتراجع طفيف مقارنةً ب2023    من الرياض.. جوزيف عون يعلن التزامه باتفاق الطائف وسيادة الدولة    القمة العربية الطارئة بالقاهرة تبحث اليوم إعمار غزة دون تهجير    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    بالأرقام.. غياب رونالدو أزمة مستمرة في النصر    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    موعد مباراة الأهلي والريان في دوري أبطال آسيا للنخبة    تراجع أسعار الذهب إلى 2892.00 دولارًا للأوقية    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    ترامب يبحث ملف المساعدات.. وروسيا تشدد مواقفها.. مساع أوكرانية – أوروبية لإصلاح العلاقات مع أمريكا    تاسي: 339.1 مليار ريال استثمارات الأجانب    وزير الدفاع يبحث مع نائب رئيس الوزراء السلوفاكي علاقات البلدين في المجال الدفاعي    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. أتلتيكو مدريد لإنهاء عقدة الجار.. وأرسنال لتعويض خيبته المحلية    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    فيض من عطاء في بلد العطاء    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    مشروع الأمير محمد بن سلمان يطور مسجدًا تاريخياً عمره 100 عام    منعطف إجباري    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    نائب أمير منطقة مكة يطّلع على الخطط المستقبلية للمديرية العامة للسجون    ليالي الحاده الرمضانية 2 تنطلق بالشراكة مع القطاع الخاص    تعليم الطائف ينشر ثقافة الظواهر الجوية في المجتمع المدرسي والتعليمي    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    أمير الرياض يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    الشلهوب يُرزق بشيخة    محمد بن علي زرقان الغامدي.. وجه حي في ذاكرة «عكاظ»    نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    "حديث السّحر" ماشفت ، ماسويت ، ماقلت ، مدري    توصيل الإنترنت عبر الضوء    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن وجبة الإفطار في الميدان    استخبارات الحوثي قمع وابتزاز وتصفية قيادات    خديجة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    لهذا لن تكشف الحقائق الخفية    مغامرات جرينلاند    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    التسامح...    الدوري أهلاوي    التعليم السعودي يفتح خزائنه في سباق العشرين عالمياً    قال «معارض سعودي» قال !    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    النصر يتعادل سلبيا مع الاستقلال في غياب رونالدو    فيصل بن مشعل يزور القضاة والمشايخ    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد الأصالة العمرانية لمسجد الرويبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النعمي: أعمال الناصر مصارعة ومصادمة بالتيار الاجتماعي
في أدبي الرياض... النعمي والسبيل يفندان مسيرة الحميدان
نشر في الجزيرة يوم 11 - 04 - 2005

ضمن أنشطة النادي الأدبي بالرياض أقيمت مساء يوم الاثنين ندوة أدبية بمناسبة صدور مجلد الأعمال القصصية الكاملة للأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان.. التي شارك فيها كل من الدكتور حسن بن محمد النعمي والدكتور عبد العزيز بن محمد السبيل وأدارها الدكتور محمد بن سليمان القويفلي.. بادئاً بالترحيب بالأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان وبالمشاركين بالندوة وبالحضور الكرام، حيث قدم سيرة ذاتية عن الأستاذ الحميدان وعن أبرز ملامح حياته العملية والأدبية مستعرضاً أبرز أعماله القصصية.. بعدها كانت البداية للدكتور حسن محمد النعمي حيث عبر عن شكره للنادي الرياضي الأدبي وعلى دعوته الكريمة.. وقد قدم ورقة نقدية عنونها ب (مغامرة الكتابة في ثقافة محافظة- تجربة إبراهيم الناصر السردية) حيث جاء فيها:
مغامرة الكتابة في ثقافة محافظة
تجربة إبراهيم الناصر السردية
-*-*-*
د. حسن النعمي
-*-*-*
هذه ليلة احتفاء بإبراهيم الناصر الحميدان القاص والروائي الذي ناضل من أجل نشر قيم الخير من خلال إبداعه القصصي. وهو إبداع منحه من وقته وفكره ما يجعله رصيداً للباحثين والباحثات في جامعاتنا ورصيداً للمبدعين من الكتاب والكاتبات ورصيداً للنقاد لقياس التجارب ومدى تفاعلها مع السياقات الاجتماعية.
ولعل إبراهيم الناصر هو الوحيد من جيله من أمثال: حمزة بوقري، وعبد الرحمن الشاعر، ومحمود عيسى المشهدي الذين توقفوا عن مواصلة الكتابة لأسباب مختلفة، وبقي الناصر مواصلاً الكتابة. إننا بدءاً يجب ان نكبر هذا الاستمرار في الكتابة والنشر بروح مقبلة على الحياة غير مدبرة، ومواكبة لتحولات المجتمع غير أسيرة لحقبة زمنية ماضية. وهذا يذكرنا بتجربة نجيب محفوظ مع الفارق بين الرجلين، وهذا لا يضير الحميدان في شيء. إنما الشيء بالشيء يذكر، فإذا كان نجيب محفوظ قد واكب تحولات المجتمع المصري السياسية والتاريخية، فإن الحميدان قد قدم نصاً متحركاً مع الحياة راصداً ومتأملاً سواء في رواياته أو مجموعاته القصصية. وبقي أن تقاس كل تجربة في سياقها وظروف تكوينها.
