حينما نمضي في ركب الحياة وأحداثها تتجدد صور الخير والعطاء لهذا الوطن الكبير ونشعر في لحظات من التأمل أننا مدعوون بعمق إلى أن نمد لهذا الوطن الغالي على نفوسنا جميعاً أيادي الولاء الصادق ومشاعر الانتماء، وعندما نتوقف لحظات لنواجه الذات في صدق.. وعندما نحاول في صفاء أن نتأمل المسافات الزمنية التي تفصلنا بين ماضٍ ما زال يشدنا وبين حاضر ما زال يدفعنا وبين مستقبل نستشرق من خلاله آمالنا في الغد القادم. فما أخلصك من عيون عندما تجودين بدموعك الغالية من أجل هذا الوطن وما أوفاك من نفوس عندما ترسمين بدمائك الزكية أروع ملامح الاستشهاد لتعانق ثرى هذا الوطن دماء تفوح شذا.. دماء تفوح وفاء.. تسطر قصة الموت والحياة من أجل أن يبقى صوت الوطن فوق الأصوات المعمورة كلها. كما سطرها آباؤنا وأجدادنا قبلنا لتبقى راية التوحيد الخضراء خفاقة تعانق عنان سماء الوطن يا مرفأ الحب والأمان.. حب أبدي راسخ في أعماق أعماقي.. حب لا تطفئ وهجه رياح الزمن ولا تقلبات السنين، فكيف أصف حبي لك؟ أأصفك بارتفاع النجوم وسطوعها أم بشموخ الجبال ورسوخها أم بماذا أصفه؟.. فإنك أكثر بكثير من هذا أو ذاك، فحبي لك لا تصفه كلمات كاتب ولا أبيات شاعر ولا ريشة فنان.. إذن كيف أصف أماً قدمت فلذة كبدها وربيع قلبها من أجل أن يبقى ثراك يا وطني؟.. وكيف أصف أباً يحترق قلبه وهو يرى شريكة حياته وأطفاله ودموعهم تكاد تحرق جفونهم من أجله ويكون فوق هذا يلبي صوتك؟.. وعندما نصل في هدوء إلى مواجهة لسيرنا في أسلوب تعاملنا في تغيير الكثير من أساليب حياتنا. فإننا نجد أنفسنا أمام تساؤل عريض ما هي المواطنة؟؟؟؟ إن المواطنة ليست بطاقة أو وثيقة يحملها الفرد يقدمها في المناسبات والمواقف الرسمية لكي يثبت من خلالها هويته، المواطنة هي أعمق من كونها مجرد إجراءات رسمية وقانونية. المواطنة هي صدق الانتماء لهذه الأرض.. وروح الانتماء يستشعرها كل مواطن في قرارة نفسه ومن خلال عمق الاستشعار فإنه يقدر بذلك أن يحدد المعيار الأمثل والدقيق في صدق وطنيته وانتمائه لهذه الأرض. وعندما نسلم بمبدأ هذا التعريف للمواطنة.. فإن ثمة تساؤلات أخرى تطرح وهي: كيف يكون الفرد مواطناً صالحاً؟ كيف يكون هذا الفرد وافياً لوطنه؟ ماذا بإمكان الفرد أن يقدم لخدمة وطنه؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات تتلخص في عدة أمور منها: أن يكون الفرد ممن يدافع بصدق عن قيمه الوطنية ولا يرضى البتة أن تمس ولو بشعرة، ويدافع عن كل ذرة تراب من وجوده. ويكون أيضاً بالحديث عن أمجاد هذا الوطن والسعي إلى تحقيق تطوره والإسهام الفاعل كل شخص بحسب استطاعته في رفع شأنه فكرياً وأدبياً ومادياً، وعندما تتحقق هذه الأمور في الفرد يتشكل لنا بالتالي أنموذجاً مضيئاً بكل معاني المواطنة الصالحة في أسلوب التعامل والتصرف والاهتمام وعندما ندرك ذلك فإنه يتضح لنا بأن المواطنة لا تتحقق بمجرد الحصول على البطاقة المدنية لأن فارقاً كبيراً لا يزال موجوداً بين روح الولاء وصدق الانتماء لهذا الوطن والإحساس بحب الوطن في عمق الضمير وبين المواطنة بالبطاقة المدنية والأوراق الرسمية فقط. وهناك أمثلة لا تزال حية لنماذج فاسدة وطغمة حاقدة يحملون الهوية لكن هل نعتبرهم مواطنين؟ هل يا ترى سنتأمل في النماذج الوطنية وهل قامت بتحقيق معاني المواطنة أم لا؟ أم نكتفي بالرفض والاستنكار لمعاني ومظاهر الخطأ والعقوق في حق هذا الوطن الكبير الذي لا يزال يمنحنا الحب والطمأنينة وشرف الانتماء إلى كل ذرة تراب من أرضه؟ ولكن تبقى أنت أعز ما نملك سواء كنا في غياهب صحرائك أو في جنان بساتينك، فمحال أم تدوس أرضك أرجل غير أرجلنا وتستمتع عيون برؤياك غير عيوننا.. كتبت من سنا شمس مجدك يا وطني سطوراً تملؤني فخراً بك ونقشت على جدار قلبي حروفك ورسمتك في مخيلتي كوكباً درياً. يا بلسم الجروح ويا منهل الخيرات يمر عام وبعده عام وفي كل عام يزداد حبي لك يا وطني.