إن تحريم الإسلام للغلو والعنف والإرهاب واضح وجلي ومسؤولية إيضاح هذا التحريم وآثاره السيئة ونتائجه الوخيمة ليست مقصورة على أجهزة الأمن أو الدولة بل إن رفض ذلك ومعرفة حكمه كان واضحاً من قبل جميع فئات المجتمع والجميع اتفق على رفض الغلو والإرهاب لكونه انحرافا عن جادة الوسطية والاعتدال المستمد من روح الإسلام ولقد كان شعار جميع فئات مجتمعنا بحمد الله الرفض الواضح والجلي لذلك المنهج الدخيل. ولما كان إظهار حكم الإرهاب وآثاره ورفضه سمعة شعبية للمواطنين كانت حملة التضامن الوطني ضد الإرهاب والتي تعقد متزامنة مع المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب والتي تعقد في مدينة الرياض في الفترة من 26-12- 1425ه ولمدة أسبوعين وتشارك فيه أكثر من خمسين دولة.إن هذه الحملة تستمد شرعيتها من قوله تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }سورة المائدة (2).وتبرز دور المواطن والمقيم وجميع فئات المجتمع في دعم ومساندة الجهود التي يبذلها رجال الأمن وأجهزة الدولة لفضح أفكار هذه الفئة الباغية وانحرافها الفكري الذي كان من آثاره الاستهانة بأرواح البشر ومقدراتهم. كما تظهر هذه الحملة هذا المجتمع بجميع فئاته ورفضه للإرهاب والذي لم يأت بدعا من الأمر بل مستندا في رفضه إلى دينه وعقيدته وكتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفتاوى علمائه الراسخين في العلم، لقوله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} سورة المائدة (32) وكقوله عليه الصلاة والسلام -كما رواه مسلم في صحيحه- (من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه) ولقد كان لهيئة كبار العلماء فتاواهم والتي نصت على (أن الإرهاب انحراف فكري وفساد عقدي). وإنني بمناسبة انعقاد هذا المؤتمر والحملة المتزامنة معه لأجدها فرصة سانحة لأدعو جميع أفراد مجتمعنا مواطنين ومقيمين لمواجهة هذا الفكر ورفضه وأن نكون بقدر المسؤولية الملقاة على عواتقنا والتي سنسأل عنها يوم القيامة كل في مجاله فالأب في بيته لابد أن يراقب أبناءه مع من يجلسون وأن يقدم لهم النصيحة الأبوية الصادقة.وكذلك الخطيب في منبره يجب عليه توعية المصلين وتبصيرهم بأمور دينهم ودنياهم سيما في ظل الأحداث الراهنة والتي تتطلب من الجميع التكاتف والتعاون لمواجهتها كما يجب عليه في خطبته إظهار وسطية واعتدال الإسلام مستمدا ذلك من الكتاب والسنة.ويجب كذلك على المدرس في مدرسته وبين طلابه إظهار رفض هذا المنهج وهذا التوجه وبيان حرمته وإيضاح آثاره السيئة التي ظهرت للجميع. كما أدعو إخواني المواطنين والمقيمين لإبلاغ الجهات الأمنية عن كل ما يعتبر دعماً لهذا الفكر ويسبب الإخلال بأمن المجتمع وستظهر هذه الحملة بإذن الله أن الشعب بجميع فئاته يقف صفا واحدا ويدا بيد ضد هذه القلة المنحرفة التي تسعى للإفساد. وخلاصة الأمر فإن حماية ديننا ومعتقداتنا وبلادنا من الإرهاب والغلو واجب على الجميع إبراء للذمة والله أسأل أن يحمي ديننا وعقيدتنا وبلادنا وولاة أمرنا من شر كل غالٍ ومفسد وحاقد، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظ على هذه البلاد دينها وأمنها إنه مجيب الدعاء.