غير أن المفارقة غير السارة هي في عدم تواصل الأجيال مع نتاج إبراهيم الناصر القصصي، وهو ما لم يحصل مع محفوظ. فأين يكمن الخلل؟ أتصور ان الخلل يكمن في تركيبة السياق الاجتماعي حول الكاتبين. لقد كانت منافذ النشر والتوزيع لدينا وما تزال فقيرة إلى حد عدم وصول كتب إبراهيم الناصر في المرحلة الأولى إلى ناشئة الأدب. وهذا أمر كافٍ لأن يجعل تجاربه القصصية بعيدة عن قرائها زمناً طويلاً.
إن المجتمع بمؤسساته الثقافية والتربوية يتحمل هذه القطيعة المعرفية بين الأدباء وقرائهم. ولعل هذا يفسر بعضاً مما يعرف بقطيعة الأجيال في مسيرة الأدب القصصي في المملكة. ومن المؤكد فإن تواصل الأجيال شرط معرفي وإنساني لا تستقيم سنن الأدب دون الأخذ به. ألم يقل النقاد يوماً: إن كل الكتاب الروس خرجوا من عباءة غوغول. وقيل في أدبنا العربي إن روائيي الستينات في مصر خرجوا أيضاً من عباءة نجيب محفوظ. فظاهرة تواصل الأجيال بالنسبة للأدباء ضرورة معرفية وجمالية تساعد على فهم ظاهرة السياق الثقافي.
لقد اندفع كتاب السرد في المملكة نحو الأخذ بأسباب التجارب السردية الخارجية، وهذا حقهم، بل إنه مطلب ضروري، غير أنه يجب أن نقرر أنه من الضروري العودة إلى التجارب السابقة لمعرفة كيف تناولت الأجيال السابقة بعض القضايا. فالوقوف مثلاً على رواية ثمن التضحية لحامد دمنهوري ضروري من أجل معرفة كيفية معالجة الكاتب للعلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمع لم يكن بعد قد سمح للمرأة بالأخذ بأسباب التعليم النظامي. وقراءة أدب إبراهيم الناصر القصصي وخاصة كتاباته المبكرة تكشف العقبات الجمالية والموضوعية التي تغلب عليها الكاتب.
من يقرأ قصص إبراهيم الناصر يشد انتباهه إصراره ودأبه على طرح سؤال الوعي بمعناه الإنساني والاجتماعي العميق. فقضية الإنسان وأزمته المعاصرة، عبر عنها في قصصه ورواياته حتى أصبح ممكناً أن نتأمل على نحو جلي مشكلاتنا والقسمات الداخلية للإنسان في مجتمعنا من حيث إحباطه وقلقه وخوفه من مستقبله في ظل أزمات عالمية وإقليمية وداخلية.
لن أكتب عن قصص إبراهيم الناصر الحميدان كلية وهي جديرة بالقراءة، كما أن ذلك يحتاج إلى سياق آخر لا تحتمله هذه المناسبة. غير أنني أرى أن النص الإبداعي عموماً والقصصي خاصة، ينبئ عن صاحبه فكراً وثقافة وموقفاً.
وليس ما أقصد بيانه عنها أنها محافظة. وأعتقد أن مغامرة الكتابة السردية وسط ثقافة محافظة تستحق منا التأمل. فمثلاً، ما هي معطلات الكتابة؟ وما هي دوافعها؟ ثم هل من ضرورة للكتابة الإبداعية في مجتمع يتحسس من الكلمة؟ ثم كيف جاءت تجربة إبراهيم الناصر في سياق الثقافة المحافظة؟
تنظر الثقافة المحافظة للفنون عادة نظرة غير متصالحة، نظرة تحسب مكاسبها من توظيفها للفنون، من حيث تطويعها لأنساقها وخطاباتها. ولذلك تضع الثقافة المحافظة محدداتها واشتراطاتها في علاقتها بالفنون مسبقاً. وما يمكن أن ينتج من الفنون في ظل الثقافة المحافظة لا يخرج عن نوعين: نوع منقاد لاشتراطات الثقافة المحافظة، مستظلاً بهيمنتها حتى يغدو تابعاً من توابعها، بل ولسان حالها، وإما أن يكون مشاكساً، ومتحدياً، وكاشفاً وفاضحاً لأدواتها وزيف أنساق الهيمنة في خطاباتها، لكنه في هذه الحالة يحمل رسالة أقرب للصراخ منها للفن الذي يصنع البدائل الخلاقة للحياة، هدفه في هذه الحالة ثوري إيديولوجي غير مستبطن لمأساة الثقافة المحافظة التي لا تؤمن بالتعدد ولا تؤمن بخلق مساحة قابلة للتحاور.
