تتحطم أمام حصونها كل وسيلة فساد، إلى أولئك العابثين بحياتهم، وحياة غيرهم إلى المفسدين والمخربين، ماذا تريدون؟؟ حددوا أهدافكم واكشفوا عن أمركم، كونوا صريحين مع أنفسكم. إننا لا نخطب أولئك الذين قتلوا أنفسهم بالتفجير المروع فأمرهم إلى الله وأفضوا إلى ما قدموا، ولكن نخاطب الأحياء الذين مازال بعضهم يعيش هذا النوع من الانحراف والفساد نقول لهم: أولاً: هل عملكم هذا عمل شرعي، وما الدليل على ذلك؟ أما رجع أولئك الذين تعتبرون أنهم أعلم أهل الأرض في وقت من الأوقات، وأن لهم المرجعية في الفتوى هم رجعوا وصرحوا تصريحاً واضحاً لا غموض فيه وأقسموا بالله جهد أيمانهم أخطئوا في منهجهم، وأوصوا الشباب بالرجوع والعودة والتوبة إلى الله. فهؤلاء العلماء رجعوا وكنتم في السابق على منهجهم، ولا تعدلون عن فتواهم، فلماذا لا ترجعون كرجوعهم وتكونون متبعين للحق. إن عدم الرجوع والتمادي في الباطل يدل على أنكم اتباع هوى واتباع الهوى من أعظم أسباب الانحراف والفساد، بل إن اتباع الهوى يكون إلهاً من دون الله. قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)(23) سورة الجاثية. ثانياً: إذا كان لديكم علم أو تأويل، فاعرضوا علمكم وأدلتكم وناقشوا العلماء، كما فعل الخوارج مع صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث ناقشهم حبر الأمة ابن عباس، وأوضح لهم الدليل، فاستجاب كثير منهم للحق، وضل من كتب الله عليه الضلالة. ثالثاً: الحذر - شباب الإسلام- أن تخدعوا باسم الدين فليس كل من لبس عمامة صار إماماً، ولا كل من وضع لحية صار صالحاً، وانظر في زمن الرسالة ونزول الوحي كيف عبث المجرم المفسد عبدالله بن أبي وانخدع في غوايته بعض الصحابة- رضي الله عنهم- لولا أن الله اجتباهم وهداهم، واقرأ حادثة الإفك، ومن الذي انخدع بها، واقرأ عن معركة أحد كاد يضل طائفة من المؤمنين الصادقين لولا أن الله تولاهم برحمته قال تعالى: (إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(122) سورة آل عمران. رابعاً: اتق الله في نفسك ولا تقتلها بهذه الصورة البشعة فأنت أول من يصطلي بنار التفجير، وأول من يتعذب به، واقرأ أحاديث الوعيد فيمن قتل نفسه، وإن كان أحد قال ذلك من أبواب الجهاد والشهادة في سبيل الله، ففيه من أفتى وهم علماء معتبرون، بل أئمة صالحون ناصحون كابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهم الله جميعاً، أفتوا أنها عمليات انتحارية. فكيف يقدم عاقل على أمر أفتى فيه هؤلاء الجهابذة بأنه أمر انتحاري، فما موقفك بين يدي الله. خامساً: أنت لا تمثل نفسك وحدك بل أنت مرتبط بوالديك ولك أبناء ينتظرونك ويفرحون برؤيتكم والجلوس معكم، فلا تكن سبباً في خوفهم وأذيتهم. ولك والد ووالدة يزعجهم في غيابك كل خبر، وكل صيحة لا ينامون الليل، ولا يهنئون بعيش في النهار. بالأمس القريب شاب له أخ تورط بهذه الأحداث يقول أمي بعد حادثة أخي أصبحت لا تنام الليل ولا تأكل الطعام، إنما هو النحيب والبكاء، وحدثني رجل له ولد كذلك يقول والله من ستة أشهر ما ذاقت عيناي النوم ثم أخذ يبكي. فإننا نناشد هؤلاء الشباب أن يتقوا الله في أنفسهم ووالديهم لا تروع أباك وأمك. وفي حادثة من الحوادث في الرياض، أصيب أحد المطلوبين وأدخل المستشفى وبعد العلاج أذن لأمه وإخوانه بزيارته، يقول من رأى ذلك المشهد أن أمه احتضنته وشمته وقبلته ساعة كاملة وهما يبكيان الابن والأم. فيا أخي لكم أم وأب وإخوة وأخوات وأناس يحبونكم فارحم مشاعرهم ولا تؤذهم، تأمل قول الرسول- صلى الله عليه وسلم- للشاب الذي أراد الجهاد مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال ( ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما) لأنه خرج من أبويه وهما يبكيان. سادساً: إلى قادة هؤلاء والمنظرين لهم الذين يوجهونهم إلى متى هذه المكابرة، آذيتم هؤلاء الشباب في أنفسهم وأهليهم، اعطوهم كل ما يملكون، وبذلوا أرواحهم في طاعتكم، ألا ترحمونهم وتحسنون إليهم، أيعاملونكم بالحسنى وتعاملونهم بالإساءة والدمار، أيها القادة إن كنتم تعقلون، فلماذا لا تتراجعون وتقولون كنا نسير في طريق تبين الآن أنه طريق مظلم وخاطئ ثم تعودون وترجعون إلى كتاب ربكم وسنة نبيكم- صلى الله عليه وسلم- وتوجهون الشباب الوجهة الصحيحة أن يرجعوا للعلماء ويسألوهم، ليدلهم العلماء ويرشدونهم. وليس بعيب أن يتراجع الإنسان عن أفكاره، ولا يحملنكم الهوى والتعصب والحقد الدفين على التمادي في الباطل. سابعاً: نحن بحاجة اليوم إلى ربط الشباب بالعلماء وتعظيم العلماء ومكانتهم في النفوس حتى يستنير الشباب بعلمهم وأقوالهم ولا يحيدون عنهم قال تعالى: ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)(43) سورة النحل. وقال تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (83)سورة النساء. فالعلماء والأمراء لهم حق عظيم في الإسلام، وأمرنا الشرع بطاعتهم ما لم يأمروا بمعصية، وحرم الإسلام الخروج وجعله من كبائر الذنوب، ومن أمور الجاهلية، فمن مات وليس له بيعة مات ميتة جاهلية. وأمرنا الرسول- صلى الله عليه وسلم- بالسمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر، بل أمرنا بالطاعة ولو جلد الأمير ظهورنا وأخذ أموالنا، كل ذلك لتتحد الكلمة ويجتمع المسلمون على إمام واحد. وفق الله الجميع لكل خير.