أكد الأستاذ خالد حسين العمودي المدير العام لشركة عطر البحرين في حديث ل(الجزيرة) أن إجمالي حجم سوق العطور الشرقية والغربية في المملكة نحو 5 مليارات ريال. وتسيطر العطور الشرقية وحدها على نحو ملياري ريال من حجم السوق، وقال: إن ارتفاع استهلاك العطور الشرقية في المملكة يعود إلى ارتباط أهل الجزيرة العربية بالعود ومشتقاته منذ قديم الزمان حيث ذُكرت بعض الأحاديث النبوية عن الطيب (العود). وأشار إلى أن إجمالي حجم العود والبخور المغشوشة في المملكة يقدر بنحو 500 مليون ريال. إلى تفاصيل الحوار: * كيف كانت بدايتكم في تجارة العطور الشرقية؟ - أساس عملنا هو مكتسب من والدي. ومنذ فترة الثمانينيات الميلادية تم التركيز على مجال العطور الشرقية حيث كانت البداية متواضعة جدا إلا أنه في التسعينيات تم الاتفاق مع شركة سيد جنيد عالم البحرينية التي تمتلك أقدم مصنع للعطور الشرقية في منطقة الخليج العربي وتغذي دول المجلس جميعها إلى جانب اليمن، من خلال فتح سلسلة معارض (عطر البحرين) في جميع مناطق المملكة العربية السعودية، والتي تضم منتجات سيد جنيد عالم من العطور الشرقية وإكسسواراتها. * أرقام كثيرة تناولت حجم سوق العطور العربية والشرقية في المملكة.. هل لديكم إحصائية عن ذلك؟ - من الصعب تحديد أرقام نظراً لعدم توافر إحصائيات دقيقة من مصادر متخصصة وموثقة إلا أن ما هو متداول في أوساط السوق أن حجم سوق العطور الشرقية والغربية في المملكة يزيد على 5 مليارات ريال منها نحو ملياران تمثل حصة العطور الشرقية، ومن الملاحظ أن هناك تنافسا كبيرا بين العطور الشرقية والغربية في الفترة الحالية وزيادة حصتها عن حصة العطور الغربية خاصة مع ظهور شركات متخصصة تمتلك أدوات وتكنولوجيا التطوير والابتكار مثل شركة سيد جنيد عالم البحرينية وامتدادها معارض عطر البحرين في المملكة العربية السعودية إلى جانب توجه المستهلك نحو هذه المنتجات التي بدأت تنتشر بشكل ملحوظ ليس في المجتمعات الشرقية فحسب بل حتى في المجتمعات الغربية أيضاً وهذا أدى إلى فتح أسواق خارجية لهذه المنتجات مما دعا الكثير من شركات تصنيع وتجارة العطور الشرقية إلى زيادة استثماراتها وكذلك طاقتها الإنتاجية. * ذكرتم أن الكثير من شركات تصنيع العطور الشرقية تزيد من استثماراتها لرفع طاقتها الانتاجية، كم تبلغ استثمارات هذا القطاع؟ - تحتل المملكة المرتبة الأولى في مجال الاستثمار في قطاع العطور الشرقية في دول مجلس التعاون الخليجي التي يصل حجم الاستثمار في قطاع العطور فيها إلى 3.8 مليارات دولار. وتأتي المملكة - كما ذكرت - في المقدمة وتليها الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية وأعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد زيادة مطردة في الاستثمار في هذا القطاع نظراً لفتح أسواق خارجية قادرة على المنافسة بقوة فيها. * ما هو مصدر المواد التي يصنع منها العطر الشرقي؟ - العود ومشتقاته معروف لدى عرب الجزيرة العربية منذ القدم، بل ونجد أنه مذكور في بعض أحاديث الرسول - صلى اللّه عليه وسلم -. ومعروف أيضاً أن منشأ الروائح العطرية والبهارات ذات الروائح المتنوعة هو الشرق، أقصد دول شرق آسيا وهي غير موجودة في أوروبا لأن العطور العربية الشرقية كانت تخص الشرقيين، لذا يعتبر الطيب من العود والصندل والمسك وأصناف الورود (الطائفي, الهندي, الاسطنبولي, المغربي...الخ) ذات منشأ شرقي وهي ما زالت تستعمل بطرق بدائية في المناسبات حتى يومنا هذا لأنها تعكس أصالة الذوق العربي الرفيع. * ما العوامل التي تؤثر في أسعار العطور الشرقية؛ إذ نجد هناك فروقات كبيرة جداً في أسعارها؟ - ببساطة هناك مجموعة عوامل تلعب دوراً في تحديد قيمة منتج العطر الشرقي منها جودة الصنف وندرته ومنشأه فهناك أصناف ذات منشأ فاخر وهذا يرفع من سعره، ناهيك عن تباين أسعاره من مواطنه الأصلية وهو متفاوت الدرجات من ناحية طبيعة خشب العود بالتالي ينعكس على درجة جودته، وأيضا هناك من يكسب فيه مكاسب فاحشة جدا بحيث تكون أرباحه تفوق قيمة تصنيعه بمرات عديدة؛ لهذه الأسباب تجد هناك الفرق في أسعار هذه المنتجات. وأحب أن أشير إلى أن الوسيط الثالث بين الشركة المصنعة والمستهلك، وأقصد بذلك المصدر، الوسيط والتاجر، يلعب دوراً كبيراً في زيادة أسعار منتجات العطور الشرقية، ربما في بعض الأحيان تفوق بأضعاف نسبة أرباح الشركة المصنعة نفسها التي استثمرت المبالغ الكبيرة وسخرت طاقاتها وخبراتها للوصول لمنتج يمكن لمختلف فئات المجتمع شراؤه، ونحن في (عطر البحرين) تمكنا من حل هذه المشكلة بأن ألغينا دور الوسيط التجاري بين شركتنا المصنعة لمنتجاتنا سيد جنيد عالم وعملائنا من خلال معارضنا المنتشرة في معظم مناطق المملكة، وبالتالي يستفيد المستهلك من حصة الوسيط لصالحه. * وماذا عن الغش في سوق العطور الشرقية؟ - هنا أحب أن أشير إلى نقطة مهمة وهي ثقافة المستهلك نفسه، فللأسف الشديد فإن عمليات التحايل التي يمارسها بعض ضعاف النفوس على المستهلك تؤثر سلباً ليس على المستهلك فحسب بل على الشركات التي تحترم نفسها وتحترم أسواقها وعملائها. ولا شك أننا - كما يحدث في أية صناعة أخرى - نواجه في (عطر البحرين) هذا النوع من عمليات الغش فمثلاً تجد هناك أنواعا من العود والبخور المغشوش في الأسواق وتباع على أنها أصلية والمستهلك يقع ضحية لهذه الظاهرة التي أصبحت لها سوقها ويتجاوز حجمه 500 مليون ريال سنوياً فالسوق السعودي وحده يحرق 500 مليون ريال على شكل عود مغشوش؛ ولهذا أرى من الضروري تعزيز الجهود التي من شأنها مكافحة هذه الظاهرة بتكاتف جميع أطراف المعادلة بداية بالمستهلك فالشركات المصنعة للعطور الشرقية الأصلية والجهات المعنية في الجمارك ووزارة التجارة. * لمَ لا تفكرون في نقل مصنعكم إلى المملكة؟ - لا شك أن هذا سيتم - بمشيئة الله - عاجلاً أو آجلاً، إلا أنه في المرحلة الحالية وبناء على دراساتنا التي أجريناها وجدنا أنه من غير المجدي خاصة أن صناعة منتجاتنا تتم في مملكة البحرين القريبة من المملكة فإنه من الأجدى لنا حالياً الاستمرار هناك لأنها صناعة ذات عمالة عالية. وسنحاول في المرحلة المقبلة إنشاء مصنع لشركة سيد جنيد عالم في المملكة عندما يكون هناك انسيابية في إجراءات استقدام العمالة بشكل مضمون وسهل وسريع ودون أي عوائق لاحقة. كما أننا حالياً نعمل على تطوير منتجاتنا ونستثمر المبالغ الكبيرة في ذلك خاصة أن صناعة العطور الشرقية قد تطوراً كثيراً بمراحل مختلفة وصولاً إلى العطور العربية الشرقية المعبأة ضمن زجاجات بخاخ بدلاً من حصرها بشكل زينتي؛ الأمر الذي يسهل استخدامها ويحسن من وظيفتها. وكذلك عملنا على إنتاج ما يسمى العطر الجامد إذ إننا أول من أدخل هذا النوع من المنتجات لأسواق المملكة، وهو منتج عطري جامد معبأ في علبة أنيقة ورقيقة الحجم يسهل حملها واستخدامها وتجنب المستهلك مشكلة انكسارها في حقيبته أو حقيبتها وتضرر المقتنيات. وقد انفردت شركة سيد جنيد عالم بإنتاج مباخر لا مثيل لها، عبقرية الطراز، بأسعار في متناول جميع فئات المجتمع. * هل يعني هذا أن الاستثمار في قطاع العطور في المملكة غير مجدٍ حاليا؟ وما الصعوبات التي تواجهكم لتحقيق ذلك؟ - لا أقصد أن الاستثمار في قطاع العطور الشرقية في المملكة غير مجد، إلا أننا مثل أي نشاط اقتصادي آخر.. نواجه الكثير من المصاعب المرتبطة بالإجراءات وخاصة لعدم وجود التسهيلات التي تشجع أي رجل أعمال على البدء في مشروع يعود عليه وعلى الاقتصاد الوطني والمجتمع بالفائدة، فمثلاً من أجل تسجيل الموظفين العاملين في فروعنا، كما ذكرت لك، نحتاج إلى مراجعة مكاتب العمل في جميع المناطق التي لنا فيها فروع بدلاً من توافر قاعدة بيانات حتى يمكن للمقر الرئيسي لأي شركة إنهاء جميع الإجراءات المطلوبة من مكتب واحد بدلاً من إضاعة الوقت والجهد في ذلك. وهناك أيضاً بعض السلبيات من قبل بعض القائمين على هذه الإجراءات التي تصيبك أحياناً باليأس قبل أن تبدأ مشروعك فأنت في حاجة إلى مراجعة الجهة مرات عديدة في كل مرة يطلب منك شيء جديد، إضافة إلى تفسير الأنظمة والإجراءات بطرق مختلفة، فكل جهة تفسر الإجراءات لديها بطريقة مختلفة عن الجهة الأخرى. ألا ترى معي أن أحد أهم عوامل دعم الاستثمار المحلي هو سهولة الإجراءات وتبسيطها، فلمَ لا تكون مبسطة كما هي الحال عند بعض الدول الخليجية والآسيوية؛ إذ يمكن إنهاء إجراءات أولية للبدء بالنشاط ومن ثم تستكمل باقي الإجراءات بالشكل المطلوب؟ ولمَ لا تكون هناك آلية متطورة في إنهاء إجراءات المشاريع الاقتصادية؟ فقد سمعنا الكثير عن الحكومة الإلكترونية ونتمنى أن ترى النور بحيث تستفيد منها جميع شرائح المجتمع بما فيها رجال الأعمال وكل من يرغب في الدخول في المجالات التجارية والصناعية وغيرها. * لننتقل إلى الكوادر البشرية التي تعمل في مجال صناعة العطور الشرقية.. ما المؤهلات أو المهارات أو الخبرات الواجب توافرها عند العاملين في صناعة العطور الشرقية؟ - صناعة العطور عامة والشرقية منها خاصة تحتاج إلى أشخاص يمتلكون خبرة كبيرة ومهارة عالية في المراحل التصنيعية الأولى، أقصد مرحلة التركيب والمزج والنسب الخاصة بها للوصول للمنتج المطلوب. وهي مرحلة يمكن أن تكون ذات طابع مخبري بحثي أكثر مما هي ذات طابع تصنيعي. وهؤلاء الأشخاص قليلون جداً في العدد إن لم يكونوا نادرين. وأما بعد الوصول للمنتج المطلوب فتبدأ العمليات التصنيعية بكميات كبيرة وهنا تأتي التكنولوجيا والعمالة المدربة على تشغيل هذه التقنية في العمليات التصنيعية والتعبئة بعد اعتماد التصميم الخاص بزجاجة المنتج وهذه تعتبر أيضاً من النواحي الفنية العالية في صناعة العطور الشرقية. * هناك العديد من معارض العطور المنتشرة في جميع أنحاء المملكة.. ما فرص العمل التي يوفرها هذا القطاع للشبان السعوديين؟ - أشكرك على هذا السؤال وأرى أن هذا القطاع يستطيع أن يستوعب أعداداً كبيرة جداً من الشبان السعوديين من خلال العدد الكبير لمعارض العطور عامة إذ يمكن أن توفر هذه المحلات الألوف من الوظائف في حال وافقت وسهلت وزارة العمل والعمال أن تفتح ملفات المعارض المنتشرة في أنحاء المملكة من المدينة الموجود فيها المقر الرئيسي لإدارة المعارض (للمنشأة) وبالتالي يتم تسجيل الموظفين السعوديين المنتشرين في معارض العطور في أنحاء المملكة من مكتب العمل المسجل فيه المركز الرئيسي للمنشأة. وكذلك إذا التزمت هذه المحلات ببرامج السعودة، خاصة أن عمليات تسويق وبيع العطر لا تحتاج إلى مؤهلات عليا بل إلى بعض المهارات وبرامج التدريب التي تستطيع الشركات تقديمها للعاملين لديها، وأرى أن ما اتبعته بعض شركات التجزئة في سعودة مراكزها يندرج على شركات تجارة العطور في المملكة. وبالنسبة لنا في (عطر البحرين) وصلت نسبة السعودة في معارضنا إلى أكثر من 60% موزعين في معارضنا ومعظمهم يقومون بأعمالهم بكل اقتدار ونقوم بإرسال البعض منهم إلى المعارض الإقليمية والدولية التي نشارك فيها إلى جانب كبرى الشركات العالمية في هذا المجال.