ويبدو الانقياد لاشتراطات الثقافة المحافظة قسرياً أحياناً وهو ما يعنينا هنا فقد ذكر أحمد السباعي في كتابه (أيامي) ما نصه: وكنت أحد المتحمسين لقضايانا الاجتماعية، أتمنى لو استطعت أن أفرغ كل ما يدور في رأسي من أفكار شابة، وأن أذيبها حروفاً مقروءة في مقالي الرئيسي. ولكن البيئة لا تميل لمثل هذا الشطط، فقد عاشت محافظة بكل ما في هذا من معنى، وهي تأبى عليك إلا أن تعيش رزينا، وأن تخنق في نفسك صبوة الشباب، لئلا تزحف على ما ألفت أو تهاجم ما ورثت. (أحمد السباعي، أيامي، ص 216).
بدأ إبراهيم الناصر الكتابة وهو على وعي باشتراطات الثقافة المحافظة، فكتب أدبه القصصي بطريقة تحاول أن تطرح رؤى ناقدة عن بعد. غير أنه إجمالاً يقف في منطقة أقرب للثقافة المحافظة. وربما لأجل هذا كتب إبراهيم الناصر دون أن يصطدم بهياكل الثقافة المحافظة. غير أنه لم يكن مستلباً لاشتراطاتها مثل عبد القدوس الأنصاري في (التوأمان) التي كانت تؤكد على قيم الثقافة المحافظة أكثر مما تسائلها، أو تجربة تركي الحمد التي جاءت نقيضاً لتجربة الأنصاري من حيث كسرها للتابوهات وتحيزها إلى المصارحة والمكاشفة بلغة بدت إعلامية في بعض مظاهرها. وهو ما حدا برموز المجتمع المحافظ إلى مهاجمتها والنيل من صاحبها. فبين نظرة مستسلمة كنظرة الأنصاري ونظرة مستفزة كنظرة تركي الحمد جاءت نظرة إبراهيم الناصر متوازنة تغلب الفن على الإيديولوجيا، وتغلب الحوار عبر مجازات السرد دون الفضح والمكاشفة الصارخة. إن هذا الموقف يمثل وعياً بكيفية التفاعل مع تحولات المجتمع. فمن يقرأ إبراهيم الناصر قراءة متدرجة منذ إصداراته الأولى وحتى هذه اللحظة سيلمس تشبثه بقيم الحرية في كل أعماله سواء ما كان مصرحاً به أو موحى به. ففي قصة (أمهاتنا والنضال) وهي ضمن قصص مجموعته الأولى بالعنوان نفسه، تطرح ما جدوى الحياة دون حرية، لكن في مستوى أكبر من السياق المحلي. فالبطل سالم يحاول إقناع أمه بجدوى الانخراط في العسكرية والتطوع لقتال العدو المشترك من أجل الدفاع عن كرامة الأمة العربية. وبعد أن يعود ظافراً، لا يضع السلاح ولكنه يقول لأمه: إن هناك نضالاً آخر في فلسطين وفي الجزائر. هذه الرؤية قومية المضمون تؤكد تلازم المصير وأن لا خلاص إلا بالعمل معاً. وفي المقابل يرفض أخوه صادق رجاء أمه بالذهاب للتطوع من أجل الدفاع عن قضايا الأمة بحجة أن الخطر بعيد عن مجمعه. وبعد أربعين عاماً تظل رؤية الكاتب حاضرة لها ما يؤكد نبوءتها في واقعنا المضطرب.
كتب إبراهيم الناصر قارئاً وغائصاً في المقام الأول في قسمات المجتمع. لقد تصالح إبراهيم الناصر مع صرامة الثقافة المحافظة، وظل أدبه يتسلل ليعرب عن اللحظات الحاسمة في حياة المجمع. فتجربة النفط وما تركته من آثار مباشرة على الإنسان، كانت موضع اعتناء من الناصر. ويمكن في هذا السياق أن نستذكر قصة (أرض بلا مطر). ونلحظ في قصة (أرض بلا مطر) خيبة الأمل جراء ضياع حلم الثراء. فالعمال العرب في شركات النفط يعيشون في ظروف قاسية في مقابل التسهيلات الممنوحة بسخاء للعمال الأجانب. هذه المفارقة يقدمها إبراهيم الناصر برمزية شفيفة حيث تصبح الأرض بلا مطر كناية عن خير حط في غير موضعه. إن النظر لهذه القصة في سياقها يؤكد مواكبة القاص لأزمات المجتمع وتعبيره عن أزمة الفرد في مقابل التحولات الاجتماعية من حوله دون أن يقدمها من خلال شعارات إيديولوجية صارخة كما كان سائداً في سياق المجتمعات العربية. وهو بذلك يراعي إشكالية الاحتكاك المباشر بسلطة الثقافة المحافظة في بعدها السياسي.
كما أن قضية العلاقة بين الرجل والمرأة هي من الموضوعات التي اعتنى بها إبراهيم الناصر. ففي قصة (غدير البنات) يكشف الكاتب العلاقة المتوترة بين الجنسين في مسعى إلى تأكيد احتياجنا إلى فهم الممكن وغير الممكن في هذه العلاقة. ففي غدير البنات تكشف القصة الوجود المزدوج لمجموعة من الفتيان والفتيات، كلاهما يشعر بوجود الآخر ويستفزه بإشارات متبادلة، غير أن المطر يفرق بين الطرفين في إشارة إلى صعوبة التواصل أو ربما استحالته. ونشعر أن الكاتب كان مرتبكاً وهو يتناول قضية شائكة مثل هذه وسط ثقافة محافظة. فجاء فعل الخلاص وقدرية المطر لتنهي الموقف الذي لم يكن بوسعه التماهي معه. غير أنه كفاه من الموقف إثارته وزرع التساؤل حول هذه العلاقة.
واكب القاص أزمة الخليج وانعكاساتها على الإنسان.. ففي قصة (المخبأ) يرصد القاص آثار الخوف والترقب من حادث بدا غير اعتيادي في ثقافة المجتمع.
ولعل الشريحة التي ركز عليها القاص، الأطفال، بدت كاشفة لعمق الأزمة النفسية التي أثارتها الحرب. لقد جسد القاص الخوف من الحرب على الطفلة التي وجدت نفسها ملزمة بالذهاب مع والدها إلى المخبأ بعيداً عن الصواريخ التي اخترقت هدوء المكان.
ظاهرة أخيرة وجدتها حاضرة بقوة وهي خاصية التأنيث في عناوين مجموعاته الست: (أمهاتنا والنضال، أرض بلا مطر، غدير البنات، عيون القطط، نجمتان للمساء، والعذراء العاشقة).
لقد درج الكُتّاب على تخير القصة الأبرز سواء في موضوعها أو في قيمتها أو في طرافة عنوانها لتكون عنواناً تستظل وتعرف به باقي قصص المجموعة، فليجأون إلى قصة بعينها لتكون هي مفتتح المجموعة. ولا اعتقد أن إبراهيم الناصر بدعاً بين الكتاب في هذا التقليد، غير أن اشتراك هذه العناوين في خاصية التأنيث، حقيقة أو مجازاً، تجعلنا نتساءل: هل اختيارها جاء عفوياً، أم أنها عناية استثنائية نتجت عن تنامي فكرة تقديم التأنيث على التذكير انتصاراً مجازياً عبر تأكيد الحضور المعنوي للمؤنث؟
لقد أحسن نادي الرياض الأدبي إذ وضعنا أمام المنجز السردي لإبراهيم الناصر الحميدان، ولعل هذا يصبح تقليداً عند النادي وعند غيره من المؤسسات الثقافية لمزيد من تكريم رواد أدبنا تأكيداً لدورهم في خدمة الأدب وعرفاناً بما قدمه أدباء هذه الأرض المعطاءة من إبداعات شعرية وقصصية على مر تاريخهم الأدبي.
بعد ذلك انتقل الحديث إلى الدكتور عبد العزيز محمد السبيل حيث قدم ورقته التي جاءت تحت عنوان (إبراهيم الناصر ومساء التكريم) جاء فيها:
إبراهيم الناصر ومساء التكريم
إبراهيم الناصر واحد من أبرز الكتاب المحليين، الذين أخلصوا لفن السرد على مدى نصف قرن تقريباً. وهو يختلف عن كثير من الكتاب في أن بدايته كانت مشتركة بين فني السرد (الرواية، والقصة القصيرة) وحين المراجعة العددية، نجد أن الناصر قد أصدر حتى الآن أربعة عشر عملاً إبداعياً. منها ثمان روايات وست مجموعات قصصية. ومجموعته القصصية (امهاتنا والنضال) وروايته (ثقب في رداء الليل) صدرتا في عام واحد (1961م) وحين ملاحظة سنوات النشر لأعماله، نجد أنه يتراوح في الكتابة بين هذين الفنين، مانحاً درجة من الإخلاص لهما.
يحتفي نادي الرياض الأدبي هذا المساء ونحتفي معه بالمبدع إبراهيم الناصر، وهو احتفاء أبهج بشكل كبير المهتمين بفن السرد، فالناصر يستحق الكثير من التكريم، ولعله ينفرد في أدبه وإخلاصه لفن السرد. وهو دون ريب أحد الذين أوصلوا القصة القصيرة في المملكة إلى مرحلة نضجها الفني.
حيث إن الاحتفاء هذا اليوم يأتي بمناسبة صدور أعمال الناصر القصصية التي ضمت ست مجموعات، فإن من الملاحظ أن مرحلة النشر عند إبراهيم الناصر، تمتد عبر خمسة وأربعين عاماً. غير أنه يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل متساوية من حيث الزمن تقريباً. ففي الثلث الأول الذي يمثل خمسة عشر عاماً صدرت مجموعاته الثلاث الأول (أمهاتنا والنضال، أرض بلا مطر، غدير البنات)، ثم توقف الناصر عن النشر مدة خمسة عشر عاماً. والحديث عن نشر المجموعات لا عن نشر القصص منفردة، ثم أصدر المجموعات الثلاث الأخيرة (عيون القطط، نجمتان للمساء، العذراء العاشقة) خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة.
وهذا يعني أننا أمام مرحلتين للنشر صدرت في كل منهما ثلاث مجموعات قصصية.
في المرحلة الأولى، ومن خلال المجموعات القصصية الثلاث، يلاحظ بروز موضوع يأخذ حيزاً من قصص هذه المجموعات. هذا الموضوع يتمثل في العلاقة بين المدينة والقرية، ويمكن إضافة البداوة إلى القرية، فهما يمثلان شيئاً واحداً في علاقتهما مع المدينة. ونجد أن كثيراً من قصص هذه المجموعات الثلاث (أمهاتنا والنضال، 1961، أرض بلا مطر، 1965، غدير البنات، 1976) قد ركزت على موضوع هذه العلاقة، وسجلت بواقعية، التحول الحضاري الذي طرأ على المجتمع. وترتبط بذلك بشكل مباشر نظرة المجتمع وموقفه من المخترعات الحديثة التي لم يألفها من قبل، ويلاحظ تزايد عدد القصص التي تناولت هذا الموضوع من المجموعة الأولى إلى الثانية، ويكثر بشكل ملحوظ في المجموعة الثالثة.
وحين النظر إلى بعض هذه القصص، يمكن ملاحظة التطور المنطقي في معالجة هذه القصص لمسألة التحول الاجتماعي. ففي قصة (شبح المدينة) نجد أن البدوي يحاول تجنب المدينة ويكون متردداً بين الذهاب إليها من عدمه، لكنه حين يذهب يعود بانطباع إيجابي. وفي قصة (خيبة أمل) يذهب أحمد من القرية إلى المدينة بكل ثقة، وينجح في تحقيق هدفه. وحين نأخذ قصة (الغرباء) نلحظ أن القروي الذي يعمل في المدينة، ينجح في إقناع عدد من شباب القرية بالذهاب إلى المدينة. وفي قصة أخرى بعنوان (التاريخ لا يعود) يفشل الصحفي في عمل تحقيق عن قريته، وحتى في التكيف مع مجتمعها، ولذا سرعان ما يعود إلى المدينة. وفي قصة (المتعبون) نجد أن التغير الحضاري لم يعد مقصوراً على المدينة، بل وصل إلى القرية وأصبح جزءاً أساساً من حياة المجتمع فيها. وكأن هذه القصص بترتيبها السالف توحي بنتائج التدرج الذي مر به المجتمع في حركة التغيير. تبدأ الرحلة مع تردد البطل في الذهاب إلى المدينة، ثم السفر إليها بكل ثقة، يكون بعد ذلك غير قادر على التكيف مع مجتمع القرية، وأخيراً يصل التغيير إلى القرية، فتصبح الحياة فيها مشابهة لحياة المدينة. وهذا تصوير لواقع مر به المجتمع أكثر من أن يكون رؤية قصصية لحتمية التغير الاجتماعي.
وفي عدد من القصص الأخرى نجد التركيز يكون في موقف المجتمع مع المخترعات الجديدة، كالسيارة والدراجة والطائرة والقطار. حدث ذلك في عدد من قصص المجموعتين الثانية والثالثة مثل (الأشقياء) و(حصان إبليس) و(المسافر).
في هذه القصص ينتصر الحديث على القديم، ليس على أساس أنه رؤية للراوي والشخصيات، بل على أنه حقيقة تاريخية. ولذا فإن بعض القصص تركز على الجانب الإيجابي في الحياة القديمة، المتمثل في البساطة والصدق والأمانة، وهي أمور أصبحت تخف تدريجياً كجزء من ضريبة التغير الحضاري الذي طرأ على المجتمع، وتشير هذه القصص إلى أن هذا التغير كان على حساب هذه القيم التي كانت أساسية في المجتمع. فالمرأة في قصة (الشتاء) تموت في شوارع المدينة حيث لا تجد المأوى. وسالم في قصة (الغرباء) يشده بريق المدينة فيرحل غير عابئ بتوسل والدته المريضة أن يبقى بجوارها. وتصور عدد من القصص حال الجيل السابق مع الحياة الجديدة. فكثير منهم لم يستطع التكيف معهم وأصبحوا يحنون للماضي ويتمنون العودة إليه، كما في قصص (جراح الشوق) و(حال الدنيا) في مجموعة غدير البنات.
وفي قصة الشتاء يستوقف القارئ توظيف إبراهيم الناصر لشخصية غير إنسانية، من أجل إعطاء معالجة الموضوع عمقاً أكبر. فقسوة المدينة امتدت حتى للحيوان، فِقطُّ البطحاء حين لم يجد طعاماً يسكت الجوع الشديد الذي يحس به، راح يبحث عن مكان دافئ، ووجده بجوار امرأة تحتضن طفلها وتتخذ من الشارع مأوى لها. وتأتي نهاية القصة على النحو التالي (ووقف رجل يخاطب المرأة، وفهم القط انه يدعوها لإسكات الطفل، الذي أهلكه البكاء. بيد أن المرأة لم تتحرك، إنما استمرت في صمتها المطبق. فغضب القط منها، وكاد ينشب بها مخالبه، لولا انه تذكر ما قدمته له من دفء طيلة الليل. وتقدم الرجل نحوها، وهز يدها المتيبسة، ولكنها لم تخرج أيضاً عن صمتها المريب. على أن القط روع بصورة فظيعة، واطلق لسيقانه الريح حين سمع الرجل يتمتم قائلاً: لا حول ولا قوة إلا بالله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. لقد ماتت المسكينة من البرد). والجملة الأخيرة، وكثيراً ما يأتي أمثالها في نهاية قصص الناصر، تأتي لضمان وصول الرسالة القصصية كاملة إلى القارئ، وعدم الأثقال عليه بعبء محاولة الكشف عن النتائج أو بعضها.
حين الانتقال إلى مرحلة الكتابة الثانية، بمجموعاتها الثلاث، يلاحظ بشكل واضح خفوت قضايا التحول الاجتماعي. وكأن مرحلة التحول من القرية إلى المدينة، قد تم تجاوزها. وإذا كانت المجموعات القصصية في إطارها العام تمس القضايا الاجتماعية، فإنها لم تعد تتعامل معها بأسلوب الواقعية الوصفية المباشرة، بل غدت تضفي عليها أبعاداً أعمق. غير أن قصص المجموعات لا تسير جميعها في منحى متشابه.
ويمكن إيجاد خيط دقيق بين موضوع التحول الاجتماعي الذي تمت معالجته في مجموعات المرحلة الأولى من خلال معالجة العلاقات الأسرية، وأثر التحولات عليها. فالجد والجدة اللذان يعيشان في منتهى السعادة بين أحفادهما يسيطر عليهما القلق من المستقبل المنظور، ولذا يأتي التساؤل (هل أوشك حبل الوريد أن ينقطع في هذا المنزل؟ وهل أبواب الملجأ أصبحت فاغرة الفاه لاستقبالهما ذات يوم قريب؟) هذا ما جاء في مجموعة نجمتان للمساء من خلال قصة (غربة الجذور)، وعنوان القصة يوحي بمضمونها. وتستمر المعالجة في قصة (العصفور) من نفس المجموعة، حين يعبر هذا المسن عن أساه الشديد لوجوده في المصحة ولتغير ظروف التواصل الاجتماعي، ويعبر عن واقعه بقوله (سوف نغادر الدنيا دون أن يشعر بوجودنا أحد).
ولا يتضح في بقية القصص وجود موضوعات متلازمة فيما بينها. غير أنها جميعاً تؤكد انحياز إبراهيم الناصر الحميدان إلى الأزقة الخلفية، ومجتمعات الكدح والفقر، بشخوصها من العمال والخدم، وصغار الموظفين.
والبارز جداً في المجموعات الأخيرة التي تمثل المرحلة الكتابية الثانية، أنها اتجهت نحو الاتجاه الواقعي أيضاً، لكن المؤلف يكتب من واقع الذاكرة لا من واقع الزمن. فجميع القصص تقريباً لا ترتبط بالمدينة، ولا تتناول أحداث الحاضر.
ولعل قصة (المخبأ) الوحيدة التي يمكن وضعها زمنياً في التسعينات، أما بقية القصص فيمكن أن تعود إلى مراحل أقدم. وإبراهيم الناصر لا يبدو معنياً بالواقع المعاصر الحالي، فهو يعيش في كتاباته حالة من التصالح مع الماضي، فكلاهما يتلبس الآخر، وكأن الماضي هو الذي يمنح الناصر الدفء والهدوء، ويحفزه على الكتابة.
في بعض قصص الناصر تأتي مساندة البناء الفني للمضمون، ففي قصة (ذات الوشم) من مجموعة عيون القطط، يلاحظ تداخل المضمون مع البناء الفني للقصة. فعمير، الذي يعمل خادماً في مكتب مدير الشركة، ويسكن في غرفة خشبية، تنمو لديه الأحلام. فهو يحلم أن تكون الفتاة التي رآها، وأعجب بها حبيبة وزوجة. في قمة أحلامه هذه، يشب حريق في المنطقة السكنية، يختفي معها منزله وتحترق أحلامه التي كان يبنيها في رأسه، مع احتراق غرفته.
وإذا كان الحوار أحد التقنيات الأساسية في القصة القصيرة، فإن القارئ للمجموعات القصصية الثلاث الأولى، يلحظ أن الحوار الذي كان قليلاً في قصص المجموعة الأولى، استخدم بشكل أكبر في المجموعة الثانية، وزاد هذا الاستخدام بشكل أكبر في المجموعة الثالثة. ويمكن اعتبار ذلك تطوراً في استخدام التقنية القصصية لدى الناصر. غير أنه بالنظر لبقية المجموعات القصصية، لا يكون استخدام التقنيات القصصية بشكل تصاعدي، بل يظل الراوي مهيمنا على مسار الأحداث والسرد، حيث يمسك بزمام السيطرة على المشهد القصصي.
وإذا كان من خصائص المرحلة الكتابية الأولى، وضع نهايات تتسم بالمباشرة، فإن الأمر نفسه يتكرر في هذه المرحلة، وان كان أقل مباشرة. ويمكن الإشارة إلى القصة الأخيرة من مجموعة عيون القطط وهي بعنوان (الموقف). حيث تنفصل فيها الزوجة عن زوجها بسبب بعثته إلى الخارج. وإذا كانت القصة لا تبدي أسباباً مباشرة، فإنها تضع أمام القارئ العديد من الأسئلة على النحو التالي (لا تلبث الأقنعة أن تنحسر ليبدأ الصراع، وتصبح الحرية هي الثمن الغالي الذي لا تفريط فيه، فمن يكون المذنب؟ أهو العلم، الغربة، الحرية، هي، هم، المجتمع، التقدم، أم الجهل؟). وكأن هذه الأسئلة توضع أمام القارئ من أجل أن تمنحه وعياً قرائياً.
والأمر نفسه يحدث في قصة المخبأ من مجموعة (نجمتان للمساء)، وهي قصة تتناول موضوع الطفولة والحرب. وتنجح القصة بشكل كبير في رصد الهلع، غير أنها تنهيها بشكل مباشر، من خلال الجملة الأخيرة في القصة، تلك التي تقول (من بشاعة الحرب أنها تيتم الأطفال).
وبعض قصص المجموعة الأخيرة (العذراء والعاشقة) تأخذ نفس المنحى، فقصة الشهيد والجلاد تنتهي بقول الراوي (فرحمة الله على أرواح الشهداء البواسل الأبطال، في أرض فلسطين الجريحة الصامدة، وإلى النصر إن شاء الله).
(الصب تفضحه عيونه) تلك مسألة تتصل بعناوين العديد من قصص إبراهيم الناصر، حيث تكشف كثير من العناوين مضامين بعض القصص، وأحياناً تصرح بنهاياتها. من هذه القصص أمهاتنا والنضال، الزائفون، شقاوة، خيبة أمل، خيانة، الغرباء، المتعبون، الفراق، صراع لا ينتهي، التاريخ لا يعود، زفير الغربية، الوداع الأخير، مداعبة ثقيلة، مجرد حماقة، غربة الجذور، العاشق الصغير، الشهيد والجلاد، الصدمة، المفاجأة، طلاق بالإكراه. وتلك مسألة تتصل بمرحلتي الكتابة عند الناصر.
وحين النظر إلى المعالجة الموضوعية في معظم القصص التي تمت الإشارة إليها، يتضح أن الناصر يتجه نحو ما يمكن تسميته بالواقعية الوصفية في طريقة رصد الواقع الاجتماعي ومحاولة إبراز رؤية نقدية من خلال الأحداث أو السرد.
وواقعية الناصر يغلب عليها الوصف، وتبرز أحياناً في ثنايا ذلك صور للنقد الاجتماعي الذي قد يعكس رؤية الكاتب أكثر من أن يكون محملاً بأبعاد الواقعية النقدية. وهذا ما يجعل الواقعية الوصفية أقرب لنعت أعمال الناصر. غير أن إبراهيم الناصر، في بعض قصصه يعمق هذه الرؤية الوصفية، فيضيف عليها بعد نقدياً من خلال المبالغة في الحدث لتبدو صورة الواقع أكثر قتامة من واقعها الحقيقي. ولعل قصة الشتاء السالفة الذكر، أحد الأمثلة في هذا السياق.
وحيث إن الناصر يركز بشكل أساس على موضوع المعالجة، فإنه يمكن اعتبار معظم قصصه قصص أفكار بالدرجة الأولى. فالكاتب يتخذ من الراوي العليم سبيلاً للوصول إلى ذلك. وقد انعكس هذا على الجانب الفني للقصص. فالراوي العليم يكون مسيطراً خلال القصة، ولا يمنح للتقنيات الأساسية الأخرى مجالاً يمكن لها أن تسهم فيه. وبالتالي فإن الراوي هو الذي يحرك شخوص القصة باتجاه محدد كي يصل بها إلى النهاية إلى الغاية التي يرمي إليها. وهذا الراوي لا يتيح لشخصيات القصة أن تسير حسب تطور الأحداث، أو ما يقتضيه منطق السرد.
وغالباً ما يكون هذا الراوي قريباً من شخصيات الكاتب، وقد تتوارى شخصية المؤلف خلفه.
أخيراً، اسمحوا لي حين أقول إنني أحد عشاق إبراهيم الناصر، هذا الإنسان الذي يشعرك بحميمية كبيرة، وقرب عاطفي، واحترام نبيل. أقدم تقديري الكبير لشخصه الجليل، وأشكر لكم المشاركة في الاحتفاء به، ولنادينا نادي الرياض ورئيسه أستاذي الدكتور محمد الربيع، وأعضاء مجلس الإدارة خالص الامتنان. والسلام عليكم.
عبد العزيز السبيل
بعد ذلك أعطى الدكتور محمد القويفلي المجال للحضور في المداخلات والتعليقات، حيث كانت البداية للدكتور أحمد السعدني حيث عبر عن سعادته الكبيرة لوجوده في هذه الندوة ومع كاتب كبير ومن الذين أعطوا الكثير على الرغم من أن الدراسات الأكاديمية مقصرة في حقه، حيث قال: ليست الأكاديمية والدراسات وحدها مقصرة ولكن أيضاً النقاد السعوديون مقصرون في حق كتّابهم، وليس إبراهيم الناصر وحده بل كل الجيل الذي جاء بعد ذلك.
بعد ذلك علق على ورقة الدكتور النعمي بملاحظة على كلامه وهو يشير إلى أن تجربة نجيب محفوظ وإبراهيم الناصر مع الفارق.. حيث قال بأن له تحفظاً لماذا لأن فيما قاله حق الحديث عن الثقافة المحافظة الصارمة، كذلك هو قال مع الفارق.
بعد ذلك علق على ورقة الدكتور السبيل حيث قال بأنه تحدث حديثاً طيباً عن أعمال الأستاذ إبراهيم الناصر القصصية في مجال القصة القصيرة على وجه الخصوص.. وهنا علق على ان الواقعية في مجال النقد تقسم إلى قسمين: الواقعية النقدية والاشتراكية.
واشار إلى أن د. السبيل قال في حديثه أن الأستاذ إبراهيم الناصر وقف بمعية الكادحين من العمال والطبقة الفقيرة وهذا يدخل في اطار الواقعية الاشتراكية.
المداخلة الثانية جاءت من الأستاذ محمد عقدة حيث قسم استفساراته إلى قسمين.. القسم الأول: هل الانقطاع الذي ذكر وعدم التواصل بين الأستاذ الناصر وبين الاجيال التي تليه نتيجة لازمة النشر فقط؟ أم أن التقاطع في التجارب السلبية وتباينه بينه وبين الاجيال التي تليه كما ذكر ذلك ذات مرة عبده خال والدبيخي، هناك تباين في التجربة وهناك عدم التواصل بينهما.
الاستفسار الثاني: إذا كان المجتمع محافظاً ويتحسس الكلمات، فلماذا لم يبدأ القاص الأستاذ الناصر من الكتابات الرمزية، واقصد الكتابات الرمزية القائمة على مجازات اللغة وتسجيلها وحركيتها في فضاء الفن، وليست فكرة الرمزية القائمة على إسقاط المعنى.
المداخلة الثالثة جاءت من الزميل الأستاذ عبد الحفيظ الشمري الذي رحب بالحضور وشكر النادي الأدبي لإتاحة هذه الفرصة للقاء مع الأستاذ إبراهيم الناصر، وقال: وبدأ تعليقه بضم صوته إلى الدكتور السعدني بأن يتحمل النقاد السعوديون المسؤولية الكبرى بالتقصير في حق الكتّاب؛ فلا الجامعات ولا النقاد الأكاديميون لم يلتفتوا إلى أعمال الأستاذ الحميدان ولا غيرها.
بعد ذلك علق على ورقة الدكتور النعمي بوصفه اعمال إبراهيم الناصر بأنها مصارعة ومصادمة بالتيار الاجتماعي، حيث قال الأستاذ عبد الحفيظ: لم يكن هناك مصادقة بل هو محافظ في التكوين الذي نشاهده الان، ففي السابق كانت هناك السينما والمسرح والالات، وكانت هناك المحاكاة، كما قلنا في الأدب المصري ولم يكن في المجتمع السعودي، فلا نقول: المجتمع منغلق، على عكس ما نراه الان، بل كان منفتحاً، وكان الأستاذ الناصر كاد أن يقدم أدباً لو استغل تلك الفرص التي كانت تتاح له في ذلك الوقت.
بعدها علق على ورقة الدكتور السبيل بوصفها بأنها مرحلة الادب.. مرحلة الحميدان حيث فصلها في أثناء توقف الناصر عندما انصرف عن الكتابة تقريباً خمسة عشر عاماً إلى خمسة وعشرين عاماً، فلم يلاحظ هناك تغير طرأ على الأستاذ الناصر، والتحول الاجتماعي لم يكن وارداً في سياق اطروحات الأستاذ الناصر، فلم يكن هناك أي تحول.
بعد ذلك خالف الأستاذ عبد الحفيظ المشاركين في الحديث عن الواقعية حيث قال بأن الحميدان انشغل بالحكاية سواء كانت واقعية أو واقعية بيولوجية.
المداخلة الرابعة جاءت من الدكتور حسين المناصرة حيث علق على ورقة الدكتور السبيل بأنه يتفق معه في الواقعية الوصفية وميل الأستاذ الناصر إلى الحكاية ولكن بشكل من الخطأ أن نحكم مصطلحات وندخلها إلى النصوص، يجب أن نتعامل مع النصوص بمنطلق تعني ابعاده النقدية.
وعلق على ورقة الدكتور النعمي باعجابه بفكرته التي في تصوره بأن كتابة الأستاذ الناصر انها كانت محايدة مع المجتمع والبيئة.
بعد ذلك علق الدكتور محمد بن سليمان القويفلي في مسألة الواقعية والاشتراكية، وان هذه امور انتهى امرها، وانها كانت تستعمل في تصنيف الكتاب السياسيين.
وعلق من جانب آخر بأن الأستاذ الناصر لديه كم كبير من الرمز في اعماله، ولكن ليس الرمز الذي نراه اليوم، هذا كما نسميه بالتعرية، واضاف بأنه يعتقد بأن بعض نصوصه يمكن ان تقرأ قراءة رمزية وبعض المفردات التي تتكرر عند الأستاذ الناصر في أكثر من قصة يمكن ايضا ان تقرأ من زاوية رمزية.
بعد ذلك جاءت كلمة الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان حيث عبر عن شكره لرئيس النادي الأدبي الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع وبالمشاركين في الندوة وبالحضور الكرام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.